الصحابي سعد بن أبي وقاص

الصحابي سعد بن أبي وقاص كان له من التأثير في بداية الدين الإسلامي ما لا يمكن التغاضي عنه، فقد كان رضي الله عنه أحد أعظم أعمدة الإسلام والمحافظين عليه، لذلك ومن خلال موقع زيادة سنتطرق لعرض حياته وأعماله وفُتحاته وصفاته الأخلاقية بشكل تفصيلي، كذلك وعرض بعض المواقف التي توضح لنا مدى قوته وحبه للإسلام

الصحابي سعد بن أبي وقاص

يعتبر سعد بن أبي وقاص من أخوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأسمه بالكامل هو سعد بن مالك بن أُهيب بن عبد مناف بن زهرة وكانت أمه بنت عم أبي سفيان وأسمها حمنة بنت سفيان بن أميّة

كما كان جد الصحابي سعد بن ابي وقاص كان عم السيدة آمنة رضي الله عنها أم الرسول صلى الله عليه وسلم، كانت نشاءة الصحابي في قريش وقام بالعمل في صناعة القسي وبري السهام.؟

ثم برع في الغزو والصيد وكان من ضمن الثمانية الأشخاص الذين سبقوا الإسلام وبعثة الرسول وهم طلحة بن عبيد الله، أبو بكر الصديق، الزبير بن عوام، عثمان بن عفان، عبد الرحمن بن عوف.

دخل الإسلام واعتنقه وهو يبلغ من العمر سبعة عشر عامًا، وأسلم على يد أبي بكر الصديق وكان من أوائل المهاجرين إلى المدينة مع الرسول صلى الله عليه وسلم واصطفاه الله بأنه من أحد العشرة المبشرين بالجنة.

اقرأ أيضًا: لماذا اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ

قصة إسلام سعد بن أبي وقاص

واجه الصاحبي العديد من الأزمات والعقبات من المشركين ومن والديه عندما أعلن إسلامه، حيث إن أمه غضبت منه كثيرًا ووقف أمامه وطلبت منه أن يرتد عن دينه ولكنه أبى وتجاهل رد فعلها ولا تفلح محولتها معه، إلا عندما حلفت عليه وقالت له إنها لن تشرب ولن تأكل باقي حياتها إلا عندما تسمع خبر تركه للإسلام.

فقالت له إن دين الإسلام أوصاك بأهلك خيرًا فانت لا تطيع كلامي فأنا أمك وأمرك بذلك وجلست ثلاثة ليالي دون طعام ولا شراب، ولكنها تعبت وفقدت الوعي فقام أبنها بسقيها ماء وعادت للأكل والشرب بعد أن يأست منه

كما أنه لقى محاربة من المشركين بسبب اعتناقه الإسلام وعنفوه ومنعوه هو والمسلمين من الطعام وعانوا من الجوع الشديد، كما أنهم مروا بظروف قاسية، حتى أنهم من شدة الجوع قد اضطروا لأكل ورق الشجر كما ذكر في الحديث الشريف وكُنَّا نَغْزُو مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وما لنا طَعامٌ إلَّا ورَقُ الشَّجَرِ، حتَّى إنَّ أحَدَنا لَيَضَعُ كما يَضَعُ البَعِيرُ أوِ الشَّاةُ

[الراوي سعد بن أبي وقاص: المصدر صحيح البخاري]

مر بهذه الصعاب مدة طويلة هو وجميع المسلمين في البداية، ولكن تغير كل شيء بعدما أثبت قوة إيمانه، وكرمه الله وعوضه عمى حدث له هو ومن معه.

صفات الصحابي بن أبي وقاص

تحلى الصحابي بالعديد من الصفات الجميلة التي ميزته عن باقي الصحابة وجعلت أسمه يبرز في تاريخ الدولة الإسلامية وتبقى ذكراه حتى الآن، كما أنه له العديد من الفضائل ومنها ما يلي:

  • بشره النبي بالشهادة كما ذكر في الحديث الشريف اثبُت حِراءُ، فما علَيكَ إلَّا نبيٌّ، أو صدِّيقٌ أو شَهيدٌ وعدَّهم رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أبو بَكْرٍ، وعمرُ، وعثمانُ، وعليٌّ، وطَلحةُ، والزُّبَيْرُ، وسَعدٌ، وابنُ عوفٍ، وسعيدُ بنُ زيدٍ

[الراوي سعيد بن زيد: المصدر صحيح ابن ماجه]

  • كان الصحابي الجليل يتمتع بصفات محمودة ومنها التواضع فكان قريب من جميع المسلمين ويجلس ويستمع إليهم وعطوف عليهم ويقدم لهم يد العون دائمًا ويدافع عنهم، وكان يفتخر بعربيته ولا يهتم بالشكليات والمظاهر الخادعة ويركز على المضمون.
  • كان طيب القلب ولا يحمل أي ضغينة أو كره أو حقد في قلبه.
  • كان يستجيب الله لدعوته سريعًا وكان معروف عنه أنه من الصحابة مستجابة الدعوى وهذا تم ملاحظة بعدما دعا له الرسول أن تكون دعوته مستجابة.

فتأكد سعد بن أبي وقاص من هذا الأمر عندما كان يجلس مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ودخل عليهم رجل مظلوم يريد حقه من الرجل الذي ظلمه، فدعا له سعد بن ابي وقاص وبالفعل استجاب الله له وزال البأس عن الرجل ورجعت حقوقه له مرة أخرى.

  • معروف بشدته وقوته الجبارة وشجاعته وعدله، لأنه كان يرجع ويعطي الحقوق لأصحابها وزاهدًا للحياة لا يهتم بشهوات الدنيا ومغرياتها.
  • معرف بأنه يحب التسامح والصفح وكانت هذه الصفات والخصال أهم ما يميز الصحابي سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه بالإضافة إلى أنه كان حليم وكثير التصافح والعلم في الدين والحياة.
  • أتصف بالورع مما هناك دليل على هذه الصفة وهي أنه تنحى عن القيادة والخلافة.
  • كان كثير البكاء كنوع من الخشوع والخوف من الله عز وجل وخوفًا إذا كان يقترف معصية أو ذنب.

اقرأ أيضًا: من هو قاتل عثمان بن عفان

كفاح سعد بن أبي وقاص

يعتبر الصحابي سعد بن أبي وقاص أحد اهم المسلمين الذين رموا سهامهم من أجل الجهاد في سبيل الله، فقد ضحى بحياته من أجل الإسلام وشارك في العديد من الغزوات برفقة الرسول ومنها غزوة الفتح وغزوة أحد وغزوة خيبر وتبوك وبدر والخندق.

كما أنه حظا بثقة الرسول وكان يعتمد عليه في العديد من الأمور، خاصةً الأمور الخاصة مثل أنه كان من أحد الشهود في صلح الحديبية، وعندما جعله يذهب مع الزبير بن العوام يستطلعون ماء بدر.

بالإضافة إلى ذلك الدخول في العديد من الغزوات بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، والكثير من المعارك أيضًا وخرج مع أبي بكر لمقابلة الأعراب الذين حاول غزو المدينة بسبب اطماعهم بعد خروج جيش أسامة.

تولى قيادة الجيش في بلاد العراق وفارس وشارك في معركة القادسية وتمكن من مهاجمة الأعداء والانتصار عليهم بقوته وشجاعته الجبارة وهزم الفرس بالفعل في تلك المعركة.

شجاعة وعزيمة سعد بن أبي وقاص

أطلق الإمام الذهبي تعبير جميل على الصحابي سعد بن أبي وقاص ووصفه بأنه فارس الإسلام، ووصفه الإمام ابن كثير بأنه كان فارسًا شجاعًا ولا يهاب شيء.

أكبر دليل على شجاعته أن الصحابي كان لا يغلق بابه ابدًا في يوم القادسية خاصةً عند اشتداد الحرب وكان حينها مريض ولكنه كان يتصدى لكل المخاوف والهجمات فوقف مثل الأسد الشجاع.

فكان معروف عنه حبه الشديد للإسلام وأنه مستعد للتضحية بروجه وجيده فداءً للإسلام، وكان يحمي النبي في غزوة أحد ويقتل أي عدو يقترب له، مما جعله أبي بكر حارس وحامي المدينة أثناء حرب الردة وأيضًا عند محاربة الفرس ودخول المدائن.

كما أن عمر بن الخطاب أمير المؤمنين عندما أراد اختيار رجل يتعين من بعده في قيادة الجيش الذاهب للعراق، قام باستشارة بعد رجال الدين والصحابة جميعهم اختاروا ورجحوا الصحابي سعد بن أبي وقاص لقوة شخصية القيادية وقوة بنيانه، ولقب في براثنه بالأسد، لأنه يحمل جميع صفات الأسد في مواجه العدو والحروب وأخذ الثأر.

مواقف تدل على شجاعة الصحابي

هناك الكثير من المواقف التي تدل على شجاعة الصحابي الجليل وتفوقه وحبه للإسلام هذا ما سنعرضه من خلال سرد بعض الواقف بشكل توضيحي ومنها:

  • شعر النبي بأرق في ليلة الغزو وتمنى بأن يوجد رجل من الصحابة يعينه في القتال ومهاجمة الأعداء والمشركين، وهذا ما أكده قول أم المؤمنين السدية عائشة في حديثها الشريف أَرِقَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقالَ: لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِن أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ، قالَتْ وَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلَاحِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن هذا؟ قالَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ: يا رَسولَ اللهِ، جِئْتُ أَحْرُسُكَ. قالَتْ عَائِشَةُ: فَنَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ”  [صحيح مسلم]
  • كان لا يخطئ أبدًا في رمي السهاب ونظرة كانت ثاقبة، وهذا ظهر عندما كان يجمع سهامه ورأى أشخاص قادمة في غزة الخندق تأذي المسلمين ببعض الكلمات وهناك شخص من المشركين تعدى على مسلم بالتجريح في دينه.

فرماه بسهم وأصابه في جبهته المغطاة وكانت دمائه أول دماء نزفت في المعركة من مقابل إهانته للدين، فهو من الصحابة المتميزين في رمي السهام وكلما يرمي أحد من الأعداء بسهم اصابه.

  • كان هناك رجل من المشرقين يريد إحراق المسلمين ويدبر لهم المكايد رآه النبي وقال في حديثه يا سعدُ! ارْمِ، فداك أبي وأمي”  [الراوي على بن أبي طالب: المصدر صحيح جامع]

فرمى سعد بن أبي وقاص المشرك بسهم وقتله، فضحك الرسول من رد فعل سعد بن أبي وقاص السريعة، كما تكررت هذه الواقعة في غزوة أحد عندما كان يناول الرسول السهام لسعد ليضرب ويصيب المشركين.

اقرأ أيضًا: معركة قادها سعد بن أبي وقاص

مواقف أخرى دالة على شجاعة سعد بن ابي وقاس

كان للصحابي الجليل العديد والعديد من المواقف التي تدل على مدى شجاعته وبسالته في القتال، ومن تلك المواقف ما يلي:

  • ظهرت قوة الصحابي سعد بن أبي وقاص عندما تولى قيادة الجيش بدلًا من عمر بن الخطاب فقام بفتح المدائن وهزم الفرس وأهم المدن التي فتحها هي مدينة كسرى وبني كوفة.
  • ظهر موقفه عندما حدث خلاف بين الصحابة، فأخذ جانبًا ولم يقترف أي رد فعل مما يدل على تقواه وورعه.

عندما جاء رجل من رجال المسلمين سأله عن رأيه في القتال قال السيف هو من يحدد هذا كافر أم مسلم.

  • هناك قصة أخرى تدل على اعتزاله للفتنه وهي عندما جاء ابنه عمر يقول “أعوذ بالله من شرّ هذا الراكب” فحذره من أن يجرح شخصًا بكلامه وأن لا داعي لذلك حتى لا تكون سبب في فتنه ونصحه بألا يقول ذلك مرة أخرى، لأن الرسول نهانا عن ذلك وقال عن الله يحب العبد التقي الخفي والغني.
  • كان ثابت يوم غزوة أحد ويقاتل بكل عزيمته عندما يشتد القتال فكان يقف في أوائل صفوف المسلمين دفاعًا عن الإسلام.

وصية الصحابي سعد بن أبي وقاص

قام الصحابي بتوصية المسلمين وابنه بشيئين قبل وفاته وهما:

1– وصية سعد ابن أبي وقاص عند الموت

عندما أقترب موت وفات وتعبه الشديد شعر بأنه سيرحل فأوصى المسلمين بأن يُكفن بٌجبة من الصوف.

عندما شعر بالاحتضار كان يجلس في حجر ابنه مصعب ورأي ابنه يبكي كثيرًا فحاول سعد رفع رأسه وسأله ابنه ما الذي يبكيك رد عليه بما أرى بك فرد عليه الصحابي لا تبكِ فالله سيكرمني وإني من أهل الجنة.

2- وصية سعد بن أبي وقاص لأبنه

حذر الصحابي ابنه وقال له إياك والكبر وان الكبر فهو مدمر لحياة الفرد ويجعله مكروه ممن حوله وينفرون منه، كما أن التواضع من صفات الرجال التقيين وأن عليه التقرب من الناس ويكون متواضع ليحبه أهل السماء.

وأصواه أيضًا بأن يحسن الضوء عند الصلاة وأن يصلي صلاته كأنه أخر صلاة وسيقابل ربه بعدها وأن يبتعد عن الطمع والجشع حيث شبه الطمع بالفقر الحاضر وعيه أن يعمل بجد ولا يؤجل أعماله او يتأخر عنها، فالعمل عبادة يجب أن يحسنها.

اقرأ أيضًا: من هو الصحابي الذي كان مجاب الدعوة؟

وفاة سعد بن أبي وقاص

توفى الصحابي سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه في منطقة قريبة من المدينة بسبعة اميال وهي منطقة العقيق، وكان وقتها من يقيد الخلافة الإسلامية معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وكان في عام 55 هجريًا وتم دفنه في البقيع.

التاريخ الإسلامي به كثير من الشخصيات المؤثرة في الدين وفي الإنسانية ومن أهم الصحابي سعد بن أبي وقاص، لما قدمه لأمة الإسلام والمسلمين.

قد يعجبك أيضًا