دعاء بعدم الظلم مستجاب بإذن الله

دعاء بعدم الظلم والقهر، فدعوة المظلوم من الدعاء المستجاب كما وعدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمرنا باتقاء دعوة المظلوم قال “اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ” (رواه البخاري 2448) كما أن المظلوم من الثلاثة الذين لا ترد دعوتهم الذين خبرنا عنهم رسول الله في حديث أبي هريرة: “ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهم الإمامُ العادلُ والصَّائمُ حينَ يُفطِرُ ودعوةُ المظلومِ تُحمَلُ على الغَمامِ وتُفتَحُ لها أبوابُ السَّمواتِ ويقولُ الرَّبُّ: وعِزَّتي لَأنصُرَنَّكِ ولو بعدَ حينٍ” (صحيح ابن حبان 7387).

دعاء بعدم الظلم

بالبحث عن دعاء بعدم الظلم ورد في السنة المشرفة عن النبي في حديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: “ما خرج النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم من بيتي قَطُّ إلا رفع طَرْفَه إلى السماءِ فقال اللهم أعوذُ بك أن أَضِلَّ أو أُضَلَّ أو أَزِلَّ أو أُزَلَّ أو أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ أو أَجْهَلَ أو يُجْهَلَ عَلَيَّ” (صحيح أبي داود 5094).

في هذا الحديث يعلمنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الدعاء الصادر من القلب المتجه إلى الله تعالى في خشوع ويقين هو حسن التوكل على الله تعالى والالتجاء إليه في كل أحوال المسلم، ولقد كان له دعاء دام في كل أحوال حياته صلى الله عليه وسلم، ومن تلك الأحوال الخروج من المنزل.

فتروي أم المؤمنين السيدة أم سلمة أنه كان إذا خرج من بيت دعا الله وقال:

  • اللهم أعوذُ بك: إني ألجأ إليك يا الله واستجير بك.
  • أن أَضِلَّ أو أُضَلَّ: أن أدفع نفسي للوقوع في الضلال أو أضل غيري من عبادك.
  • أَزِلَّ أو أُزَلَّ: الزلل هو الوقوع في المعصية، ارحمي واحميني أن أقع في المعصية بقصد مني أو دون قصد، أو أكون السبب في أن يقع أحد غيري في المعصية.
  • أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ: أعوذ بك من أن أظلم أحد من خلقك؛ وهذا لسوء عاقبة الظلم في الحياة الدنيا ويوم القيامة، أو يظلمن أحد، وهذا دعاء بعدم الظلم
  • أَجْهَلَ أو يُجْهَلَ عَلَيَّ: يحمل معنيان وكلاهما قائم:
    الأول: أعوذ بالله أن أفعل مثل أفعال الجاهلين أو أن يفعل بي مثل تلك الأفعال.
    الثاني: أعوذ بك يا رب العالمين أن أجهل شيء من أمور ديني ودنياي، ولا يعلمني أحد هذه الأمور.

بالرغم أن النبي صلى الله عليه وسلم  عصمه الله تعالى مما يستعيذ منه، إلا أنه يدعوا بهذا الأدعية لتعليم أمته.

كما أن في الحديث حث المسلمين على التوجه لله تعالى في كافة الأحوال.

اقرأ أيضًا: دعاء المظلوم في جوف الليل والمقهور وأنواع الظلم وعقوبته

دعاء بعدم الظلم آخر

عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: “كان من دُعاءِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: اللهُمَّ مَتِّعْني بسَمْعي وبَصَري، واجعَلْهما الوارِثَ منِّي، وانصُرْني على مَن ظلَمَني، وأَرِني فيه ثَأْري” (تخريج سير أعلام النبلاء 18/ 435).

هذا الدعاء صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعوا فيه بأن يمتعه ويحفظ  سمعه وبصره، وأن ينصره الله على الظالمين، وأن يريه فيهم أن الله نصره، فهذا دعاء بعدم الظلم

 كما قلنا آنفًا أن بالرغم أن النبي صلى الله عليه وسلم  عصمه الله تعالى مما يستعيذ منه، إلا أنه يدعوا بهذا الأدعية لتعليم أمته.

اقرأ أيضًا: دعاء لمن وقع عليه ظلم ودعاء المظلوم لربه

حكم الدعاء على الظالم

عن السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها سُرِقَ منها شيءٌ فجعلت تدعو عليه فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “لا تُسبِّخي عنهُ” (صحيح الترغيب 2468).

لا تُسبِّخي عنهُ أي لا تخففي عليه، بهذا الحديث الشريف نستخلص جواز الدعاء على الظالم.

وقد شرح الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه الانتصار على الظالم مراتب ودرجات مختلفة، ومنفعل في الظالم مثلمتا فعل هو به فقد انتصر، ولكن هذا الانتصار محفوف بشرط عدم التعدي، وفي ذلك قال الله تعالى: “وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ” (الشورى 41).

الدعاء على الظالم نوع من الانتصار وليس مثل الأول، بل أنه انتصار نفسي وتنفيس على المظلوم فالله لن يضيع دعائه أبدًا، والخير كله في توكيل أمر الظالم إلى الله تعالى، فهو يدخل في باب العفو.

بجانب أن الدعاء على الظالم لا يلزم أن يكون مردوده فوري في الدنيا، فالله سميع عليم عالم الغيب قد يؤخره لما في ذلك حكمة وحده هو يعلمها.

هذا لا يتنافى مع جواز الدعاء على الظالم فهو من قال: “لَاْ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيْعًا عَلِيْمًا” {النساء:148}.

في تفسير هذه الآية الكريمة قال ابن كثير: “قال ابن عباسٍ في الآية: يقول: لا يحب الله أن يدعو أحدٌ على أحدٍ، إلا أن يكون مظلومًا،  فإنّه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: (إِلّا مَنْ ظُلِمَ)، وإن صبر فهو خيرٌ له”.

كما أن الصحابة منهم من دعى على من ظلمهم منهم من العشرة المبشرين بالجنة مثل:

  • سعيد بن زيد -رضي الله عنه- عندما دعا على المرأة التي ادعت عليه كذبًا وأخذت أرضه وبيته، وقد استجاب الله لدعائه.
  • سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- عندما دعا على الرجل الذي بهته في الكوفة.

اقرأ أيضًا: دعاء المظلوم على من ظلمه وتحذير الإسلام من الظلم

العفو عن الظالم

عفو المظلوم عن الظالم من سمو الأخلاق وله جزاء كبير عند الله تعالى، لكنه لا يستوجب على المسلم أن يعفو إذا لم يرد، وفي فضل الصبر ورد الكثير من الآيات مثل: “وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ” (النحل :126).

وفي فضل العفو وردت آيات مثل: “وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُور”ِ (الشورى :43)

عن عقبة ابن نافع قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: “يا عقبةُ بنَ عامرٍ صِلْ من قطعَكَ وأَعْطِ من حَرَمَكَ واعْفُ عمَّن ظلمَكَ” (تخريج المسند 17452).

اقرأ أيضًا: دعاء المظلوم على الظالم وتعريف كلًا منهما

هل دعوة المظلوم المستجابة مقيدة أم مطلقة؟

تحدث الفقهاء في هذا الباب فهل دعوة المظلوم المستجابة مقيدة بالدعاء على ظالمه فقط أم مطلقة بالدعاء عن كل شيء..

ورد في سنن ابن ماجة قول الإمام السندي يرحمه الله في هذا المبحث: “قوله: (دعوة المظلوم) أي: في حق الظالم، وأثر الاستجابة قد لا يظهر في الحال، لكون المجيب تعالى حكيمًا” (2 / 439).

في “رياض الصالحين” ورد أن دعاء الظالم على ظالمه بمثل ما ظلمه به أو أقل هو الدعاء المستجاب أما من يزيد فذلك متعديًا فلا يستجاب له.

قال الإمام ابن عثيمين أن الشخص إذا دعا على ظالمه استجاب الله له حتى لو ذلك المظلوم كافر، فيستجيب الله له، لا حبًا في الكفر معاذ الله، ولكن حبًا في العدل لأن الله تعالى هو الحكم العدل، فينصف المظلوم في أرضه من ظالمه.

على هذا وما سبق من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم نستنتج أن دعوة المظلوم مقيدة بظلمته التي ظلمه الظالم بها، وأن مظلة الاستجابة مقيدة بهذه الدعوة.

 بذلك نكون قد أوردنا لكم ما قاله الفقهاء عن دعاء بعدم الظلم وما حكم الدعاء على الظالم، نرجو أن نكون قد وفقنا الله.

قد يعجبك أيضًا