زوجة زيد بن حارثة

من هي زوجة زيد بن حارثة؟ وما حقيقة زواج الرسول من زوجة زيد؟ زيد بن حارثة هو الصحابي الجليل الذي قبلته السيدة خديجة -رضي الله عنها- كهدية، وكان قد اشتراه حكيم بن حزام لها، وبعد ذلك منحته السيدة خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبناه ورفض أن يرجع مع أهله وأختار أن يبقى مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومن خلال موقع زيادة سنوضح من هي زوجة زيد بن حارثة.

زوجة زيد بن حارثة

حينما تبنى الرسول زيد بن حارثة قام بتزويجه من زينب بنت جحش، وبعد مرور عدة أعوام قام بطلاقها وتزوجها بعد ذلك وسنتطرق إلى الحكمة من ذلك في الفقرات القادمة، بعد طلاقها تزوج زيد من أم أيمن بركة الحبشية وكانت مربية النبي عليه الصلاة والسلام، وسنوضح كافة التفاصيل حول زوجة زيد بن حارثة في السطور الآتية:

1- زينب بنت جحش

زوجة زيد بن حارثة الأولى هي زينب بنت جحش وهي ابنة عمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخوها الصحابي عبد الله ابن جحش، كانت زينب من أوائل النساء بعد السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- في الدخول إلى الدين الإسلامي، وهاجرت مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة.

حضرت زينب العديد من الغزوات، ولشدة احترام وحب الرسول لها ولزيد، وشدة تعلقه به قرر أن يزوجها له، لكن لم يأذن الله أن تستمر تلك العلاقة الزوجية حتى الممات إلى أن طلقها وتزوجت بعد ذلك بابن خالها النبي عليه الصلاة والسلام، واستمرت تلك العلاقة لسنوات عديدة من الله عز وجل.

توفت زينب عن عمر 53 عام، كان ذلك بعد ما توفى الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت زينب هي أول زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم لحاقًا به، فلم تحتمل فراقه لشدة تعلقها به، وكان يُشهد لزينب اتسامها بالأخلاق الحميدة والرفيعة، واشتهارها بلين القلب واللسان بين الناس.

اقرأ أيضًا: من هو قاتل عمر بن الخطاب؟

2- بركة الحبشية (أم أيمن)

كانت بركة الحبشية مربية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ورثها عن أمه واعتقها لكنها ظلت ملازمة له، تزوجت بركة الحبشية قبل الزواج من زيد بعبيد بن الحارث في الخزرجي، وأنجبت أيمن ثم توفاه الله في غزوة حنين في مكة المكرمة، وبعد وفاته هاجرت مع الرسول عليه الصلاة والسلام.

عندما هاجرت وبعد مرور بعض الوقت أصبحت بركة الحبشية زوجة زيد بن حارثة بطلب من الرسول، واختلفت الأقاويل في وفاتها فقد قال البعض أنها توفيت بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بخمسة أشهر، أما البعض الآخر يقول إنها توفت بعد استشهاد عمر بن الخطاب وحضرت خلافة عثمان بن عفان.

3- زوجة زيد الثالثة

بعد وفاة بركة الحبشية “أم أيمن” أصبحت أم كلثوم بنت عقبة بن معيط زوجة زيد بن حارثة الثالثة، وأنجب منها ولد وبنت لكن مات الولد صغير وتوفت البنت بعد وفاة أبيها، بعد ذلك قام زيد بطلاق أم كلثوم وتزوج درة بنت أبي لهب، وطلقها ثم تزوج هند بنت العوام أخت الزبير بن العوام.

إبطال التبني بالزواج من زينب بنت جحش

كان يدعو الناس زيد دائمًا في المدينة بزيد بن محمد، وكان ذلك لشدة تعلقه بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتعلق النبي به وقام بتزويجه زينب ابنة عمته كما ذكرنا أنها أول زوجة زيد بن حارثة، وطلقها بعد ذلك حتى نزل الوحي بقول سبحانه وتعالى أن يتزوج النبي بابنة عمته، قال تعالى:

(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا).

كما نزلت آية: (ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا).

كان في تلك الآية إبطال اعتقاد الجاهلية من تحريم الزواج من زوجة متبناه، ونزلت الآية الثانية وأبطلت التبني نفسه، وروى بعض العلماء أن أهل المدينة رفضوا تلك الزواج وأبطلوه وقالوا إن محمد -صلى الله عليه وسلم- يحرم الزواج من زوجة الولد لكنه تزوج زوجة ابنه فنزلت آية: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا).

شبهة إعجاب الرسول بزينب

في عهد الملك بن مروان دس يوحنا الدمشقي شبهة إعجاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بزينب بنت جحش، وهي من الباطل، ورفضها العلماء تمامًا، وذكر أن زينب وقعت في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ذلك مرفوض تمامًا ويتعارض مع عفة رسول الله وطهارته، وهي من القصص المؤذية في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

اقرأ أيضًا: متى أسلم خالد بن الوليد

الحكمة في زواج الرسول من زينب

تم ذلك الزواج بناءً على أمر الله سبحانه وتعالى، وذلك يؤكد أن لتلك الزواج حكمة إلهية، لأن في الجاهلية أنتشر أن الرجل لا يتزوج من كانت زوجة متبناه، وفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لإبطال تلك العادة، ورأى بعض المفسرين تفسير آية (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) التي تشير إلى زواج محمد صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش.

فجاء تفسير القرطبي والبغوي والطبري وابن كثير والسعدي كالآتي: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو كان يخفي شيء من الوحي لأخفى تلك الآية لأنها كانت من أشد الآيات عليه، وكان عندما يشتكي زيد له من زينب يقول له رسول الله أبقى عليها ولا تطلقها، لأنه كان يعلم في نفسه أنها ستكون من زوجاته ولا يريد أن يخبر زيد بذلك.

جاء تفسير آية: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) للقرطبي والبغوي والطبري وابن كثير والسعدي قائلًا: أنه بعد أن انتهي منها وتم الطلاق بينهما وصدر أمر زواجهما من الله تعالى من فوق سبع سماوات أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها زيد لخطبتها قائلًا:

“قالَ زيدٌ: فانطلقتُ، فقلتُ: يا زَينبُ أبشِري، أرسلَني إليْكِ رسولُ اللهِ يذْكرُكِ، فقالت: ما أنا بصانعةٍ شيئًا حتَّى أستأمرَ ربِّي، فقامت إلى مسجِدِها، ونزلَ القرآنُ، وجاءَ رسولُ اللهِ فدخلَ بغيرِ أمرٍ” والله أعلى وأعلم.

اقرأ أيضًا: متى توفي خالد بن الوليد

نبذة عن زيد بن حارثة

لم يُذكر اسم أحد من الصحابة في القرآن غير زيد بن حارثة، وذلك يدل على مكانته فهو كان من أول السابقين الذين دخلوا الإسلام بعد علي بن أبي طالب وقبل أبي بكر الصديق، ومنذ إسلامه وهو صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، استمر ذلك حتى هاجر زيد إلى يثرب مع الرسول صلى الله عليه وسلم.

شهد زيد العديد من غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوفي في غزوة مؤتة عندما كان قائدًا على ثلاثة آلاف مقاتل من المسلمين، وقال صلى الله عليه وسلم: «فإن قُتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قُتل فعبد الله بن رواحة» طعنًا بالرماح عن عمر 55 عام.

لما بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- خبر مقتل زيد وجعفر بن عبد المطلب، وعبد الله بن رواحة قال: «اللهم اغفر لزيد، اللهم اغفر لزيد، اللهم اغفر لزيد، اللهم اغفر لجعفر، ولعبد الله بن رواحة» وعندما ذهب لأهل بيته وأجهش بالبكاء، فقالو: ما ذلك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: «هذا شوق الحبيب إلى حبيبه».

حين كان يبعث الرسول زيد فطعن بعض الناس في إمارته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن تطعنوا في إمرته، فقد كنتم طعنتم في إمرة أبيه من قبله. وأيم الله إن كان لخليقًا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلى بعده».

كما قالت عائشة بنت أبي بكر رضى الله عنها عن زيد: «ما بعث رسول الله زيد بن حارثة في سريّة، إلا أمره عليهم، ولو بقي لاستخلفه»

كان زيد شديد الحب والتعلق برسول الله، حتى ظهر في أفعاله قدرته على التضحية بروحه من أجل نبي الله، وذلك لأنه أكثر الناس قام بمعاملته بلين وبطريقة حسنة، ولم يقدر يومًا على فراقه.

قد يعجبك أيضًا