شرح نص لا تبكين على رسم ولا طلل

شرح نص لا تبكين على رسم ولا طلل بداية عصر جديد للشعر في القرن الثاني الهجري، أبو نواس هو الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكميّ، وشهرته أبو نواس وهو من أشهر شعراء العراق في عصره.

اشتهر بحبه المبالغ فيه للخمر وبوصفها، وقصيدة لا تبكين على رسم ولا طلل من القصائد التي اعتز بها في وصف الخمر ومن خلال موقع زيادة سنتعرف على شرح نص لا تبكين على رسم ولا طلل.

شرح نص لا تبكين على رسم ولا طلل

كتبت القصيدة على بحر البسيط وهي قصيدة عمودية البناء وخمرية ووصفية ويوضح فيها أبو نواس شدة ولعه بالخمر وكتب القصيدة على وتيرة البسيط التام، في القصيدة يوضح أبو نواس ثورته على الوقفة الطلالية للشعراء قديمًا وتغيرها إلى الوقفة الخمرية، ووظف الشاعر صورًا مختلفة لوصف الخمر.

تعد هذه القصيدة من قصائد الشعر الخمري وهذا نوع من الشعر الغنائي حيث اشتهر في الجاهلية، وهو أن يقوم الشاعر بوصف الخمر ولونها وصفاتها وكؤوسها وأباريقها وصفائها، ووصف ما تعطيه للجسم من خدر ونشوة.

اعتمد على الاستعارة والتشبيه والصفات المشبهة وغير ذلك من الصور الفنية وكان أبو نواس من أكثر الشعراء الذين كتبوا شعرًا في وصف الخمر ولا نجد مثيلًا له في شعراء الجاهلية، وكان يخاطب في شعره جميع حواس الإنسان دون استثناء كما نجد أن أبو نوّاس أوّل شاعر رفض أن يخطو طرق الشعراء قبله وأساليبهم في كتابة الشعر وخصوصًا في الوقوف على الأطلال.

سميت قصيدة لا تبكين على رسم ولا طلل باسم عج للوقوف على راح وريحان، وذلك نسبة لمطلع القصيدة وسوف نعرض لكم فيما يلي نص القصيدة وشرح لمجملها وذلك في إطار موضوع شرح نص لا تبكين على رسم ولا طلل.

اقرأ أيضًا: شرح نص يا من لقلب متيم

نص قصيدة لا تبكين على رسم ولا طلل

فيما يلي سوف نتعرف على نص قصيدة عج للوقوف على راح وريحان للشاعر أبي نواس، وذلك في إطار موضوع شرح نص لا تبكين على رسم ولا طلل.

عُج لِلوُقوفِ عَلى راحٍ وَرَيحانِ * * فَما الوُقوفُ عَلى الأَطلالِ مِن شاني

لا تَبكِيَنَّ عَلى رَسمٍ وَلا طَلَلٍ * * وَاِقصِد عُقاراً كَعَينِ الديكِ نَدماني

سُلافُ دَنٍّ إِذا ما الماءُ خالَطَها * * فاحَت كَما فاحَ تُفّاحٌ بِلُبنانِ

كَالمِسكِ إِن بُزِلَت وَالسَبكِ إِن سُكِبَت * * تَحكي إِذا مُزِجَت إِكليلَ مَرجانِ

صَهباءُ صافِيَةٌ عَذراءُ ناصِعَةٌ * * لِلسُقمِ دافِعَةٌ مِن كَرمِ دِهقانِ

كَرمٌ تَخالُ عَلى قُضبانِ نَخلَتِهِ * * يَومَ القِطافِ لَهُ هاماتِ حُبشانِ

لَم تَدنُ مِنها يَدٌ مُذ يَومِ قَطفَتِها * * وَلَم تُعَذَّب بِتَدخينٍ وَنيرانِ

حَتّى إِذا عُقِرَت سالَت سُلالَتُها * * في قَعرِ مَعصَرَةٍ كَالعَندَمِ القاني

وَحَولَها حارِسٌ ذو صَلعَةٍ شَكِسٌ * * عِلجٌ يَدورُ أَخو طِمرٍ وَتُبّانِ

سَلسالَةُ الطَعمِ إِسفَنطٌ مُعَتَّقَةٌ * * بِشُربِها قَيِّمُ الحانوتِ أَوصاني

مَسحولَةٌ مُزَّةٌ كَالمِسكِ قَرقَفَةٌ * * تُطَيِّرُ الهَمَّ عَن حَيزومِ حَرّانِ

هِيَ العَروسُ إِذا دارَيتَ مَزجَتَها * * وَإِن عَنُفتَ عَلَيها أُختُ شَيطانِ

فَلَألَأَت في حَوافي الكَأسِ مِن يَدِهِ * * مِثلَ اليَواقيتِ مِن مَثنى وَوِحدانِ

تَنزو جَنادِبُها في وَجهِ شارِبِها * * مِثلَ الدَبى هاجَهُ طَشٌّ بِقيعانِ

حَتّى إِذا اِصطَفَّتِ الأَقداحُ وَاِنتَطَحَت * * بيضُ القَواريرِ مِن أَعيانِ كيوانِ

خِلنا الظَليمَ بَعيراً عِندَ نَهضَتِنا * * وَالتَلَّ مُنبَطِحاً في قَدِّ ثَهلانِ

اقرأ أيضًا: شرح نص الصديق الشافع

شرح أبيات قصيدة لا تبكين على رسم ولا طلل

يدور محور قصيدة لا تبكين على رسم ولا طلل بتغني الشاعر بمزايا الخمر وجمالها ويبين أثر سعادة شارب الخمر بأسلوب مبالغ، وتنقسم القصيدة إلى مقطعين فمن البيت الأول إلى البيت الحادي عشر يدعو الشاعر إلى شرب الخمر ووصفها ومن البيت الثاني عشر إلى آخر القصيدة – يبين الشاعر أثر الخمرة على شاربها.

سوف نعرض لكم في إطار موضوع شرح نص لا تبكين على رسم ولا طلل، شرح لمقطعي القصيدة فيما يلي.

المقطع الأول: الوقفة الخمرية

عُج لِلوُقوفِ عَلى راحٍ وَرَيحانِ * * فَما الوُقوفُ عَلى الأَطلالِ مِن شاني

عُج/ اقصد: أسلوب إنشائي نوعه أمر يخرج عن معناه الأصلي- وهو طلب القيام بالفعل على وجه الاستعلاء- غرضه الالتماس

للوقوف على راح وريحان: مفعول لأجله و(لا تبكينّ): أسلوب إنشائي نوعه نهي يخرج عن معناه الأصلي- وهو طلب الكفّ عن الفعل على وجه الاستعلاء-غرضه الالتماس إنّ توسّل الأسلوب الإنشائي وظيفيّ في هذا المقطع.

في مطلع القصيدة نتعرف على مضمون ما يريد الشاعر قوله وهو ناتج عن ثورة عاطفية في قلب الشاعر بسبب حبه الشديد لشرب الخمر.

لا تَبكِيَنَّ عَلى رَسمٍ وَلا طَلَلٍ * * وَاِقصِد عُقاراً كَعَينِ الديكِ نَدماني

يرغب الشاعر في أمرًا ما ويوجه حديثه إلى شخصية افتراضية (القارئ، النديم) وهو ما يُخرج الخطاب من الإطار الشخصي إلى الإطار الغيري، يطلب الشاعر من القارئ أن يُغيّر وجهة سيره أو تغير طريقه في كتابة الشعر.

فلا يبدأ قصيدته بالوقوف على الأطلال ولكن يبدأها بالوقوف في تأمل الخمر ووصفها، وهو تغيير جسديّ (عُج) يُمثّل تصالحا مع نداء الذات واستجابة لشهواتها وغرائزها.

ذكر الشاعر في (وَاِقصِد عُقاراً كَعَينِ الديكِ نَدماني) تشبيهًا كاملًا في أجزائه حيث إن المشبه هو العقار والمشبه به هو عين الديك، وأداة التشبيه حرف الكاف، ووجه الشبه في الصفاء والنقاء أو في ميلاد أمل جديد.

يمكننا أن نفسر تشبيه الشاعر للخمرة بعين الديك بطريقتين منها أن الخمرة تشبه عين الديك في نقائها وصفائها، أو تشبيهًا بميلاد أمل جديد وعيش حياة سعيدة وهذا ما يرمز إليه عين الديك بميلاد حياة جديدة.

يوضح أبو نواس نظرته إلى عالمين متناقضين عالم البكاء على الأطلال وعالم الوقوف على الخمر والخمريات، فالأطلال تشير إلى الموت والفناء واليأس والخمول والعدم والحزن، أما الخمر فيشير إلى الحياة والأمل وتحقيق السعادة والنصر، وهذه مبالغة في وصف الخمر من قبل الشاعر أبو نواس لتدل على شدة تعلقه بها.

يدعو الشاعر أبو نواس إلى البعد عن الوقفة الطلاليةّ والتعويض عنها بالوقفة الخمرية في مستوى الواقع ستنعكس عند الشاعر في مجال القول الشعريّ، فنرى أو نواس يثور على بنية القصائد الجاهلية ويرغب في أن يجدد مضمونها، وهذا التجديد لا ينتج من فراغ فهو ليس تغيرًا للشعر القديم ونبذه ولكنه تطويرًا له واستبدال مضموني.

قام أبو نواس بتحطيم الوقفة الطلالية التي ظل عليها الشعراء قديمًا، واتجه إلى الوقوف على الخمر والتأمل فيها، وهذا التجديد الذي قام به أبو نواس ليس قطعًا نهائيا من الشعر القديم لأن الشاعر أبو نواس قد حافظ على الوقفة في بداية القصيدة ولكنه ألبسها بثوب جديد وهي الوقفة الخمرية بدلًا من الوقفة الطلالية التي لا يرى الشاعر منها فائدة.

2- المقطع الثاني: التغزّل بالخمرة

يبدأ الشاعر في المقطع الثاني بتعديد صفات الخمرة من لون ورائحة ومن خلال كتابته نراه معشوقًا بها.

سُلافُ دَنٍّ إِذا ما الماءُ خالَطَها * * فاحَت كَما فاحَ تُفّاحٌ بِلُبنانِ

كَالمِسكِ إِن بُزِلَت وَالسَبكِ إِن سُكِبَت * * تَحكي إِذا مُزِجَت إِكليلَ مَرجانِ

صَهباءُ صافِيَةٌ عَذراءُ ناصِعَةٌ * * لِلسُقمِ دافِعَةٌ مِن كَرمِ دِهقانِ

كَرمٌ تَخالُ عَلى قُضبانِ نَخلَتِهِ * * يَومَ القِطافِ لَهُ هاماتِ حُبشانِ

لَم تَدنُ مِنها يَدٌ مُذ يَومِ قَطفَتِها * * وَلَم تُعَذَّب بِتَدخينٍ وَنيرانِ

يبدأ الشاعر أبو نواس في هذه الأبيات بوصف الخمر بعدة صفات حتى يجذب انتباه القارئ مثل وصفه صافية وناصعة، ويصفها في بعض الأبيات بالصفات الإنسانية مثل عذراء ومعتقة.

البناء الفكري في قصيدة لا تبكين على رسم ولا طلل

اتسم البناء الفكري في قصيدة عج للوقوف على راح وريحان بعدة سمات سوف نعرضها لكم فيما يلي في إطار موضوع شرح نص لا تبكين على رسم ولا طلل.

  1. التجديد في مطلع القصيدة فلم يواكب باقي الشعراء في البكاء على الأطلال وإنما وقف على الخمر.
  2. أوصاف الشاعر للخمر فهي: صافية، صهباء، عذراء، ناصعة، للسقم دافعة، سلسة الطعم، إسفنط، معتقة، مسحولة، مزة، كالمسك قرقفة، تطيل الهم.
  3. تعكس الأبيات طريقة الشاعر في عيش حياته لما فيها من مجون وترف.
  4. اتسمت بكثرة الأساليب الخبرية، والصور البيانية خاصة التشبيه، واستعمال الأساليب الانفعالية.

اقرأ أيضًا: شرح نص أفي الناس أمثالي سنة اولى ثانوي

معاني المفردات في قصيدة لا تبكين على رسم ولا طلل

سنعرض لكم فيما يلي من ضمن موضوع شرح نص لا تبكين على رسم ولا طلل بعض معاني كلمات القصيدة حتى يستطيع القارئ أن يفهم القصيدة بشكل أفضل.

  1. الدھقان (فارسية): التاجر.
  2. إسَفنطٌ: المطيب
  3. الراح – العـقار- السـلاف: الخمر.
  4. ندمـانـي: جليس الشرب.
  5. دنٍ: المرتفع من الأرض.
  6. حـــران: مدينة قديمة.
  7. من عصير العنب خاصة.
  8. مـزة ٌ: كان مذاقها بين الحلو والحامض.
  9. قـرقفـة: اشتدادا.
  10. حيــزومِ: المرتفع من الارض
  11. حران: مدينة قديمة بتركيا.
  12. أعيـان كــيــوان: قوارير نفيسة من بلاد فارس.
  13. الظّليـــَم: ذكر النعام.
  14. ثھلان: جب.
  15. عُج: عاج: مال وعطف.
  16. ما: أداة نفي بمعنى ليس.
  17. الأطلال جمع طلل: آثار الدّيار بعد أن تركها أهلها.
  18. راح، ريحان، عقار: معجم الخمرة.

نرى في شعر أبي نواس شدة حبه وتعلقه بشرب الخمر ومبالغته في وصفها وليس كغيره من الشعراء السابقين وقد خرج أبو نواس عن إطار الدين وعن العادات المجتمعية مما جعل أغلب الناس ينبذون قصائده وأشعاره.

قد يعجبك أيضًا