لماذا سميت سورة يونس بهذا الاسم

لماذا سميت سورة يونس بهذا الاسم؟ وما هي أسباب نزولها؟ فإن هذه السورة تعد بمثابة أول سورة في المصحف الشريف تحمل اسم أحد أنبياء الله من حيث الترتيب مقارنةً بما قبلها من السور، لذا سنجيب لكم من خلال موقع زيادة عن سؤال لماذا سميت سورة يونس بهذا الاسم.

لماذا سميت سورة يونس بهذا الاسم

تعد سورة يونس من السور المكية أي التي أنزلها الله عز وجل على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة قبل الهجرة، وعدد آياتها 109 آية، وترتيبها في المصحف الشريف يكون السورة العاشرة.

أما ترتيبها بالنسبة لباقي السور هو الترتيب الحادي والخمسون، فإن آياتها عرضت بعض الحقائق والمعجزات التي لا بد من أن نأخذها في عين الاعتبار ونتعظ بها في سائر حياتنا.

فهي سورة عظيمة للغاية، ولكن قبل التطرق إلى معرفة جميع المعلومات عن هذه السورة استوقفنا سؤال توارد طرحه من قِبل بعض الأشخاص وهو لماذا سميت سورة يونس بهذا الاسم.

فالسبب وراء طرح هذا السؤال هو أن هذه السورة تعد أول سورة في المصحف الشريف سميت باسم أحد الأنبياء عليهم السلام وهو سيدنا يونس من حيث ترتيب السور وليس من حيث ترتيب النزول.

فإن سبب تسميتها بهذا الاسم هو تناول آياتها قصة سيدنا يونس، وهو أحد أنبياء الله عز وجل من بني إسرائيل مع قومه، وإفرادها بالحديث عن العذاب الأليم الذي توعد الله به هؤلاء القوم بسبب كفرهم بالله وتكذبيهم برسوله.

اقرأ أيضًا: فضل سورة طه للزواج وعلاج السحر وفضل قرائتها يوميا

أسباب نزول الله عز وجل لسورة يونس

بعد أن تعرفنا على إجابة سؤال لماذا سميت سورة يونس بهذا الاسم، حان الآن أن نتطرق في الموضوع بشكل أكثر، من خلال حديثنا عن أسباب نزول هذه السورة.

فإن أهل التفسير قالوا إن سبب نزولها واضح في موضعين، وهما الآية الثانية، والآية الخامسة عشر من سورة يونس، وفي السطور التالية سوف نذكر لكم الآيتين والأسباب:

السبب الأول لنزول سورة يونس

قال تعالى: (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ۗ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ) [يونس: 2].

فهذه الآية نزلت عندما أرسل الله عز وجل سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم-  فعجب أهل مكة بسبب أن النبي عليه الصلاة والسلام كان بشرًا مثلهم، حيث إنه برأيهم قالوا إن الله عز وجل أعظم من أن يكون رسوله من البشر مثله كمثل الباقية.

بعض المفسرين برزوا معنى جملة قدم صدق في هذه الآية، حيث إنهم قالوا إن ابن عباس أشادا على أن معناها الأجر على الأعمال الصالحة، بينما الضحاك فسرها على أنها معناها ثواب صدقهم.

أما بالنسبة للحسن فقد قال إن هذه الجملة معناها أن هناك عمل صالح قد أسلفوه وسوف يقدمون عليه، وكان لزيد بن أسلم رأى آخر، حيث إنه قال إن هذه الجملة يقصد بها شفاعة رسول الله – صلى الله عليه وسلم-.

كما قيل أيضًا أن المقصود منها منزلة رفيعة عالية، إلى جانب أن عطاء قال إن معناها مقام صدقٍ لا زوال له، والله أعلم.

السبب الثاني لنزول سورة يونس

قال تعالى: (وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ…) [يونس: 15].

نُزلت هذه الآية في 5 من أفراد المشركين من قريش، وهم العاصي بن عامر، وعبد الله بن أبي أمية، ومكرز بن حفص، والوليد بن المغيرة، وأيضًا عمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري.

ذلك حينما طلبوا من رسول الله سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- أن يأتي لهم بقرآن كريم آخر يكون على أهوائهم أي لا يأمرهم بان يتركوا عبادة الأصنام والأوثان والتي من أشهرها اللات، والعزى، وكذلك مناة.

كما طلبوا من النبي – صلى الله عليه وسلم- أن يبدل الآيات المتعلقة بالعذاب بآيات أخرى تنص على الرحم، وأن يكون الحلال والحرام يتلاءم مع أهوائهم.

لكن الله عز وجل أوحى إلى رسوله – صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهم أن القرآن أُنزل عليه من وحي الله، وما له إلا أن يأتي بما أمره، فيأمرهم بما أمر، وينهاهم عما نهى، فالأمر كله بيد الله عز وجل وما محمد إلا رسول الله.

اقرأ أيضًا: عدد كلمات سورة التوبة

المقاصد التي وردت في آيات سورة يونس

كما أسلفنا الذكر عند إجابتنا عن سؤال لماذا سميت سورة يونس بهذا الاسم، أن آيات هذه السورة تناولت قصة سيدنا يونس ـ عليه السلام ـ مع قومه، وبينت مدى عفوه ولطفه عندما رفع عنهم العذاب بعد إيمانهم.

إلى جانب ذلك الأمر فإن سورة يونس تناولت العديد من المقاصد الأخرى كالدعوة، والموعظة، وأيضًا الترغيب، ففي النقاط التالية سوف نذكر لكم مقاصدها:

  • وضحت سورة يونس ضرورة توحيد الله عز وجل في ألوهيته وعظمته، وأيضًا علو شأنه، إلى جانب أنها برزت كيفية تدبيره ورحمته لعباده.
  • شملت سورة يونس بيان عن الكتاب المنزل على رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كما أنها شملت أيضًا بيانًا عن عقيدة الإيمان بكتاب الله عز وجل بعد الإيمان به وبرسله.
  • توضح السورة نبوة ورسالة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم-.
  • سعت سورة يونس إلى دفع المشركين الذين شككوا في رسالة النبي – صلى الله عليه وسلم- وكذلك في القرآن الكريم.
  • بينت السورة العجز الذي أصاب لسان المشركين الذين نزل بهم القرآن على أن يعارضون آياته، فعلى الرغم من أن حروف آيات القرآن الكريم كانت من حروف كلام هؤلاء المشركون إلا أنهم لم يستطيعوا المجيء بمثله لأنه من عند الله عز وجل.
  • تهدف السورة إلى عرض بيان عن الأعمال الصالحة التي ينبغي الانسياق وراءها، كما توضح بيان عن صفات وعادات وأخلاق البشر الجيدة والمذمومة.
  • تعرض السورة بيانًا عن حكمة الله عز وجل وقدرته على الإيقاع بالكافرين وتعذيبهم نتيجة كفرهم وتكذبيهم به وبالرسل.

قصة سيدنا يونس عليه السلام

من الجدير بالذكر ونظرًا للتساؤل عن لماذا سميت سورة يونس بهذا الاسم فإننا في السطور التالية سوف نذكر لكم أحداث قصة نبي الله يونس باعتبارها السبب وراء تسمية هذه السورة بذلك الاسم.

1- بيان عن قوم سيدنا يونس

كان سيدنا يونس عليه السلام ينتمي إلى سلالة النبي يعقوب، وكانت من بني إسرائيل لكن الله عز وجل لم يرسله إليهم لهدايتهم، بل أرسله إلى الآشوريين، حيث إنهم كانوا يتواجدون حول نهر دجلة وما محيط به.

من أبرز المدن التي كان يتواجد فيها الآشوريين هي مدينة نينوي وآشور، حيث إنهما كان يقعان في مقابل الموصل، وقد سعي الآشوريون إلى تأسيس حضارتهم من خلال السيطرة على عدة شعوب مختلفة بالحرب والعدوان.

كما أنهم كانوا ملهيون في عبادة الأصنام لا سيما الصنم الأكبر الذي اعتبروه بمثابة إله لهم وهو صنم آشور، وسمي بهذا الاسم نسبةً إلى ملكهم الذي كانوا يعبدونه أيضًا.

فأرسل الله عز وجل سيدنا يونس لكي يدعوا الآشوريين في عاصمتهم نينوي للإيمان بالله عز وجل وتوحيده وترك عبادة الأصنام، والبعد عن العادات السيئة ومعاملة الناس بالظلم والعدوان.

2- رد فعل الآشوريون تجاه دعوة سيدنا يونس

صمم الآشوريون على اتباعهم لأعمال الضلال والفساد، حيث إنهم لم يستجيبوا لدعوة سيدنا يونس لهم، ولم يشرعوا في الدخول إلى الإسلام وملء قلوبهم بالإيمان.

بل إنهم تمسكوا بعبادة الأصنام والملوك، لكن النبي يونس عليه السلام لم ييأس وظل يدعوهم للهداية ويذكرهم بالله عز وجل.

اقرأ أيضًا: لماذا سميت سورة الأعراف بهذا الاسم؟

3- غضب سيدنا يونس ووقوع العذاب على قومه

استكمالًا لتوضيحنا إجابة سؤال لماذا سميت سورة يونس بهذا الاسم، فإننا سوف نستطرد في عرضنا لأحداث قصة سيدنا يونس باعتبارها هي الإجابة التي يدور حولها موضوعنا هذا.

فعندما دعا سيدنا يونس قومه للإيمان ولكنهم عاندوه ورفضوا دعوته، غضب غضبًا شديدًا وأنذرهم بأن الله عز وجل سوف يقع عليهم العذاب بعد خروجه بمدة ثلاثة أيام.

فلما تيقن الآشوريون من نزول العذاب بالفعل ندموا على كفرهم وضلالتهم، ولجأوا إلى الله عز وجل للاستعانة به والتضرع له.

فكشف عنهم العذاب ونزلت الآية بقوله عز وجل حاكيًا عن قوم يونس عليه السلام: (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ) [يونس، 98].

لكن المفسرون اختلفوا بشأن نجاة جميع قوم يونس وإيمانهم بالله، وقالوا إن هذا الإيمان ليس نافعًا لهم في الآخرة مثلما نفعهم في الدنيا، لكن ابن كثير قال إن قوله تعالى إلى حين يدل على أنه ليس هناك امتناع من رفع العذاب عنهم في الآخرة.

أما بالحديث عن غضب سيدنا يونس، فإنه خرج من القرية غاضبًا بسبب نفاد صبره، لكن الله عز وجل عاتبه على تعجله بترك قومه مع استمرارهم في التكذيب ورفض الإيمان.

4- ركوب سيدنا يونس السفينة والقرعة

بعد أن غضب سيدنا يونس عليه السلام وترك قومه ذهب إلى البحر وركب سفينة بهدف الابتعاد عن قومه مطلقًا، وعندما ولجت السفينة في البحر، توقفت، وذلك بسبب تأثير الموج المرتفع عليها وعلى حركتها، وبسبب ثقل ركابها.

فهنا اتفق الركاب على أن يخففوا حمل السفينة من خلال إلقاء أحدهم في البحر، وقاموا بعمل قرعة، وكل ما كان يظهر اسمه يتم إلقاءه في البحر، فخرج اسم سيدنا يونس مع هذه الأسماء.

فأعدوا إجراء القرعة لأنهم كانوا لا يريدون أن يلقوا به في البحر بسبب ما عُرف عنه من حسن الأخلاق والصلاح، لكن في آخر الأمر اضطروا إلى إلقائه في الماء بسبب وقوع القرعة أكثر من مرة عليه.

5- حال سيدنا يونس داخل بطن الحوت

عندما تم إلقاء سيدنا يونس عليه السلام في البحر أرسل الله عز وجل حوتًا كبيرًا فالتقمه داخل بطنه، وأمره ألا يكسر عظام يونس أو يأكل لحمه.

مكث سيدنا يونس عليه السلام داخل بطن الحوت وتيقن حينها أن الله عز وجل رحمه فسجد له شاكرًا، حيث إنه قيل إنه بقي في ظلمات البحر والليل وبطن الحوت لمدة ثلاث أيام.

6- دعاء سيدنا يونس داخل بطن الحوت

دفعنا التساؤل عن لماذا سميت سورة يونس بهذا الاسم إلى الخوض في سرد أحداث قصة يونس، وها نحن سوف نستطرد حديثنا.

فبعد أن مكث سيدنا يونس في بطن الحوت شعر بالانكسار والخضوع إلى الله عز وجل وحينها دعا دعاء ما وأنزله الله في كتابه العزيز وذلك في قوله تعالى (ذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء: 87].

فهذا الدعاء دل على توحيده لله عز وجل واعترافه بتقصيره، وكان السبب في نجاته فيما بعد.

7- استجابة الله عز وجل لدعاء سيدنا يونس

استجاب الله عز وجل لدعاء سيدنا يونس فأمر الحوت أن يخرجه من بطنه ويلفظه على الشاطئ، وحينها أخرج الله تعالى شجرة اليقطين لكي يتغذى منها بسبب ضعفه.

اقرأ أيضًا: من هو ذا النون؟

8- عودة النبي يونس لقومه

بعد أن خرج سيدنا يونس عليه السلام من بطن الحوت أرسله الله عز وجل مرة أخرى لقومه لكي يدعوهم مجددًا للإيمان، فاستجابوا لدعوته.

سميت سورة يونس بذلك الاسم لأنها تناولت قصة سيدنا يونس مع قومه وركزت على العذاب الذي تلقوه وكيفية نجاتهم منه، وهذه هي الإجابة عن سؤال لماذا سميت سورة يونس بهذا الاسم.

قد يعجبك أيضًا