ما حكم سجود السهو

ما حكم سجود السهو؟ وما رأي الأئمة الأربعة في هذا الصدد؟ سجود السهو هو السجود الذي يكون قبل التسليم إذا نسي الشخص واجبًا من واجبات الصلاة، أو سنة من سنن الصلاة، مثل التسبيح في الركوع، أو في السجود، أو نسيان قراءة التشهد الأول، وقد اختلفت آراء العلماء، والأئمة الأربعة في حكم سجود السهو، ومن خلال موقع زيادة سوف نتعرف على إجابة سؤال ما حكم سجود السهو.

ما حكم سجود السهو

سجود السهو واجب على المسلم إذا نسي سنة من سنن الصلاة أو واجبًا منها، ويقال فيها ما يقال في السجود العادي وهو (سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات) ويجوز سجود سجدة السهو قبل التسليم أو بعده، وهذا ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عمران بن الحصين حين قال: (أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- صلَّى بهم، فسَها فسجَد سجدتينِ، ثمَّ تشهَّدَ، ثمَّ سلَّم)، حديث صحيح مصدره تخريج سنن أبي داود.

لذلك فإن سجود السهو إذا نسي العبد سنة من سنن الصلاة أو واجبًا منها ولا يكون إذا نسي ركنًا من الصلاة، فعليه أن يعيد الركعة ثم يسجد في نهاية الصلاة سجود السهو.

إذًا فسجود السهو واجب؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسجد سجود السهو إذا نسي شيئًا في الصلاة، ودليل على ذلك حديث عبد الله بن مسعود قال (صَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَزَادَ، أوْ نَقَصَ، قالَ إبْرَاهِيمُ: والْوَهْمُ مِنِّي، فقِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، أزِيدَ في الصَّلَاةِ شيءٌ؟ فَقالَ: إنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أنْسَى كما تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيَ أحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وهو جَالِسٌ، ثُمَّ تَحَوَّلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ)، حديث صحيح، مصدره صحيح مسلم.

أغلب أنواع سجود السهو تكون قبل التسليم، إذا سجد لشكه في صلاته أصلى أربع ركعات أم ثلاث، أو إذا نسي التشهد الأوسط، أو زاد ركعة في صلاته، وإذا نسي العبد ركنًا من أركان الصلاة مثل الركوع أو السجود، فإنه يعيد الركعة ويأتي بالركوع أو السجود ويكمل صلاته، ثم يسجد سجدة سهو في نهاية الصلاة.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا شَكَّ أحَدُكُمْ في صَلاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أمْ أرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ ولْيَبْنِ علَى ما اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، فإنْ كانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ له صَلاتَهُ، وإنْ كانَ صَلَّى إتْمامًا لأَرْبَعٍ كانَتا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطانِ) حديث صحيح، رواه أبو سعيد الخدري، مصدره صحيح مسلم.

اقرأ أيضًا: متى يكون سجود السهو

آراء الأئمة الأربعة في حكم سجود السهو

تعددت الأقوال والآراء في المذاهب الأربعة في حكم سجدة السهو بعد الصلاة المفروضة أو قبل التسليم، وقد بنو آرائهم على أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان الرأي الأكثر تفصيلًا لما حكم سجود السهو، هو رأي الإمام أحمد بن حنبل، وسوف نعرض لكم آراء أئمة المذاهب الأربعة في حكم سجود السهو، وذلك لتوضيح ما حكم سجود السهو.

1- المذهب المالكي

رأى الإمام مالك في سؤال ما حكم سجود السهو أن سجود السهو سنة مؤكدة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويقوم بها الإمام، إذا نسي شيئًا من الصلاة، كما يقوم بها المُصلي الذي يصلي منفردًا، أما إن نسي المأموم مثلًا أن يذكر التشهد الأوسط، فينتظر حتى انتهاء الإمام من صلاته ويسجد سجدتي سهو بعد إنهاء صلاته مع الإمام.

2- المذهب الحنفي

أكد الإمام أبو حنيفة بوجوب سجود السهو إذا نسي المصلي سنة أو ركنًا من صلاته، ويترتب على عدم سجود السهو إثم كبير لصاحبه، ولكن صلاته لا تكون باطلة.

قد أكد على رأيه بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (إنَّهُ لو حَدثَ في الصَّلاةِ شيءٌ أنبأتُكُم بِهِ ولَكِن إنَّما أَنا بشَرٌ أَنسى كَما تنسونَ فإذا نَسيتُ فذَكِّروني وقالَ إذا شَكَّ أحدُكُم في صلاتِهِ فليتحرَّ الصَّوابَ فليُتمَّ عليهِ ثمَّ ليسلِّم ثمَّ ليسجُدْ سَجدتَينِ) حديث صحيح، رواه عبد الله بن مسعود، مصدره صحيح أبي داود.

احتج الإمام أبو حنيفة بوجوب سجود السهو؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم يتركوا سجود السهو بل كانوا يواظبون عليه إذا نسوا شيئًا من صلاتهم، وزاد حجته بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (لكلِّ سهوٍ سجدتان بعدما يُسلِّمُ) حديث حسن.

3- المذهب الشافعي

كان رأي الإمام الشافعي أقرب إلى المذهب المالكي في معرفة ما حكم سجود السهو، حيث يرى أن سجود السهو سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجب اتباعه، وإذا نسي الإمام شيئًا في الصلاة، فلا يقوم المأموم بسجود السهو لنفسه، إذا يتحمل الإمام ذلك السهو، ويسجد سجدتي السهو لنفسه وللمأمومين.

4- المذهب الحنبلي

يعد من أكثر المذاهب تفصيلًا في الإجابة على سؤال ما حكم سجود السهو، فقد ذكره الإمام أحمد بن حنبل في ثلاث حالات:

  • وجوب سجود السهو إن نسي المصلي ركنًا من أركان الصلاة، مثل الركوع أو السجود، أو إذا ماشك في صلاته هل زاد ركعة أو نسي ركعة، وواجب أيضًا سجود السهو إذا أخطأ في قراءة الآية فإنه بذلك يغير معنى الآية سهوًا دون علم، كذلك إذا نسي واجبًا من واجبات الصلاة مثل التشهد الأوسط وغيره.

أكد على حكمه بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه عبد الله بن مسعود حين قال (صَلَّى بنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ خَمْسًا، فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، أزِيدَ في الصَّلَاةِ، قالَ: وما ذَاكَ؟ قالوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا، قالَ: إنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أذْكُرُ كما تَذْكُرُونَ وأَنْسَى كما تَنْسَوْنَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ) حديث صحيح، مصدره صحيح مسلم.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عمران بن الحصين: (سَلَّمَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، مِنَ العَصْرِ، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الحُجْرَةَ، فَقَامَ رَجُلٌ بَسِيطُ اليَدَيْنِ، فَقالَ: أقُصِرَتِ الصَّلَاةُ يا رَسولَ اللهِ؟ فَخَرَجَ مُغْضَبًا، فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الَّتي كانَ تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، ثُمَّ سَلَّمَ) حديث صحيح، مصدره صحيح مسلم.

  • سجود سهو سنة لمن أضاف قولًا في الصلاة في غير موضعه مثلًا إن قال أثناء صعوده من الركوع الله أكبر.
  • سجود السهو مباح لمن يترك سنة من سنن الصلاة، فإذا نسي العبد مثلًا قول سبحان ربي الأعلى في السجود، أو سبحان ربي العظيم في الركوع، أو نسي دعاء الاستفتاح، فيباح له سجود السهو بعد الصلاة أو قبل التسليم.

اقرأ أيضًا: كيفية سجود الشكر للنساء

موضع سجود السهو

اختلف العلماء، وأصحاب المذاهب الأربعة في تحديد موضع السجود، هل يكون بعد التسليم من الصلاة أم قبل التسليم، ولكن من المعلوم أن سجود السهو هو سجدتان بينهما جلسة، ويقال فيهما ما يقال في السجود العادي وهذا ما اتفق عليه العلماء، وأصحاب المذاهب الأربعة.

الأحاديث كثيرة في موضع السجود، لذلك اتفق العلماء أن سجود العبد لكل سهوه بعد الصلاة أو قبل الإسلام فهو جائز، وسوف نعرض لكم فيما يلي آراء الأئمة الأربعة في تحديد موضع السجود، ويحق لك أن تتفق مع أحد الآراء وتتبعه، وسوف نتعرف على الآراء فيما يلي، وذلك استكمالًا لموضوع مقالنا ما حكم سجود السهو.

1- المذهب الشافعي

قال الإمام الشافعي إن سجود السهو يكون قبل التسليم بعد التشهد الأخير مهما اختلف سبب السجود، وهذا الحكم يجري على الإمام أو المنفرد، مع وجود نية سجود السهو، أما المأموم فلا يجب أن يحمل نية سجود السهو؛ لأن الإمام يكتفي بنية مأمومه، والنية لا تكون لفظية؛ لأن محلها القلب.

2- المذهب المالكي

قال الإمام مالك -رحمه الله- إن الإنسان إذا نقص من الصلاة فيكون سجود السهو بعد التشهد الأخير قبل السلام، أما إن كان سبب سجود السهو بسبب زيادة زادها المصلي في صلاته، فيسجد سجدتي السهو بعد الصلاة.

لا يهم وجود نية المصلي في سجوده للسهو إن كان سجود السهو قبل التسليم؛ لأنها بذلك تكون جزءًا من الصلاة، وتجب نية سجود السهو إن كانت بعد الصلاة لأنه بذلك يكون قد خرج عن الصلاة.

3- المذهب الحنفي

ورد عن الإمام أبو حنيفة في مذهبه أن سجود السهو دائمًا يكون بعد السلام، أي بعد انتهاء الصلاة، ووجب في سجود السهو نية المصلي به، لأنه بذلك يكون قد خرج عن الصلاة.

4- المذهب الحنبلي

فصل الإمام أحمد بن حنبل موضع سجود السهو، فكان غالب الأمر أن يكون السجود بعد التشهد الأخير قبل السلام، لكنه استثنى سببين يكون السجود فيهما بعد إتمام الصلاة:

  • الأول: أن يكون الانسان قد نقص ركعة أو زاد ركعة في صلاته.
  • الثاني: إذا شك في شيء من صلاته وغلب عليه ظنه.

أكد على قوله بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (إنَّما أنا بشرٌ أنسى كما تنسونَ فإن نسيت فذكِّروني وأيُّكم ما شكَّ في صلاتِه فليتحرَّ أقربَ ذلك للصوابِ فليُتمَّ عليه ويسلمْ ثم يسجدْ سجدتينِ) حديث صحيح، رواه عبد الله بن مسعود، مصدره مسند أحمد.

هل يجوز سجود السهو بعد الصلاة بفترة

اختلفت آراء المذاهب الأربعة في إجازة سجود السهو بعد إتمام الصلاة بفترة، وسوف نعرف في الأسطر القادمة، هل يجوز سجود السهو بعد الصلاة بفترة أم لا، وذلك في إطار موضوع تقديم ما حكم سجود السهو.

1- المذهب الحنبلي

يرى الإمام أحمد بن حنبل أن الإنسان إن كان عازمًا على الإتيان بسجود السهو بعد إتمام الصلاة، أو بعد التشهد الأخير قبل السلام، ولم يأت به بسبب نسيانه، فلا تبطل صلاته، أما إن لم يكن يريد الاتيان بسجود السهو قبل السلام، أو بعد إتمام الصلاة، فتبطل صلاته.

2- المذهب الحنفي

قال الإمام أبو حنيفة في ذلك أن العبد لا يسجد سجود السهو إذا قطعت نيته في الصلاة، أو قطع بحديث شخص ما، أو خرج من المسجد، أما إذا نسي بعد الصلاة سجود السهو وكان في المسجد فيمكنه أن يسجد سجدتي السهو.

3- المذهب المالكي

قام الإمام مالك بالتفريق بين سجود السهو القبلي وسجود السهو البعدي، فقال إن سجود السهو البعدي، يمكن للمصلي أداءه إذا تذكره في أي وقت، أما القبلي فيجب على المصلي أن يسجده قبل خروجه من مسجده أو مصلاه.

4- المذهب الشافعي

يرى الإمام الشافعي أن سجود السهو يسقط عن العبد إن طال في الوقت بين انتهاء الصلاة وسجود السهو، وذلك لأن نيته قد قطعت عن الصلاة.

اقرأ أيضًا: ما حكم سجود السهو في الصلاة؟

هل هناك سجود سهو في صلاة التطوع؟

سجود السهو أمرنا الله به على لسان رسوله الكريم لجبر النقص أو الزيادة الواقعة في الصلاة، وقد وضح العلماء أنه لا خلاف في سجود السهو في صلاة النافلة أو صلاة الفرض، فواجب سجود السهو إذا نسي العبد في النافلة أيضًا.

سئل الإمام أحمد بن حنبل عن حكم سجود السهو في صلاة التطوع، أو النافلة، فأقر بسجود السهو فيهما، وذكر في كتاب مسائل حرب الكرماني قول ابن عباس: (إذا أوهم في التطوع سجد سجدتي السهو).

قال بن قدامة في كتاب المغني: (وحكم النافلة حكم الفرض في سجود السهو، في قول عامة أهل العلم، لا نعلم فيه مخالفا، إلا أن ابن سيرين قال: لا يشرع في النافلة، وهذا يخالف عموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين).

لذلك يجوز سجود السهو إذا نسي العبد شيئًا من الصلاة في النوافل، لأن صلاة النافلة، وصلاة الفريضة، يتشابهون في حكم سجود السهو.

سجود السهو يعد واجبًا وفقًا لما كان يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا نسى شيئًا من صلاته، وإذا اتبع شخص رأي من آراء الأئمة الأربعة فلا يأثم على ذلك لأن كل الآراء صحيحة.

قد يعجبك أيضًا