تفسير سورة الفجر للأطفال تثري الحصيلة اللغوية لديهم، وتعزز مهاراتهم من خلال سماع الغريب من الألفاظ وفهم معناه ونَطقه، كما يساعد في غرس القيم والأخلاق الحميدة التي يدعو إليها القرآن، بيد أنه على المعلم أن يراعي التفسير الميسر للأطفال، مما يُعين على الفهم، ويحد من الملل، نُبين ذلك عبر موقع زيادة.
تفسير سورة الفجر للأطفال
أولًا: تفسير الآيات
- وَالْفَجْرِ: أقسم الله عز وجل في بداية السورة بالعديد من الأمور، أولها القسم بوقت الفجر.
- وَلَيَالٍ عَشْرٍ* وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ: والليالي العشر من ذي الحجة، وإنما كان القسم بها دليل على عظم مكانتها وفضلها، كما أقسم الله بكل شفع ووتر.
- وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ: أقسم بالليل الذي يسري بظلامه.
- هَلْ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ: أي أليست تلك الأيمان محل إقناع لمن لديه عقل!
- أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ: يخاطب الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ويحث أمته على الاعتبار بما حدث للأمم السابقة فيقول: ألم تعلم يا محمد ما فعل ربك بقوم عاد؟
- إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ: قبيلة إرم الشهيرة بما لديها من قوة وأبنية مرتفعة، والتي لم يخلق مثل هذه البلدة قط، من حيث قوة البأس وعِظم الأجساد.
- وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ: أي وكيف فعل الله بقوم ثمود، الذين اتخذوا من الجبال بيوتًا.
- وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ: وما فعل الله بفرعون ملك مصر، الذي أعطاه الله من الملك والجنود ما جعله يتجبر، أي فرعون صاحب الجنود الذين ثبتوا له ملكه.
- الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ: هؤلاء القوم قد استبدلهم الله بغيرهم حينما ظلموا وتجبروا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد بظلمهم.
- فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ: كانت عاقبة هؤلاء القوم أن الله صبّ عليهم العذاب صبًّا، واتاهم أشد العذاب.
- رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ: أي إن ربك -يا محمد- لبالمرصاد لمن يعصيه ومن يفسد في الأرض ويتجبر، فإنه لا يهمل أحدًا، وإنما يمهله حتى يأخذه أخذًا شديدًا.
- فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ: يبن الله عز وجل حال الإنسان مع ربه حين يختبره، فإنه إن منع عليه وأبسط له نِعمه ظاهرة وباطنة، وجعل له عيشًا هنيئًا، فيظن أن ذلك لكرامته على الله، فيقول الإنسان: ربي أكرمن.
- وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ: وإذا وقع اختبار الله على الإنسان بالضيق في الرزق، فيظن أن ذلك بسبب هوانه على الله، فيقول: ربي أهانن.
- كَلَّا ۖ بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ: أي كلا ليس الامر كما يظن، وإنما يكون الإكرام من الله عز وجل بسبب ما يفعل العبد من طاعات، والإهانة تكون بسبب المعاصي، ثم بين حال المشركين فقال: أنتم لا تكرمون اليتيم ولا تحسنون معاملته.
- وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ: أي لا يحرص أحدكم على حث غيره على إطعام المسكين.
- وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا: أي تأكلون الحقوق والأموال في الميراث أكلًا شديدًا بغير وجه حق، وتحبون المال حبًا عظيمًا.
- كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا: أي ما كان ينبغي أن يكون هذا هو حالكم، فإذا جاء يوم القيامة وزلزلت الأرض ودًكت وتفرقت.
- وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا: وجاء ربك للحكم بين خلقه، وجاءت الملائكة مصطفّة صفوفًا متتابعة.
- وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ۚ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ الذِّكْرَىٰ: وأوتي في هذا اليوم العظيم بجهنم، حينها يتذكر الكافر ما اقترفه في الدنيا من ذنوب، ولا ينفعه وعظ ولا ندم، فقد فات أوانه!
- يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي: ويقول نادمًا يا ليتني قدمت في الدنيا من الأعمال الصالحة ما ينفعني في حياتي وفي الآخرة.
- فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ: في هذا اليوم العصيب، لا ينفعه ندمه، ولا يقدر أحد أن يدفع عنه العذاب أو يُعذب مثل تعذيب الله لمن عصاه أحدًا.
- وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ: أي لا أحد يوثق مثل وثاق الله في هذا اليوم، ولا يبلغ أحدٌ ما بلغ.
- يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ: يُنادىَ على النفسة الذكية الطاهرة التي عملت بما أمر الله به، وانتهت عما نهى عنه، فيقال: يا أيتها النفس المطمئنة بذكر الله وبالإيمان به، وبما وعد به عباده الأخيار من نعيم.
- ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً: عودي إلى ربكِ راضية بما أعده لكٍ، وبما أنعم عليك به، وبما أكرمه إياه، والله قد رضى عنكِ كذلك.
- فَادْخُلِي فِي عِبَادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي: أي ادخلي بين عباده المؤمنين الصالحين، وادخلي معهم جنتي.
ثانيًا: معاني الكلمات
- (ليالٍ عشر): العشر الأوائل من ذي الحجة.
- (والشفع والوتر): يمين بكل الأشياء ما كان منها مفردًا ومزدوجًا أو حلف بالخلق والخالق.
- (يَسْر): يمضي ويذهب.
- (لذي حجر): لصاحب عقل.
- (إرم): اسم جدهم وبه سمِّيت القبيلة.
- (ذات العماد): ذات الأبنية المحكمة الرفيعة.
- (وثمود): هم قوم صالح عليه السلام.
- (جابوا الصخر): قطعوا الصخور ونحتوا فيها بيوتهم.
- (ذي الأوتاد): صاحب الجيوش.
- (سوط عذاب): ألوانًا شديدة من العذاب.
- (ابتلاه): اختبره.
- (فقدر عليه رزقه): ضيّقه عليه.
- (أهانن): يقول ذلك شاكيًا من الله مع قلة صبره.
- (ولا تحاضُّون): ولا يحث بعضكم بعضًا.
- (وتأكلون التراث أكلاً لما): وتأكلون ميراث النساء والصغار لا تفرقون بين الحلال والحرام منه.
- (حبًّا جمًّا): حبًّا كثيرًا مع الحرص الشديد والبخل.
- (الملك): الملائكة.
- (صفًّا صفًّا): صفوفًا متتابعة.
- (وأنَّى له الذكرى): لا ينتفع بهذا التذكر.
- (يقول يا ليتني قدمت لحياتي): يقول يا ليتني قدمت عملًا صالحًا في الدنيا ينفعني لحياتي الباقية في الآخرة.
- (ولا يوثق وثاقه أحد): يشد الله المجرمين بالسلاسل للعذاب في جهنم.
اقرأ أيضًا: لماذا سميت سورة الفجر بهذا الاسم
فضل سورة الفجر
سورة الفجر من السور المكية بالإجماع، فهي تعد من أوائل السور التي نزلت على رسول الله، لذا فإنها اشتملت على كثير من المقاصد، وكان لها فضل عظيم، ينبغي بيانه حال تفسير سورة الفجر للأطفال.
- أن قراءتها كسائر سور القرآن تزيد من حسنات العبد: ذلك أنه قد روى عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ (الـم) حرفٌ ولكنْ (ألفٌ) حرفٌ و(لامٌ) حرفٌ و(ميمٌ) حرفٌ.
- كما أنها من سور المفصّل، والتي خُصّ بها رسول الله عن سائر الأنبياء، فقد روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ” أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئين، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ.
أسماء سورة الفجر
تُسمى سورة الفجر، ذلك لأنها افتتحت بالقسم بالفجر، فقال تعالى: “وَالۡفَجۡرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ”، وليس لها اسمًا غيره.
سبب نزول سورة الفجر
على الرغم من عدم ظهور سبب في نزول سورة الفجر كاملة، بيد أنه ذكر سبب نزول بعض آياتها، لذا يمكن الاستعانة بسبب النزول عند تفسير سورة الفجر للأطفال، فإنه يساعد على الفهم.
تعددت أقوال العلماء في سبب نزول قوله تعالى “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةَ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً“.
- قيل نزلت في حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وذلك حينما استشهد في غزوة أحد، وهذا قول أبو هريرة.
- البعض يقول إنها نزلت في أبو بكر الصديق، فقد روى ابن عباس عن رسول الله أنه قال: “ابن عباس أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال من يشتري بئر رومة يستعذب بها غفر الله له فاشتراها عثمان فقال هل لك أن تجعلها سقاية للناس قال نعم فأنزل الله في عثمان يا أيتها النفس المطمئنة.”
- قيل نزلت في خبيب بن عدي، والذي رأى من الأذى من أهل مكة ما لا يتحمله أحد، إذ قاموا بصلبه، وهذا قول مقاتل.
- بينما يقول البعض إن هذه السورة نزلت في جموع المسلمين، وهو قول عكرمة.
اقرأ أيضًا: تفسير حلم سورة الفجر في المنام
موضوعات سورة الفجر
اشتملت سورة الفجر على موضوعات ومقاصد عدة، من الواجب بيانها حال تفسير سورة الفجر للأطفال، هي:
- افتتحت السورة بالقسم تأكيدًا لكل عاقل بأن الله سيعذب المجرمين والكافرين.
- بيان الدروس والعبر من خلال ذكر ما نزل على الأمم السابقة بعد التكذيب الرسل، وتذكير المشركين بما أحل على تلك الأمم من عذاب.
- بينت اختبار الله عز وجل لعباده، فتارة يبسط لهم الرزق، وتارة يضيق عليهم فيبتليهم بالفقر.
- فيها بيان لحال الإنسان في الدنيا، وفرقت بين المؤمن والكافر.
- وصف يوم القيامة، وبيان لأهوال هذا اليوم وعظمته، وندم الإنسان في هذا اليوم على مفرط من جنب الله.
- فيها ترغيب وتبشير للمؤمنين أصحاب النفوس الطيبة، وما أعد الله لهم من جذاء ونعيم يوم القيامة.
اقرأ أيضًا: فضل قراءة سورة يس بعد صلاة الفجر
الدروس المستفادة من سورة الفجر للأطفال
- إن القسم بوقت الفجر فيه تعظيم للوقت في الإسلام.
- أن حال الكافر والجاحد أن ينسى ربه وقت الرخاء والبسط، وييأس ويخيب ظنه في الله حال الضيق والحزن والشدة، أما المؤمن فإنه يظن بربه خيرًا في كل الأحوال، إن أعطاه نعمه شكر، وإن ابتلاه صبر.
- الكافر حريصٌ على الدنيا ويحب المال حبًا شديدًا، بينما المؤمن حريصٌ على الآخرة، لذا فإنه يعمل في الدنيا من الأعمال الصالحة ما ينفعه في الآخرة.
نزلت سورة الفجر بعد سورة الليل، وقبل سورة الضحى، وعلى الرغم من قصرها بيد أنها احتوت على معاني إيمانية كثيرة، وكان لها من المقاصد والدروس والعبر ما يزيد الإيمان في القلوب، لذا كان مهمًا تفسير سورة الفجر للأطفال.