دعاء القنوت في صلاة الوتر

دعاء القنوت في صلاة الوتر يعد من الأدعية المحببة إلى الله عز وجل؛ نظرًا لمحبته سبحانه وتعالى لمن يصلى نافلة الوتر فعن على بن أبي طالب رضي الله عنه قال: “إن اللهَ وترٌ يُحبُّ الوترَ”، ومن خلال موقع زيادة سنقدم لكم دعاء القنوت في صلاة الوتر المتواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، وبعض التابعين.

دعاء القنوت في صلاة الوتر

من الأدعية المتواترة عن الصحابة عند القنوت من صلاة الوتر هو هذا الدعاء:

(عن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ : ( اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، فإِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ ، ولا منجا منك إلا إليك) روى الحديث أبو داود والترمذي والنسائي، والجملة الأخيرة ( لا مجنا منك إلا إليك) رواه ابن منده في التوحيد وقام بتحسينها الألباني.

اقرأ أيضًا: ما هي صلاة الأوابين؟

متي يُقال دعاء القنوت؟

يُقال دعاء القنوت في صلاة الوتر في آخر ركعة منها، حيث إن صلاة الوتر من ممكن أن تكون أكثر من ركعة، ويكون دعاء القنوت بعد القيام من الركوع، وفي رأي بعض الفقهاء إذا قمت به قبل الركوع لا بئس، ولكن بعد الركوع أحب.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وَأَمَّا الْقُنُوتُ: فَالنَّاسُ فِيهِ طَرَفَانِ وَوَسَطٌ: مِنْهُمْ مَنْ لا يَرَى الْقُنُوتَ إلا قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لا يَرَاهُ إلا بَعْدَهُ. وَأَمَّا فُقَهَاءُ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فَيُجَوِّزُونَ كِلا الأَمْرَيْنِ لِمَجِيءِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ بِهِمَا. وَإِنْ اخْتَارُوا الْقُنُوتَ بَعْدَهُ ; لأَنَّهُ أَكْثَرُ وَأَقْيَسُ).

السنن المتبعة في دعاء القنوت

من السنن عند القيام بدعاء القنوت في صلاة الوتر، أن يقوم المُصلي برفع يديه عن الدعاء، وذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

على أن يكون رفع اليد إلى مستوى الصدر فقط، وليس أعلى من ذلك؛ لأن الدعاء ليس دعاء ابتهال، لكنه دعاء رغبة، وتكون اليدين مبسوطتين وبطونهما إلى السماء، والمتفق عليه بين أهل العلم أن تكون اليدين مضمومتين إلى بعضهما البعض فيشبه حال المستجدي الذي يرجو من غيره أن يعطيه شيئًا.

الدليل على ذلك من السنة: “عن عبدِ الرحمنِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (كنتُ أَرْتمي بأَسهُمٍ لي بالمدينةِ في حياةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذ كسفَتِ الشمسُ فنبذتُها، فقلتُ: والله، لأنظرنَّ إلى ما حدَثَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في كسوفِ الشَّمسِ، قال: فأتيتُه وهو قائمٌ في الصَّلاةِ، رافعًا يديه، فجَعَل يُسبِّحُ ويُهلِّلُ ويُكبِّر، ويدعو حتى حُسِرَ عنها، فلمَّا حُسِرَ عنها قرأَ سورتين، وصلَّى رَكعتينِ).

هناك أيضًا عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه في قِصَّة القُرَّاء وقتْلهم، قال: (لقد رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلَّما صلَّى الغداةَ رفَعَ يَديهِ يَدْعو عليهم، يَعني: على الذين قَتلوهم).

في حديث عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: (إنَّ الله تعالى طيِّبٌ لا يَقبَلُ إلَّا طيِّبًا, وإنَّ اللهَ أمرَ المؤمنين بما أمَرَ به المرسلين، فقال سبحانه:  يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون: 51]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة: 172]، ثم ذَكَر الرجلَ يُطيلُ السَّفر أشعثَ أغبرَ، يمدُّ يديه إلى السَّماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومَشرَبُه حرامٌ، ومَلبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرامِ؛ فأنَّى يُستجابُ لذلك).

اقرأ أيضًا: دعاء الوتر اخر الليل

استكمالًا للسنن المتبعة في دعاء القنوت

بينما نحن بصدد استكمال الحديث عن ذلك الحديث النبوي الشريف والذي يُعلم الرسول صل الله عليه وسلم الأمة ما يرتبط بالمطعم والمشرب والملبس، والأسباب التي تجعل الدعاء مستجاب، وأن الله عز وجل طيب ومنزه عن كل نقص وعيب، وأنه سبحانه وتعالى يحب الحلال الطيب ولا يقبل من الأعمال إلا المنزه عنه العيوب والأغراض الفاسدة والنوايا السيئة.

تعد صلاة الوتر النافلة المحببة إلى الله والتي يختم بها العبد المُصلي صلاته في الليل سواء كانت صلاة تهجد أو قيام الليل أو تراويح، ومن الأمور المحببة إلى الله أن تكون هذه الصلاة بعد نومة أو رقده أثناء الليل.

قد أمر الله عز وجل الرسول صلى الله عليه وسلم ورغبه في نافلة الوتر فقال الله عز وجل: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا)[الإسراء: 79].

ووجوب صلاة الوتر أمرًا خاصًا بالنبي صل الله عليه وسلم وحده، لكن بالنسبة لباقي المسلمين في من السنن المحببة والمرغوب فيها للأمة، وصلاة النافلة تزيد من الأجر والثواب وترفع من رجات المسلم والمؤمن في الجنة.

كان الرسول صل الله عليه وسلم يهتم بصلاة النافلة خاصة الوتر اهتمامًا كبيرًا، فكان صل الله عليه وسلم لا يترك صلاة الوتر لا في سفر ولا في حضر، وكان صل الله عليه وسلم يجعل دعاء القنوت صاحبًا لقيام الليل فكان يختم به في صلاة الوتر.

الدعاء الذي دعى به الرسول صل الله عليه وسلم في صلاة الوتر

عن الحسن بن على بن أبي طالب قال: (قلت لرسول الله: علَّمَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم كلماتٍ أقولهنَّ في قنوتِ الوِترِ، فقال صل الله عليه وسلم: اللهمَّ اهدِني فيمن هديتَ وعافِني فيمن عافيتَ وتولَّني فيمن توليتَ وبارِكْ لي فيما أعطيتَ وقِني شرَّ ما قضيتَ إنك تقضي ولا يُقضَى عليك ، إنه لا يذِلُّ من واليتَ تباركتَ ربَّنا وتعاليتَ) حديث صحيح.

في حديث آخر عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللَّهمَّ إنِّي أعُوذُ برِضاكَ مِن سخَطِكَ، وبمُعافاتِكَ مِن عقُوبتِكَ، وبكَ مِنكَ، لا أُحصي ثَناءً عليكَ، أنتَ كما أثنَيتَ على نفسِكَ.) حديث صحيح.

يحتمل أن الرسول دعى بهذا الدعاء بعد الفراغ من الصلاة.

من أدعية القنوت التي دعى بها الصحابة

من اشهر الأدعية المتواترة عن الصحابة في دعاء القنوت في صلاة الوتر هو دعاء الصحابي  أمير المؤمنين عمرو بن الخطاب رضي الله عنه، فقد كان يدعو الله عز وجل ويقول: اللهمَّ إنَّا نستعينُكَ ونستغفرُكَ ونُثْنِي عليكَ الخيرَ كلَّهُ ونشكرُكَ ولا نَكْفُرُكَ ونخلَعُ ونترُكُ من يفجرُكَ اللهمَّ إيَّاكَ نعبُدُ ولكَ نُصلِّي ونسجُدُ وإليكَ نسعى ونَحْفِدُ نرجو رحمتَكَ ونخشَى عذابَكَ إنَّ عذابَكَ بالكفارِ مُلْحِقٌ إلا أنَّ الخُزَاعيَّ قال ونُثْنِي عليكَ ولا نَكْفُرُكَ ونَخشَى عذابَكَ الجِدَّ” رواه عبد الرحم بن أبزى بإسناد صحيح.

من الأمور المستحسنة عدم المداومة على دعاء القنوت في صلاة الوتر في كل ليلة بل يُفضل أن تقوم به أحيانًا؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

يستحب أيضًا بعد التسليم من صلاة الوتر أن نقول: “سبحان الملك القدوس” ثلاث مرات ويمد صوته عند القول بها في المرات الثلاثة، هذا مما أخرجه النسائي وقام بتصحيحه الألباني في الصحيح من سنن النسائي، زاد على هذا الدعاء الدارقطني فقال: “سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح” بإسناد صحيح.

اقرأ أيضًا: كيفية صلاة الشفع والوتر

ما هو معنى القنوت؟

تطلق كلمة القنوت في اللغة على الدعاء والسكون والخشوع والسكوت والطاعة والصلاة وطول القيام والخضوع والعبادة، وأصل (قنت) يدل على الطاعة والخير في الدين.

القنوت اصطلاحًا يطلق على الدعاء الذي يقال في الصلاة في موضع خاص منن القيام.

ما هو حكم القنوت في صلاة الوتر؟

حكم دعاء القنوت في صلاة الوتر مشروع على مذهب جمهور الفقهاء والعلماء، مثل: الحنفية والحنابلة والشافعية والمالكية.

الأدلة التي تدل على شرعية القنوت في صلاة الوتر

يوجد العديد من الأدلة التي تدل على شرعية دعاء القنوت في صلاة الوتر، سنعرض لكم كلًا منهم على حدا:

1- الأدلة من السنة النبوية

جاءت الأدلة على هيئة الحديث عن الحسنِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: (عَلَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلماتٍ أقولهنَّ في قُنوتِ الوِترِ: اللهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيْت، وعافِني فيمَن عافَيْت، وتولَّني فيمَن تولَّيْت، وباركْ لي فيما أَعطَيْت، وقِني شَرَّ ما قَضَيْت؛ فإنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّه لا يَذلُّ مَن والَيْت، تباركتَ ربَّنا وتَعالَيْت)

اقرأ أيضًا: ما هو القنوت

2- الأدلة من الآثار

أنه يشرع دعاء القنوت في صلاة الوتر في صلاة النصف الأخير من شهر رمضان، وهو ذكر يشرع في صلاة الوتر كسائر الأذكار.

فعن عَلقمةَ: (أنَّ ابنَ مسعودٍ وأصحابَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانوا يَقنُتونَ في الوترِ قبلَ الرُّكوعِ)

من الأمور التي يجب أن يتجنبها الإمام عند دعاء القنوت في صلاة الوتر رفع الصوت عند الدعاء، ورفع الصوت عند البكاء في الصلاة، والتكلف في السجع، بالإضافة إلى الإطالة على الناس في الدعاء

قد يعجبك أيضًا