خطبة محفلية عن الصداقة

خطبة محفلية عن الصداقة توضح مدى أثر الصديق في حياة صديقه تعتبر من أهم ما قد يقال على منصة التكريم في أي محفل يضم شباب سواء كانت حفلة تخرج أو مؤتمر رياضي…، ذلك لعظم أهمية جماعة الأصدقاء في توجيه الفرد إلى الصواب أو الخطأ، بل أن اللبنة الثانية في بناء مستقبل الإنسان بعد الأسرة هم الأصدقاء.

فكما يقول علماء التربية أن الأصدقاء هم أول ما يختار الطفل في حياته، يتعلم منهم ويعلمهم وبهم تمتزج ثقافات الأسرة المختلفة، لذلك في هذا الموضوع على موقع زيادة نقدم خطبة محفلية عن الصداقة مستقاة من الجانب الإنساني الاجتماعي ومن التعاليم الدينية السوية.

خطبة محفلية عن الصداقة

لكي تقدم خطبة محفلية عن الصداقة يجب الوضع في الاعتبار الجمهور المتلقي لتقديم الأدلة والبراهين المناسبة له، كما أنه يجب أيضًا اعتبار الموقف، فالخطب المحفلية ليست مثل خطب الجمعة في البناء الرأسي والفواصل والاستراحة والمقدمة والخاتمة، كذلك طول فترة الخطبة يعتمد على مقام إلقائها.

مقدمة خطبة محفلية عن الصداقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أتشرف بالوقوف أمام سيادتكم اليوم في حفلٍ هو الأقرب إلى قلبي، أرى فيه براعم شابة تنير المستقبل وآباء هم الأخوة الذين نتعلم منهم معاني التربية السليمة، نحمد الله تعالى على ما وصلنا إليه ونستعين به على ما قدره لنا في المستقبل أما بعد…

نص خطبة محفلية عن الصداقة

أبنائي الأعزاء، إخوتي وأخواتي الآباء قد فطر الله تعالى الإنسان على أنه يميل إل الرفاق والأصدقاء، كما فطر الأم على حب أولادها والرحمة بهم؛ وهذا هو الناموس الطبيعي لا يخرج عنه إلا هالك أو به عطب.

كما جعل الله نفس الإنسان تفرق الأصدقاء إلى مجموعات فهذا صديق خليل دائم الرفقة والمصاحبة وذلك صديق عام عابر في حياة الإنسان كل منهم له دور في حياة ونفس صديقه، وهذا الدور متبادل بين الإثنين فلا نجد مؤثر إلا أن يكون متأثر.

فكما نظم الإسلام وأرشد الإنسان إلى اختيار الزوجة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ” (صحيح البخاري 5090)، نظم أيضًا طريقة المسلم في اختيار أصدقائه وأنار له الطريق وعليه إعمال عقله فلم يحدد له الصديق بعينه.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: خطبة عن الصداقة حقوق وواجبات وعوامل نجاحها

اختيار الصديق في السنة

أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اختيار الصديق بدقة متناهية لأنه يؤثر في ذات الشخص إما بالإيجاب أو بالسلب فعن أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الرجلُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم من يُخالِلُ” (صحيح الترمذي 2384)

أي أن الإنسان على دين صاحبه الذي يلازمه في كل أفعاله ومعيشته فيجب على الإنسان الاختيار بدقة من هذا الصديق، لعظم الأمر استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم لفظ (دين) بالطبع ليس الدين الذي هو الإسلام أو غير ذلك ولكنه الدين بمعنى السلوك والتصرف والأخلاق.

في حديث آخر رواه الصحابي أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تصاحبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكلْ طعامَك إلا تقيٌّ” (صحيح أبي داود 4832).

في هذا الحديث أيضًا يرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى مصاحبة المؤمنين لأنهم يؤثرون في الشخصية ويرشدون الإنسان إلى طريقهم.

كما شدد على اختيار الصديق الذي يدخل البيت فاستخدم أسلوب الكناية (لا يأكل طعامك) فالصديق القريب الذي تدعوه إلى منزلك لا بد أن يكون تقي يراعي الله؛ فيدخل بيتك أعمى ويخرج منه أبكم، لا ينظر إلى داخل بيتك عن شيء فيحسدك عليه أو إلى أهلك بما يسيء إليك، ولما يخرج من بيتك لا يحدث أحد بما رأى فيه.

اختيار الصديق في القرآن

في مواطن عدة من القرآن الكريم أشار الله جل علاه إلى أهمية اختيار الصديق، ففي سورة الكهف قال: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)”

في هذا الآية الإشارة واضحة على ضرورة اختيار الصديق التقي المؤمن الوفي، والبعد عن الصديق الذي يتبع هواه ولا يرى لحياته هدف سوى الخوض في ملذات الحياة.

كما أن سورة الكهف في إحدى القصص العظيمة التي تناولتها وجهت أذهاننا إلى هذا الموضوع الهام، فقصة أصحاب الكهف ما هم إلا أصدقاء جمعتهم كلمة الحق واختاروا بعض على أساس الصديق الجيد الذي يتقي الله، وبذلك نجاهم الله في الحياة الدنيا وفي الآخرة وجعلهم آية إلى يوم الدين.

الطريف أيضًا في قصة أصحاب الكهف أن حتى الحيوان الذي كان يرافقهم نجى بصحبتهم، فكأن الصداقة الطيبة هي هالة تحيط كل ما حولها بالخير والنجاة، ولا ننسى أن هذا الحيوان كان كلب، والذي يُعد أوفى الأصدقاء للإنسان.

حتى في قصة سيدنا موسى عليه السلام والعبد الصالح، كانت رحلة من أجل مصاحبة رجل صالح في طريقه ليتعلم منه، وقد كان له ذلك من مجرد صحبته لفترة وجيزة، فما بالك بمن يصاحب إنسان لعقود من الزمن، فبجانب العديد من الدروس المستفادة من سورة الكهف كان اختيار الصديق من أهم الدروس الذي نخرج بها.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: خطبة عيد الفطر للنبي وسنن الصلاة

اختيار الرفيق العابر

حتى الصديق العابر الذي تجلس معه بضع ساعات كل فترة لا بد من اختياره بدقة، فبه إما أن ينالك خير أو يصيبك سوء ولهذا الأمر قد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم باختيار الجليس بدقة.

ففي الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صاحِبِ المِسْكِ وكِيرِ الحَدَّادِ، لا يَعْدَمُكَ مِن صاحِبِ المِسْكِ إمَّا تَشْتَرِيهِ، أوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ، أوْ ثَوْبَكَ، أوْ تَجِدُ منه رِيحًا خَبِيثَةً” (صحيح البخاري 2101)

في هذا الحديث الشريف قد استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب التشبيه بشيءٍ مادي يراه الإنسان ويشعر به بحواسه حتى يقرب المعلومة إلى أذهان المتلقي، أسلوب تربوي ممتاز يدرس في كبرى كليات التربية.

فقد شبه الجليس الصالح ببائع المسك، لم يقل الصديق؛ فقط الجليس الذي تجلس معه في مكان، فبائع المسك وجه الشبه بينه وبين الجليس الصالح هو:

  • تشتري منه مسك: تطلب منه أن يعلم شيء من الصلاح في الدين أو الدنيا.
  • يصيبك مما يبيع دون قصد: أن تتعلم منه دون قصد، فالعقل الباطن يرى الحسن ويقلده بالمعاشرة، فمثلًا تجده يقطع حديثكم في وقت الصلاة ليذهب إلى المسجد؛ إذا كنت تؤخر الصلاة أو تسهى عنها سيذكر ذلك بها، ويلتقط لسانك بعض من ألفاظه وذكره لله.
  • تشم رائحة طيبة: عندما ترى صلاحه وحسن تعامله مع الناس وتقواه لله تشعر بالسعادة وتحمد الله على وجود أمثاله في الدنيا، أو تكسب سمعة طيبة بين الناس بمجالسة ذلك الرفيق الصالح.

خطر مجالسة أصدقاء السوء

استكمالًا لما سبق… فقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم جليس السوء بكير الحداد الذي يخرج شرارة (قديمًا كانت الحدادة مهنة صعبة بها نار وأداة لإشعال النار وإدخال الهواء على مرجل الفحم تسمى كير، ودخان وطَرق شديد… )، فوجه الشبه بين الكير وبين جليس السوء هو:

  • يُحْرِقُ بَدَنَكَ: يعلمك سوء ما يفعل فتصير مثله، واستخدم الرسول صلى الله عليه وسلم حرق جسم في إشارة واضحة على نتيجة مجالسة صديق السوء هذا والتعلم منه في الآخرة.
  • يحرق ثوبك: يصيبك بعض ما يعمل دون أن تشعر فقط التكلم معه ورؤيته فيما يفعل، حتى إن لم يعلمك فسترى طرق جديدة على نفسك لمعصية الله أو ينسيك وقت الصلاة مثلًا، أو يحبب لك الشيطان ما يفعل فتحاول أن تقلده وأنت وحدك.
  • تَجِدُ منه رِيحًا خَبِيثَة: حتى إن لم تتعلم منه فستصيبك سمعته السيئة بحكم أنك تجالسه، وإن ارتكب مصيبة أول شريك محتمل له في أعين العامة والقانون هو صديقه الذي نراه يجلس بجواره دائمًا.

لذلك يجب على المرء أن يختار حتى البشر الذين سيجلس معهم في مكان لبعض الوقت.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: خطبة عن ليلة القدر ودلائل على وجودها والحكمة من إخفاء توقيتها

دور الآباء في اختيار الأصدقاء

مما لا شك فيه أن للأهل دور هام في اختيار أصدقاء أولادهم لا فقط اختيار أصدقائهم هم، فلا يدع الأب أبنه لعواطفه وعقله غير الناضج في اختيار أصدقائه، لكن يكون الاختيار بالتوجيه والقدوة الحسنة وباللين وبالحيلة، لا بالإجبار فالنفس تهرب مما تُجبر عليه.

خاتمة خطبة محفلية عن الصداقة

لا أريد أن أطيل عليكم، ونشكركم أشد الشكر على حسن استماعكم واعتذر عن أي خطأ قد وقع مني، ندعو الله أن يحفظ أبنائنا من صديق السوء، وختام قولي أَنْ الصلاة والسلام على سيد المرسلين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

خلاصة الموضوع في 5 نقاط

في تقديمنا لنص خطبة محفلية عن الصداقة قد تعرضنا لعدة مضامين نحو:

  1. إن لكل مقام مقال، فنموذج خطبة المحافل يختلف اختلاف جزري عن خطبة الجمعة.
  2. الرسول صلى الله عليه وسلم قد حذرنا من صديق السوء.
  3. الصديق العابر الذي نجلس معه لبضع ساعات كل فترة لا تقل أهمية اختياره عن الصديق الدائم.
  4. الإنسان قد يكتسب سمعة طيبة أو سمعة سيئة من مجرد مجالسة شخص ورؤيته بجواره.
  5. للآباء دور هام جدًا في اختيار أصدقاء أبنائهم.
قد يعجبك أيضًا