كفارة الزنا قبل الزواج

ما هي كفارة الزنا قبل الزواج؟ وكيف تقبل التوبة من الزنا؟ من المعروف أن الزنا واحدًا من الكبائر وأعظم الآثام عند الله، لما فيه من أذى للنفس وانتهاك للعرض وفساد في المجتمع وضياع للنسل والنسب، ولكن يتساءل البعض هل لهذا الذنب من كفارة يمكن إخراجها أو فعلها لكي يمحوه الله أم لا يوجد، وهذا ما سنتعرف إليه بالتفصيل من خلال موقع زيادة.

كفارة الزنا قبل الزواج

إن الكفارة هي الفعل الذي يقوم به الإنسان كضرب من ضروب التوبة على عمل سيء أو ذنب وإثم ارتكبه، ولكن هناك بعض الذنوب التي لا كفارة لها مثلما هو الحال في كفارة الزنا قبل الزواج أو حتى بعده، حيث إن الذنوب التي تصنف كحدود لله وهي محرمة من الأساس لا كفارة لها، إلا أن هذا لا يكون من باب التخفيف عن الآثِم بل لأن الكفارة لا تنفع مع مثل هذه الذنوب.

لا نعني أنه لا توجد كفارة الزنا قبل الزواج أن هذا الذنب لا يمكن التوبة عنه، فإن الله يغفر الذنوب والآثام مهما كثرت وكبرت وتعاظمت إلا أن يشرك به، وبالرغم من أن الزنا واحد من الكبائر ومن حدود الله إلا أن التوبة عنه تقبل، فإن الله غفور رحيم كتب على نفسه الرحمة حتى وإن بلغت ذنوب عبده عنان السماء.

(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [سورة الزمر، الآية رقم 53]

(وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) [سورة الفرقان، الآية رقم 68]

(إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [سور الفرقان، الآية رقم 7]

اقرأ أيضًا: ما هي الكفارة

شروط التوبة من الزنا

إن الزنا هو الزنا أيًا كان وضع المذنب متزوجًا أم غير متزوج، وفي كل الأحوال ليست له كفارة ولكن يمكن التوبة عنه إلى الله تعالى، إلا أن التوبة من هذا الإثم بالذات يلزم لها توافر بعض الشروط لكي تقبل، وتلك الشروط تتلخص فيما يلي:

1- الانتهاء عن الذنب والإقلاع عنه

يجب على الشخص الذي ارتكب جريمة الزنا أو ساعد على فعلها أن يتوب إلى ربه توبة نصوحة، وأن ينتهي تمامًا عن هذا الإثم وأي شيء قد يعينه على ارتكابه مرة أخرى، فمثلًا إذا كانت له علاقات غير مشروعة فعليه أن يقطعها، وإذا كان لديه صورًا أو مقاطع مسجلة أو أي شيء له صلة بهذا الذنب، فيجب عليه أن يتخلص منه ثم يستعن بالله ويقبل عليه بنفس نقية.

2- الندم على الذنب

المعنى المقصود من الندم هو أن يكون الإنسان متحسرًا وآسفًا على ما فعله وأن يكون شديد الحزن والأسى على ما صار إليه، فيجب عليه أن يعترف بذنبه أمام الله وهو في حالة يكسوها التضرع والتذلل والانكسار، والندم يجب ألا يخلو من الكتمان والكتمان هو عكس المجاهرة بهذا الإثم، فإنه إذا جهر بالمعصية متعمدًا ذلك فتوبته لا تقبل.

“عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلُّ أُمَّتي مُعافًى إلا المجاهرين ، و إنَّ من الجِهارِ أن يعملَ الرجلُ بالليلِ عملًا ثم يُصبِحُ و قد ستره اللهُ تعالى فيقولُ : عملتُ البارحةَ كذا و كذا ، و قد بات يسترُه ربُّه ، و يُصبِحُ يكشفُ سِترَ اللهِ عنه”

رواه أبو هريرة، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح الجامع، حكم الحديث: صحيح الإسناد، التخريج: أخرجه الإمام البخاري والإمام مسلم.

اقرأ أيضًا: هل تقبل توبة الزاني دون إقامة الحد

3- اعتزام النية على عدم الرجوع

يجب على من ارتكب إثم الزنا ألا يرجع إلى هذا الذنب مرة أخرى وأن يواصل التوبة ويكون معتزمًا على ألا يعود للزنا مهما كلفه الأمر، وهذا يعد من أهم شروط التوبة لكي يتحقق كمالها، وفي ذلك قال الله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة التحريم، الآية رقم 8]

هناك حالة لا تقبل فيها التوبة عن الزنا، ألا وهي أن يكون الشخص مستمرًا في ارتكاب هذه المعصية ومتعمقًا وغارقًا في هذا الإثم حتى يدركه الموت، وتحين غرغرة وحشرجة الموت والتي تكون فيها الروح في طور الخروج من الجسد وتقف في منطقة الحلق، هنا فقط إذا ما نطق لسان الإنسان وقال تبت إلى الله واستغفره لا تقبل له توبة.

(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) [سورة النساء، الآية رقم 18]

اقرأ أيضًا: شروط التوبة من الزنا

حكم الزنا في الإسلام

إن حكم الشريعة الإسلامية في الزنا من أشرس وأعنف وأحد حدود الله وهو واحد من أكبر الكبائر عند الله، ولقد وضع الله عقوبة واضحة وصريحة لجريمة الزنا سواءً كان المقترف للزنا رجلًا أم امرأة، ولقد ساوى الله بينهما في العقوبة بالدنيا والآخرة فلا فرق بين متزوج أو غير متزوج رجلًا أم امرأة شابًا أم كهلًا.

(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)

[سورة النور، الآيات رقم 2، 3]

لقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من موقف وأكثر من حديث شريف له، إلى مدى عظم جريمة الزنا وغير الجلد كعقوبة للزنا يوجد الرجم كعقوبة أخرى، فمن يزني وهو متزوج أم غير متزوج يمكن معاقبته وفقًا للشريعة الإسلامية برجمه بالحجارة حتى الموت.

“عن أبو هريرة رضي الله عنه قال: أتى رَجُلٌ مِن أسْلَمَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو في المَسْجِدِ، فَنَادَاهُ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ الأَخِرَ قدْ زَنَى -يَعْنِي نَفْسَهُ- فأعْرَضَ عنْه، فَتَنَحَّى لِشِقِّ وجْهِهِ الذي أعْرَضَ قِبَلَهُ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ الأخِرَ قدْ زَنَى، فأعْرَضَ عنْه، فَتَنَحَّى لِشِقِّ وجْهِهِ الذي أعْرَضَ قِبَلَهُ، فَقالَ له ذلكَ، فأعْرَضَ عنْه، فَتَنَحَّى له الرَّابِعَةَ، فَلَمَّا شَهِدَ علَى نَفْسِهِ أرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ فَقالَ: هلْ بكَ جُنُونٌ؟ قالَ: لَا، فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اذْهَبُوا به فَارْجُمُوهُ. وكانَ قدْ أُحْصِنَ. [وفي رواية: عن جَابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ الأنْصَارِيِّ قَالَ:] كُنْتُ فِيمَن رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بالمُصَلَّى بالمَدِينَةِ، فَلَمَّا أذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ جَمَزَ حتَّى أدْرَكْنَاهُ بالحَرَّةِ، فَرَجَمْنَاهُ حتَّى مَاتَ”

رواه أبو هريرة، وحدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري، حكم الحديث: صحيح الإسناد، التخريج: أخرجه البخاري.

قبل أن يسأل أحد المسلمين عن كفارة الزنا قبل الزواج أو حتى بعده، فليضع بعين الاعتبار قبل أن يقبل على ارتكاب هذه الجريمة أن العمر قد لا يمهله حتى يتوب فيقبضه الله على حالته.

قد يعجبك أيضًا