تعريف السنة عند علماء العقيدة

تعريف السنة عند علماء العقيدة الإسلامية بالمعنى العام للعقيدة أعم وأشمل من تعريف السنة عند الأصوليين، ويختلف أيضًا عن معنى السنة عند الفقهاء، أما علماء الحديث فقد نظروا إلى السنة من منظور آخر، بخلاف تعريف السنة عند علماء العقيدة بالمعنى الخاص في تصنيف العلوم الإسلامية؛ فكل طائفة من العلماء قد عرفوها وفقًا لعلمهم وهكذا ظهر لنا الكثير من التعريفات الصحيحة..

في هذا الموضوع على موقع زيادة سنتناول تعريف السنة عند علماء العقيدة وعند علماء الأصول وعند المحدثين مع أدلة كل فريق.

تعريف السنة عند علماء العقيدة

تعريف السنة عند علماء العقيدة

قبل الولوج لبحر تعريف السنة عند علماء العقيدة لا بد أن نستعين في إبحارنا بالمعنى اللغوي للسنة، المعنى الأصلي للكلمة (مجردة) في اللغة العربية.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما هي السنة وتعريف وأقسام السنة النبوية

المعنى اللغوي للسنة

نرى في معجم لسان العرب (6/ 399) ومعجم تاج العروس (9/ 243) أن السنة هي الطريقة المتبعة والسيرة التي يتبعها الآخرون سواءً كانت حسنة أو سيئة.

قد وردت السنة بهذا المعنى اللغوي في القرآن الكريم وفي الحديث النبوي نحو:

  • قول الله تعالى: ” سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا” (الإسراء 77)

  • في الحديث النبوي الذي رواه جرير بن عبد الله قال: “مَنْ سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حسَنةً فلهُ أجرُها، وأجرُ مَنْ عمِلَ بِها من بعدِهِ، من غيرِ أنْ يُنقَصَ من أُجورِهمْ شيءٌ، ومَنْ سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً سيِّئةً فعليهِ وِزرُها، ووِزرُ مَنْ عمِلَ بِها من بعدِهِ، من غيرِ أنْ يُنقَصَ من أوْزارِهمْ شيءٌ” (صحيح الجامع 6305)

المعنى الاصطلاحي العام للسنة

إطلاق كلمة “السُّنة” بالتعريف عند السلف والصحابة الكرام يراد بها الطريقة التي كان يتبعا النبي صلى الله عليه وسلم في اتباع الأوامر الإلهية.

أما العلماء المتقدمين قد عرفوا السنة وفقًا للمبادئ التي يتبعونها وغرضهم العلمي، فاختلاف الأغراض أدى إلى اختلاف التعريف، وأغراضهم هي:

  • علماء الحديث: غرضهم البحث عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا الله تعالى باتباعه، ولذلك اهتموا بكل ما يُنسب إلى النبي من قول أو فعل أو تقرير، مع إثبات إذا كان هذا الفعل عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا مع التأكيد على درجة صحته ومنزلته من القبول والرد.
  • علماء أصول الفقه (الأصوليين): البحث عن المصادر الشرعية التي يؤخذ عنها الأحكام الفقهية في الشريعة الإسلامية وهي في علومهم ترتيبها الثاني بعد القرآن الكريم على النحو التالي:
  • القرآن الكريم
  • السنة النبوية
  • الإجماع
  • القياس
  • المصادر الفرعية التابعة للكتاب والسنة:
  • قول الصحابي
  • الاستحسان
  • سد الذرائع
  • الاستصحاب
  • العرف
  • شرع من قبلنا
  • المصالح المرسلة
  • علماء الفقه: تحديد الحكم الشرعي لأعمال العباد ضمن الأحكام التكليفية:
  • فرض
  • واجب
  • مندوب (مستحب)
  • مباح
  • مكروه
  • حرام
  • علماء الوعظ: الاهتمام بالأوامر الشرعية فما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم هو السنة وما استحدث في الدين خلاف ذلك فهو بدعة.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: عدد السنة في ايران وتعريف السنة والشيعة

تعريف السنة اصطلاحًا عند المحدثين

قد قام علماء الحديث بتعريف السنة بأنها “أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وصفاته الخِلْقِية والخُلُقية، وسائر أخباره”.

عندهم السنة ترادف الحديث (المرفوع)، ودليلهم على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو من قال عما يأتي على لسانه غير القرآن الكريم باسم (السنة) وذلك في خطبة الوداع فعن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ الشيطانَ قد يَئِسَ أن يُعبَدَ بأرضِكم، ولكن رضِيَ أن يُطاعَ فيما سِوى ذلك مما تُحاقِرون من أعمالِكم، فاحْذَروا، إني قد تركتُ فيكم ما إن اعتصمتُم به فلن تَضِلُّوا أبدًا، كتابَ اللهِ، وسُنَّةَ نبيِّه” (صحيح الترغيب 40).

لذلك هناك العديد من الكتب التي تصنف الأحاديث النبوية المرفوعة باسم “السنن” مثل:

  • سنن أبي داود.
  • سنن الترمذي.
  • سنن النَّسائي.
  • سنن ابن ماجه.
  • سنن الدار قطني.

أضاف بعض علماء الحديث على الحديث السابق أن السنن أيضًا يدخل بها أقوال الصحابة وأفعالهم وذلك استنادًا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم:

“عليكم بسنتي وسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِييْنَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بها، وعَضُّوا عليها بالنَّوَاجِذِ، وإيَّاكُم ومُحْدَثَاتِ الأمورِ؛ فإِنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ” (أخرجه أبو داود 4607).

بعض علماء الحديث قالو إن السنة هي ما كان يجري عليه العمل بين المسلمين في الصدر الأول في الإسلام، ولهذا سمى الحافظ البيهقي كتابه في الحديث باسم “السنن الكبرى” رغم أنه يتضمن بين طياته أوائل الصحابة وفتاويهم.

هذا أرجح الأقوال في تعريف السنة عند أهل الحديث كما قال السيد نوح في كتابه (شفاء الصدور في تاريخ السنة ومناهج المحدثين صـ 8: 13)

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم الصبر؟ وما فضله في القرآن والسنة؟

تعريف السنة اصطلاحًا عند الأصوليين

يرى علماء أصول الفقه أن السنة هي ما تدل على التشريع، فهي المصد الثاني في التشريع بعد القرآن الكريم كما وضحنا في أغراض علمهم لذلك قد عرفوا السنة بأنها:

“أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأفعاله، وتقريراته، التي يُسْتدَلُّ بها على الأحكام الشرعية” (والإحكام في أصول الأحكام؛ للآمدي 1/ 127)، ونفس تعريف الشوكان في (إرشاد الفحول صـ: 33).

هذا التعريف يشير إلى طريقة علماء الأصول في فهم الدين الإسلامي والعمل به وفهم النصوص الشرعية، فقد استثنوا من تعريف علماء الحديث أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم وتقريره لأفعال الصحابة التي تُعد من الخصائص البشرية للرسول صلى الله عليه وسلم التي لا تفيد في الأحكام الشرعية التي يتعبد بها الناس.

تعريف السنة اصطلاحًا عند الفقهاء

يرى الفقهاء أن السنة هي: “ما ثبَت طلبه بدليلٍ شرعي، من غير افتراض ولا وجوب؛ مثل: تقديم اليمنى على اليسرى في الطهارة، ومثل الركعتين قبل الظهر” كما عرفها الشوكاني في (إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول).

السنة عند الفقهاء تقابل معاني المندوب والمستحب وهي الأعمال التي يثاب الإنسان على فعلها ولا يُعاقب على تركها، وهي أحد الأحكام الشرعية عندهم كما أوضحنا سابقًا.

تعريف السنة اصطلاحًا عند علماء الوعظ

يرى علماء الوعظ أن الألسنة هي ما تقابل البدعة، فعندنا يصفون فعل على أنه على السنة فيردون أنه يوافق شرع الله عز وجل، وإذا قالوا إن فعل على بدعة فإنه العمل يخالف الشريعة الإسلامية الكلية، ومن هذه العقيدة تم تسمية الأعمال، مثل قول الفقهاء: “طلاق السنة” إذا كان موافق للشريعة و”الطلاق البدعي” إذا خالف الشريعة.

اعتمدوا في هذا التعريف على أقوال السلف مثل قول ابن عباس: “الاقتصاد في السنة خيرٌ من الاجتهاد في البدعة”، ومن أقوال علماء الوعظ في هذا الباب: “ما أحدث قومٌ بدعة إلا أضاعوا مثلها من السُّنة”

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: مذهب أهل السنة في السعودية ونبذة عن الفقه السني

تعريف السنة اصطلاحًا عند علماء العقيدة

المقصود بعلماء العقيدة هنا هم العلماء الذين يدرسون في العقيدة التابعة للشريعة الإسلامية وليست العقيدة بالمعنى العام للشريعة (الذين يُسمون علماء الإيمان أو علماء التوحيد).

تعريف السنة عند علماء العقيدة هي ما تم نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم ودل عليه دليل من القرآن أو من قاعدة فقهية، فيعتبرونها مقابل للبدعة

استنادًا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “عليكم بسنتي وسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِييْنَ مِنْ بَعْدِي ، تَمَسَّكُوا بها، وعَضُّوا عليها بالنَّوَاجِذِ ،وإيَّاكُم ومُحْدَثَاتِ الأمورِ؛ فإِنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ” (أخرجه أبو داود 4607).

بذلك نكون قد تناولنا تعريف السنة عند علماء العقيدة بالمعنى العام والمعنى اللغوي لكلمة السنة، بجانب التعريف الاصطلاحي للسنة عند علماء فروع الشريعة الإسلامية وأدلتهم على هذا التعريف، ندعو الله أن يكون قد وفقنا والصلاة والسلام على سيد الخلق.

قد يعجبك أيضًا