هل مريض ثنائي القطب مرفوع عنه القلم

هل مريض ثنائي القطب مرفوع عنه القلم؟ وما أعراض الإصابة بهذا المرض؟ وهل يُصنف كمرض نفسي؟ إن الله تعالى خبير وعالم بعباده، وهناك العديد من الأشخاص غير مُلزمون بالطاعات، ولكن هل ينطبق هذا الأمر على مريض ثنائي القطب؟ هذا ما سنُجيب عنه من خلال موقع زيادة.

هل مريض ثنائي القطب مرفوع عنه القلم

مريض ثنائي القطب مريض مُحير للغاية، إذ لا يُعرف نفسه يُصيب العقل أم الجسد، وهل هو أقرب إلى الجنون، حيث ينتاب المريض أعراض الحيرة وعدم الراحة لعدم ثبات انفعالاته التي يُسببها للمحيطين به الذين لا يفهمون ولا يستطيعون تخمين انفعالاته ولا معرفة ما يرضيه وما يُغضبه وبالتالي يعانون معه جدا مثل معاناته أو تزيد.

بالنسبة للحالة الإيمانية يحدث نفس التأرجح وبشدة فأحيانًا يكون ملتزمًا بصيام التطوع وصلاة الليل وفي أحيان أخرى يترك الصلاة بالكلية ويفطر في نهار رمضان وهو أيضًا لا يُبالي بما يفعل وكأنه لم يفعل شيء مخالفًا فيسأل المحيطين به هل مريض ثنائي القطب مرفوع عنه القلم؟ أم لا وهل يُطالب بأداء العبادات ويحرص المحيطون به على حثه عليها أم لا؟

رفع القلم أي رفع التكليف ورفع الحساب، أي أن المرفوع عنه القلم هو الذي لا يسأل عن تقصيره يوم الحساب لأنه لم يكن في التوقيت ذاته مكلفا بشيء فالعقل مناط التكليف والقدرة تستلزم المسئولية فإن انتفت القدرة انتهت المسئولية، فرفع القلم معناه المعافاة من السؤال عن التكليف يوم القيامة.

لكن ما يُثير حيرة مريض ثنائي القطب وحيرة الأهل المحيطين أنهم لا يتخيلون أن هذا العبقري الموهوب النشط يُمكن أن يُسأل عنه بمثل هذا السؤال، فرفع القلم عن المجنون، ومريضهم هذا من أعقل الناس وأكثرهم حكمة وإبداعًا، فكيف يتم التحدث عنه بصفة الجنون!

ففي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ” رواه أبوداود في السنن وصححه الألباني في كتابه صحيح أبي داود، وفيه بلغنا رسول الله ان رفع القلم وعدم كتابة فعل المحرمات وترك المأمورات لا يتم على أصناف ثلاثة وبينهم.

فالذين لا يتم سؤالهم عن أي منكر قام بارتكابه وعلى أي مأمور به تركوه هم الطفل الصغير لأنه لم يتم تكليفه بالعمل فكيف يحاسبه الله وهو أصلا لم يكلفه!، وعن النائم حتى يستيقظ ففي فترة النوم لا يكلف المسلم بعمل، وعن المجنون حتى يفيق.

 اقرأ أيضًا: هل يشفى مريض ثنائي القطب

ما هو مرض ثنائي القطب؟

بعد أن تمكنا من التعرف على إجابة سؤال هل مريض ثنائي القطب مرفوع عنه القلم، يجدر بنا ذكر أن مرض ثنائي القطب، يُسمى الاضطراب الوجداني، كما لا يعرفه الكثير من الناس ولا ينتشر بينهم بل إن 85 % من الحالات المُصابة به حسب دراسة لبنانية أكدت أن حتى المرضي به لا يعرفون اسمه.

فضلًا عن المعلومات الضرورية والهامة الخاصة به وتنتقل بهم الحالة النفسية من الابتهاج والسرور المبالغ فيه إلى الحزن الشديد في دقائق معدودة، وخلافًا للظن الذي يكون لبعضنا أن الأمراض النفسية أو العصبية أو حتى العقلية يمكن أن تُصيب فئة محددة قليلة التفكير وقليلة الإمكانيات.

فإن هذا المرض هو ابتلاء من الله ويصيب المبدعين المميزين أكثر من غيرهم فغالبا أكثر المبدعين من الكتاب المميزين والرسامين العظماء كانوا أسري لهذا المرض دون أن يعلموا حقيقتهم المخيفة والمؤلمة.

فالرسام الهولندي فينست فان غوخ والشاعر الأمريكي ذائع الصيت إدغار آلان بو والكاتب الأمريكي الشهير إرنست همينغوي وغيرهم من مبدعي العالم العربي كثيرون كانوا أسري ذلك المرض فمنعهم عن اكمال ابداعهم في دراستهم ومنعهم عن أداء كثير من الأعمال التي يحبونها فضلا عن إطلاق العنان لإبداعاتهم.

كما ينتشر المرض في جميع أنحاء العالم بنسبة من خمسة الى ثمانية بالمائة وهو رقم جدا مخيف إذ يقترب عددهم من نصف مليار مريض حول العالم، وأبرز ملامحه هو الشعور بالسعادة والحزن في آن واحد فيبكي بكاء شديدا ثم يضحك ويبتسم ابتسامة عريضة في أوقات متقاربة لا فاصل بينهما.

سبب الحيرة في الحكم

القضية سهلة ومحسومة في الفئات الثلاث ولا يوجد خلاف فيها، إنما تكون هو الحيرة في طبيعة المصاب بالمرض فالحيرة دائمًا وأبدًا في مريض ثنائي القطب نفسه لا في الحكم الإسلامي، فهو ليس مجنونًا فهو عاقل تام العقل وأيضًا يتعرض لبعض النوبات التي تسيطر عليه وتجعله غير مسئول عن تصرفاته.

إنما يزيد الحكم صعوبة أن مرضه هذا لا توجد لشدته علامات ولا أمارات فيعلم الله وحده ما يمر به مريض ثنائي القطب ولا يكاد أحد يفرق حتى المريض نفسه بين النوعين من الشدة بين الاضطراب الخفيف والاضطراب الحاد، ولا يمكن معرفة هل مريض ثنائي القطب مرفوع عنه القلم في ذلك الوقت أم مسئول مسئولية كاملة.

المشكلة الأكبر أيضًا عند مرادتهم بأفكار الانتحار هل بالفعل هم مسئولون عنها أم هم غير مسؤولين فالأفكار الانتحارية تسيطر على تفكير معظمهم أثناء النوبات الاكتئابية الحادة التي تصيبهم وربما استطاع أحدهم ان ينفذ هذه الأفكار فهل مسئول عن هذا القرار أم لا.

أيضًا مريض ثنائي القطب يكون في أغلب أحواله قريبًا جدًا من إدمان المخدرات أو المشروبات الكحولية فإلى أي مدى هو مسئول عن تلك الأفعال وهل يتعرض للوم المجتمع ولوم من يرفه على هذه التصرفات أم لا، فهو بالفعل يعاني نسأل الله أن يرفع عنه مُعاناته.

 اقرأ أيضًا: هل مريض ثنائي القطب يقتل

مريض ثنائي القطب والزواج

يُمكن أن يتزوج مريض ثنائي القطب بل على العكس يمكن أن يكون زوجًا محبوبًا لطيفًا جدًا ومؤثرًا في حياة زوجته وداعمًا لها بشرط ألا يكون في نوبة من النوبات، فالتقلبات المزاجية تصيب كل الناس ولا تؤثر على الحياة الزوجية فلا بُد لكل طرف من تحمل تقلبات الطرف الآخر المزاجية لكي تسير بينهما مركب الحياة.

لكن التقلبات المزاجية لدى مريض ثنائي القطب حادة ومؤثرة وبها عواصف مدمرة لأي علاقة، فلا يمكن أن تستوعب زوجة أو زوج ما يحدث في تلك الفترة من تقلبات مزاجية تصيب المريض وبالتالي ان كان الطرف المريض او اهله يعرفون بالمرض فلابد من باب الأمانة أن يخبروا به من ينوي الزواج بها.

فحق الطرف الآخر أن يعرف لكي يكون قراره مدروسًا وعلى علم وبينة ولكي يقرر التحمل أو عدم إتمام العلاقة إن شاء، ولأمر آخر هو ربما أكثر أهمية، وهو أن هذا المرض فيه نسبة وراثية عالية، وبالتالي فالأبناء مُعرضون له هم وذريتهم من بعدهم، فلا بُد أن تتحمل الزوجة او الزوج القادم لمريض ثنائي القطب هذا القرار.

امتحان الله يوم القيامة لذوي الاعذار

يُخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن امتحان يعقده الله سبحانه لفئات بعينها يوم القيامة فعن الأسود بن سريع رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(أربعةٌ يحتجون يومَ القيامةِ: رجلٌ أصمُّ لا يسمعُ شيئًا ورجلٌ أحمقُ، ورجلٌ هرِمٌ، ورجلٌ مات في فترةٍ فأمَّا الأصمُّ فيقولُ: ربِّ لقد جاء الإسلامُ وما أسمعُ شيئًا، وأمَّا الأحمقُ فيقولُ: ربِّ جاء الإسلامُ وما أعقلُ شيئًا، والصبيانُ يحْذِفونني بالبَعْر وأمَّا الهَرِمُ فيقولُ: ربِّ لقد جاء الإسلامُ وما أعقلُ شيئًا وأما الذي مات في الفترةِ فيقولُ: ربِّ ما أتاني لك رسولٌ. فيأخذ مواثيقَهم ليطيعنَه، فيُرْسَلُ إليهم: أنِ ادخلوا النارَ، فمن دخلها كانتْ عليه بردًا وسلامًا، ومن لم يدخلْها سُحِبَ إليها).

أعراض مرض ثنائي القطب

هذا المرض ما هو إلا اضطراب عقلي كان يطلق عليه قديمًا الاكتئاب الهوسي نظرا لتشخيصه على أنه حالة من حالات الاكتئاب الحاد، وهناك العديد من الأعراض التي تنتاب المُصاب به، مثل:

  • شدة التقلبات المزاجية بين الاكتئاب والمرح والسرور والبكاء والحزن والانشراح في دورات سريعة متعاقبة.
  • هوس خفيف.
  • نسبة من الحزن أو اليأس.
  • مرحلة من فقد الاهتمام وقلة الاستمتاع بالأنشطة.
  • زيادة النشاط البدني أحيانًا، وفقدان الشغف أحيانًا أخرى.
  • الشعور بالنعاس.
  • أفكار متسارعة.
  • ثرثار للغاية.
  • شعور ثقة بالنفس مبالغ به.
  • سلوكيات متغيرة.

 اقرأ أيضًا: معلومات عن مرض الاضطراب ثنائي القطب

علاج مريض ثنائي القطب

ليس هناك علاج بالمعنى المفهوم للعلاج فلا يوجد دواء طبي أو شعبي يقضي تمامًا على المرض وينهيه ولكن توجد علاجات تُهدئ من النوبات ويعطى المريض فيها مثبتات المزاج ومنها:

  • مثبتات الليثيوم.
  • الأدوية المضادة لمرض الصرع التي تستهدف منع أو تأخير نوبات المرض والتي تكون شديدة ومؤلمة وغير متوقعة.

يختلف علاج كل مريض عن الآخر فقد يكون العلاج في ذاته مفيدًا لمريض ولا توجد فائدة على الإطلاق له عند الآخر فينبغي له أو لذويه من عرضه على طبيب والالتزام الشديد بتعليماته.

إن الله عز وجل رفع القلم عن أشخاص كثيرين، أي أنه لن يُحاسبهم لعدم اكتمال أهليتهم، وهذه من صور رحمة الله تعالى على بني آدم.

قد يعجبك أيضًا