قصة حاتم الطائي

قصة حاتم الطائي من القصص المهمة لدى العرب، فكان مضرب للأمثال في باب الكرم، وكان يُقال “أكرم من حاتم الطائي”، وابنه هو الصحابي “عدي بن حاتم الطائي” ورث عن أباه مكارم الأخلاق، وظل إلى يومنا هذا هو أكرم العرب، فقد نسج العرب حوله الكثير من القصص الأسطورية في كرمه حتى اختلطت الحقيقة بالنِحل فكان هو النِبْراس الذي يهتدي به كل من يتسم بصفة الكرم.

قصة حاتم الطائي

حاتم الطائي هو أشهر الشعراء الجاهلين في باب الكرم، كان مشهورًا بالفروسية أيضًا، ومن سمات شعره الجزالة وأصالة المورد وسهولة الألفاظ.

اقرأ أيضًا : شعر ترحيب بالضيوف من قصائد حاتم الطائي وحسان بن ثابت

نسب حاتم الطائي

الاسم: حاتم بن عبد الله بن سعد بن فاضل بن أمرؤ القيس بن ربيعة بن الغوث بن طيئ وإليه تنسب قبيلة طيئ التي تسكن في منطقة الحائل.
أمه هي عتبة بنت عفيف بن عمرو وكانت مشهورة بالكرم والسخاء ولذلك قام أخوتها بمنعها عن مالها وهي من ورث حاتم صفاته عنها.

كرم حاتم الطائي

يقول المؤرخون أنه منذ صغر سنه عُرف عنه طهارة الروح، لم يكن يؤذي الأطفال ولا يجرحهم بالكلام ، وكان محبوب وسط قبيلته.
وكان مؤنس المجلس، فيروي قصص مسلية كثيرة لضيوفه حتى لا يملون أثناء وجودهم عنده.

كل ما يؤثر عن حاتم الطائي يسبح في فلك الكرم الأسطوري الذي لم يصل له أحدًا، بجانب الفروسية وأخلاقه النبيلة وحسن الضيافة.
قد ورس هذه الأخلاق عن أمه وورثها بدوره إلى أبنته.

تربى في صغره على يد جده ولكن العلاقة بينهم سرعان ما ساءت وتوترت، ثم انقطعت بسبب كرمه الزائد الذي كان يعده سفه وتبذير.
يُحكى أنه ذات يوم كان يرعى أبل جده فمر به شعراء ذاهبون إلى ملك الحيرة ليبيعوا شهرهم بالذهب (هم النابغة الذبياني وبشر بن أبي خازم وعبيد بن الأبرص)، فدعاهم حاتم وذبح لهم أبل من أملاك جده وهذه سبب القطيعة.

مقتطفات من كرم حاتم الطائي

تذخر كتب التراث العربي بكثير من المواقف المنسوبة إلى حاتم الطائي، بعضها حقيقي وبعضها مبالغ فيه مثل:

  • منذ طفولته، وهو يرضع ذات مرة رفض أن يرضع حتى قامت أمه بإرضاع طفل آخر من ثديها الآخر وكان هذا الطفل هو عبد الله الثقفي.
  • تحكي زوجته ماوية إنه كان حسن الخلق، وفي إحدى السنين قد عانى الناس من القحط، وكانت هي وزوجها يعللان أبنائهما حتى يصمتا وينامان، ولا يوجد في البيت ما يسد جوعهم، وفي ذات الليلة وجدت امرأة تكلمه وتطلب منه ما يسد جوعها وجوع أولادها، فقام بذبح فرسه وقطعه وأشعل النار وقام بشواء لحمه، وأكلت المرأة وأولادها حتى شبعا، ثم نادى أهل الحي ليأكلوا، فأكلوا حتى شبعوا ولم يبقى من الفرس شيء سوى العظام والحوافر وما لا يمكن أكله، فأكل من فرسه أهل الحي والكلاب، وهو يجلس في ناحية بعيدة لم يذق طعمه رغم إنه أشد الناس جوعًا.

اقرأ أيضًا : أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الفخر وأشهر شعراء العصر الجاهلي والمقصود بالمعلقات

قصة حاتم الطائي وقيصر الروم

قد بلغ قيصر الروم قصص كثيرة حول كرم حاتم الطائي، ومدى فروسيته وحبه لفرسه فأراد قيصر الروم معرفة صحة هذا الحديث بنفسه، أرسل إليه أحد حجابه ليطلب منه فرسه وهنا يعرف إذا كان كريم فعلًا أم لا.
لما جائه الحاجب (مبعوث الملك)، استقبله أحسن استقبال وضيفه وأدخله بيته ليستريح، وهو لا يعرف إنه حاجب قيصر الروم، ثم خرج ليأتي له بالقرى (الطعام المعد للضيوف) فلم يجد من الماشية شيء فأخذ فرسه وذبحه وأشعل النار عليه ثم دخل إلى ضيفه؛ لما علم إنه مبعوث القيصر وإنه يريد الفرس حزن جدًا وقال له لما لم تعلمني قبلًا، فأنا قد ذبحته لكي تأكله، فلم أجد غيره أمامي، أعجب رسول القيصر جدًا من كرمه وقال له قد رأيت من كرمك أكثر مما وصلنا.

ديانة حاتم الطائي

لم يشهد حاتم الطائي الإسلام وإنما كان يؤمن بديانة بين المسحية واليهودية أو المسيحة والصابئة يتبعها قومه، وكان يعبد الله تعالى.

قول الرسول – صلى الله عليه وسلم – عن حاتم الطائي

ورد في بعض كتب الحديث “قال عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه: يا سبحان اللهِ ما أزهدَ كثيرًا من النَّاسِ في خيرٍ، عجبًا لرجلٍ يَجيئُه أخوه المسلمُ في الحاجةِ فلا يرَى نفسَه للخيرِ أهلًا فلو كان لا يرجو ثوابًا ولا يخشَى عقابًا لكان ينبغي له أن يسعَى إلى مكارمِ الأخلاقِ فإنَّها تدعو إلى سبيلِ النَّجاحِ.

فقام إليه رجلٌ فقال: يا أميرَ المؤمنين أسمِعتَ هذا من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟

قال: نعم وخيرٌ منه لمَّا أُتِي بسبايا طيِّئٍ وقعت جاريةٌ جمَّاءُ حمراءُ تَعساءُ عَيْطاءُ دَلْفاءُ شمَّاءُ الأنفِ مُعتدِلةُ القامةِ والهامةِ دَرْماءُ الكعبَيْن خَدْلَكةُ السَّاقَيْن لَغَّاءُ الفخِذَيْن خَميصةُ الخصرَيْن ضامرةُ الكُشحِ مصقولةُ المَتنَيْن، فلمَّا رأيتُها أعجبتُ بها، فقلتُ لأطلُبنَّ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يجعلَها في سهمي، فلمَّا تكلَّمتُ نسيتُ ما رأيتُ من جمالِها لفصاحتِها، فقالت : يا محمَّدُ إن رأيتَ أن تُخلِّيَ عنَّا ولا تُشمِتْ بي أحياءَ العربِ، فإنِّي ابنةُ سيِّدِ قومي، إنَّ أبي كان يَحمي الذِّمارَ ويفُكُّ العانيَ ويُشبِعُ الجائعَ ويكسو العاريَ ويُقري الضَّيفَ ويُفشي السَّلامَ ويُطعِمُ الطَّعامَ، ولم يرُدَّ طالبُ حاجةٍ قطُّ، أنا ابنةُ حاتمِ طيِّئٍ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا جاريةُ هذه صفةُ المؤمنين حقًّا، لو كان أبوك مسلمًا لترحَّمنا عليه خلُّوا عنها، فإنَّ أباها كان يُحِبُّ مكارمَ الأخلاقِ، وإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُحِبُّ مكارمَ الأخلاقِ”.

هذا الحديث فيه شائبة في سنده

 ذكره ابن حجر العسقلاني في موافقة الخبر، ويرى علماء الحديث إنه غريب لا يؤخذ به،
ذكره ابن كثير في البداية والنهاية 61/5، وقال عنه علماء الحديث حسن المتن لكن غريب الإسناد جدًا.
في تخريج الأحياء كان ضعيف، بجانب أنه وضعه الألباني في السلسلة الضعيفة وقال عنه إنه موضوع.

شعر حاتم الطائي

اتسم شعر حاتم الطائي بالألفاظ البسيطة والمعاني الشريفة الواضحة، والبعد عن ألفاظ البادية
كما أنه نوع في الأغراض الشعرية بجانب النثر، مثل: الخطب.

  • حاتم الطائي في شعر الفخر 

وإني لعف الفقر، مشترك الغنى
وودك شكل لا يوافقه شكلي

وشكلي شكل لا يقوم بمثله
من الناس إلا كل ذي نيقة مثلي

ولي نيقة في المجد والبذل لم تكن
تأنقها فيما مضى، أحد.. قبلي

وأجعل مالي دون عرضي، جُنة
لنفسي، فأستغني بما كان من فضلي

ولي مع بذل المال والبأس صولة
إذا الحرب أبدت من نواجذها العُصْلِ

  • وكان كثيرًا ما يفخر بكرمه فقال

وإني لأخزى أن تُرى بي بطنةٌ
وجارات بيتي طاويات، ونُحَّفُ

أي أنه يخجل أن يكون سمين و ذو بطن كبيرة وله جار نحيف (أنه يأكل كثيرًا وجاره لا يأكل)

  • قال في نفس باب الفخر ونفس المعنى

أبيت خميص البطن، مضطمر الحشى
حياء، أخاف الذم أن اتضلعا
أي أنه يبات جائع وبطنه تختفي من كثرة الجوع، ويخاف أن يسمن فيلومه الناس على قلة كرمه

  • في باب الهجاء قال في زم الصعاليك

لحي الله صعلوكا مناه وهمه                         من العيش أن يلقي لبوسا ومطعم

أي قبح الله وجه الصعلوك الذي يعيش في الحياة كل همه أن يأكل ويلبس ولا يهتم بمكارم الأخلاق ولا مساعدة الجار.

اقرأ أيضًا : الشعر الجاهلي في الحب والشوق ومن هم أشهر الشعراء

وفاة حاتم الطائي

مات حاتم الطائي في عوارض ودفن فيه (جبل في بلاد طيء)قبل عام 610ميلاديًا.
لم يبلغ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم.

بذلك نكون قد ذكرنا قصة حاتم الطائي كما وردت في كتب التاريخ، فكان نعم الرجل العربي الفارس الكريم الشجاع، نرجو أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا