تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية

تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية ليست تجربة طبيعية حيث إنها تعد تجربة لنجاتي من مرض يصيب 2٪ من الأشخاص، ويتسبب في إنهاء حياة واحد من كل عشرة أشخاص مصابون به، وسوف أعلمكم بكيفية نجاتي من هذا المرض؛ لذا من خلال موقع زيادة سوف أقدم إليكم كافة المعلومات التي تتعلق بتجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية من خلال السطور التالية.

تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية

تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية

في بداية تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية لم أكن أسمع من قبل عما يسمى باضطراب الشخصية الحدية ولم أعتقد يومًا بأني مريض بهذا الاضطراب.

فقد عانيت من أعراض هذا المرض لسنوات طويلة، كما أثر على حياتي واستقراري النفسي وعلى علاقتي الاجتماعية بأصدقائي وعائلتي، ولكن لم أفكر إطلاقًا في أنني أعاني من مرض ما أو أنني أحتاج إلى استشارة الطبيب.

بدأ هذا الاضطراب لدي منذ أن كنت في السابعة من عمري، فقد نشأت في جو أسري مليء بالعنف مع أب وأم لا يتعاملون معي سوى بالصراخ أو بالضرب الشديد، وأحيانًا بالتهديد المستمر بالطرد من البيت، الأمر الذي نشأ بداخلي شعور كبير بالخوف وانعدام الثقة والأمان.

حيث ترسخ بداخلي شعور بانعدام القيمة وبعدم استحقاق الحب من أي شخص، وسوف أظل أعاني طوال حياتي من الوحدة والحزن نتيجة العنف الذي تعرضت له.

كما أصبحت أعاني طوال فترة طفولتي ومراهقتي وحتى في شبابي من نوبات غضب وعصبية غير مبررة، ودائمًا ما اتعامل بعنف شديد وحدة مع الأشخاص المحيطين بي، ولم أكن أقدر على تكوين صداقات.

فقد عشت وحيدًا لا أحد يحبني ولا يتقرب مني ولا أحب أحد أو أتقرب من أحد، كما أن كل من حولي عرفوا بأني شخص غريب الأطوار، دائمًا ما أندفع في اتخاذ قراراتي.

دائمًا ما اتصدم بمن حولي، كما عرفت بعدم مبالتي بأي قواعد أو اهتمام بالحدود الاجتماعية المتعارف عليها، هذا نتيجة لكرهي الشديد لأي قيود أو قواعد اجتماعية أو حتى أخلاقية تقف في طريقي وتمنع ذلك الشخص الحاد المكبوت بداخلي من الإنطلاق.

اقرأ أيضًا: ما هو الاضطراب النفسي واعراضه

معاناتي من اضطراب الشخصية الحدية

كان الجميع يسطحون علاقتهم بي ويبتعدون عني قدر الإمكان، وذلك حتى يتجنبوا تقلباتي الحادة وردود أفعالي الغير مبررة، ولم يعلم أحد بهذا المرض الذي يتواجد بداخلي، والذي ابتلعني في أعماقه وجعلني أفقد السيطرة على نفسي، كما تسبب في شعوري بالوحدة وانعدام الثقة بالنفس.

قد استمر هذا الوضع حتى تعرضت للاكتئاب وفقدت الشغفة في كل أمور الحياة، وكلما مر الوقت كلما زادت كراهيتي لنفسي ولمن حولي، وكانت تدور بداخلي فكرة التخلص من هذا السجن الذي يسمى بالحياة، وكانت هذه الفكرة تدفعني لإنهاء معاناتي والانتحار كي أنهي حياتي التي لا قيمة لها.

بالفعل قررت في لحظة اندفاعية كالعادة أن أضع حد لحياتي، وأقدمت على الانتحار بالفعل، ولكن قام أخي بإنقاذي في أخر لحظة، وأخد أهلي في معاتبتي وغضبوا غضبًا شديدًا من فعلتي، ورجعت مرة ثانية للسجن الذي يسمى بالحياة.

لكن هذه المرة أدركت صعوبة ما أمر به، وما كان يطاردني في حياتي، وكان أكثر شيء يؤثر بداخلي ويؤلمني بعد حادثة الانتحار هو شعوري بالوحدة، حيث إنني لم أمتلك صديق مقرب يمكنني اللوجوء له، ولم يكن بجانبي أحد يمكنه مساندتي؛ فلقد كنت أعاني من تهوري واندفاعي.

علاجي من اضطراب الشخصية الحدية

إلى أن صادفت في أحد الأيام  فيديو مصور لطبيب يتحدث فيه عن مرض اضطراب الشخصية الحدية وعن أعراض التي وجدتها تنطبق علي، وفي هذا الوقت أدركت أن ما أعاني منه هو مرض، وأني بحاجة للعلاج، فقمت بالبحث عن معلومات تفيدني عن هذا المرض وعن طرق علاجه.

إلى وجدت كافة المعلومات التي أفادتني كثيرًا، ولقد ملأ الأمل بداخلي بعد أن علمت أن للمرض علاج، وأنه من الممكن  أن أتعافى منه، وبالفعل توجهت لاستشارة طبيب نفسي، وبدأت في تلقي برنامج علاجي.

كان العلاج عبارة عن طرق دعم من مختصين، وعملوا على إدارة عاطفتي تجاه ذاتي وتعلمت كيفية حب ذاتي والوثوق في قدراتها، ولقد انتابني شعور باتزان واستقرار نفسي لأول مرة أشعر به، حيث إن هذا الشعور ملء داخلي سلامًا.

الأمر الذي أدى إلى انعكاس ذلك علي علاقتي بالأشخاص المحيطين بي، واستعدت الثقة والشعور بالاطمئنان، وقد انتهى شعوري بالوحدة، وذلك عن طريق تكويني لصداقات مع من حولي، وتحولت من كوني شخص متهور  بلا سيطرة إلى شخص آخر واعي يفكر جيدًا ويزن الأمور بعقل وحكمة.

اقرأ أيضًا: كيفية التعامل مع الشخصية النرجسية

حول اضطراب الشخصية الحدية

بعد توضيحي الكامل لتجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية، سوف أعرفكم على بعض المعلومات الهامة حول هذا المرض، حيث يعتبر اضطراب الشخصية الحدية هو أحد أنواع اضطربات الصحة العقلية.

كما أنه يؤثر على طريقة تفكير الشخص في نفسه وفي شعوره بقيمتها؛ الأمر الذي يتسبب في إحداث مشاكل كثيرة وعراقيل في مهام الحياة اليومية لدى المريض.

كما يجد الشخص صعوبة كبيرة في نظرة  لنفسه، بالإضافة إلى عدم القدرة على التحكم في مشاعره وسلوكه، وبالتالي يحدث له اضطرابات في العلاقات الاجتماعية باستمرار وبشكل متكرر.

كما يعاني المريض من الخوف الشديد من الفقد والهجر ومن عدم الاستقرار النفسي، وأحيانًا يجد صعوبة في تحمل عزلته ووحدته، لكن تجد أن الأشخاص المحيطين به ينفرون منه ويبتعدون عنه، وهذا نتيجة لنوبات الغضب الحاد والهياج والاندفاع وحالته النفسية المتقلبة.

أعراض مرض الشخصية الحدية

إن أعراض مرض اضطراب الشخصية الحدية تختلف من شخص لآخر، والجدير بالذكر أن السيدات هم أكثر عرضة للإصابة بذلك الاضطراب بالمقارنة بالرجال، وهناك العديد من الأعراض المعروفة لاضطراب الشخصية الحدية، وهذه الأعراض تكون على النحو التالي:

  • عدم الاستقرار النفسي وتكوين صورة ذاتية مختلة، وفقدان الثقة بالنفس والشعور بانعدام القيمة.
  • الشعور الشديد بالعزلة والغضب والتهور والفراغ والقلق.
  • عدم الإحساس بالتعاطف مع من حوله.
  • عدم استقرار علاقات المريض، وتقلبها بدرجة كبيرة، حيث قد تنتقل مشاعره من الحب القوي والمثالية إلى الكره الشديد والغضب.
  • الخوف الكامن بداخله من الهجر أو الرفض ممن حوله.
  • التغييرات المزاجية المفاجأة، التي قد تستمر لأيام عديدة أو لبضع ساعات.
  • الشعور القوي بالقلق والتوتر والاكتئاب.
  • القيام بأفعال متهورة مليئة بالمخاطر وقد تتسبب في تدميره، مثال على ذلك: (القيادة المتهورة بسرعة كبيرة، استخدام المخدرات أو الكحول بإفراط شديد، ممارسة الجنس غير الآمنة).
  • تعامل المريض بعنف وغضب شديد وعدوانية مع من حوله.

اقرأ أيضًا: نقاط ضعف الشخصية النرجسية

أسباب الإصابة باضطراب الشخصية الحدية

ضمن إطار عرض تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية سوف أعرفكم بأبرز الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة باضطراب الشخصية الحدية، وبالرغم من أن بعض الحالات لم يكتشف سبب إصابتهم بهذا الاضطرات، وسوف نذكر لكم أسباب اضطراب الشخصية الحدية فيما يلي:

1- العوامل الوراثية

أشارت بعض الدراسات الخاصة بالأسر إلى أن مرض اضطرابات الشخصية قد يكون بسبب الجينات الوراثية أو من الممكن أن تكون مرتبطة بمدى اضطرابات الصحة العقلية والاستقرار النفسي بين أفراد الأسرة.

2- الإصابة بالاضطرابات الدماغية

أوضحت الأبحاث وجود تغييرات تحدث في أماكن محددة من الدماغ، وهذه التغييرات تتعلق بتنظيم العاطفة والتهور والهياج والعدوانية، أيضًا من الممكن  أن تكون نتيجة لتوقف بعض المواد الكيميائية في المخ عن العمل، وهي التي تساهم في تنظيم الحالة المزاجية للشخص، مثل مادة السيروتونين.

3- التعرض لصدمة نفسية قوية

أظهرت الدراسات أن تعرض الشخص لصدمة نفسية من الممكن أن يسبب له اضطراب الشخصية الحدية، والاندفاع.

تجدر الإشارة إلى وجود أسباب أخرى بشأنها أن تؤدي إلى الإصابة باضطرات الشخصية الحدية، وهذه الأسباب تكون على النحو التالي:

  • عدم الاستطاعة على التأقلم مع المجتمع، وعدم القدرة على التعامل مع الأخرين.
  • تعرض المريض للاعتداء الجنسي وهو صغير.
  • اضطرابات البيئة المحيطة به وعدم استقرار العلاقات الأسرية.

اقرأ أيضًا: الفرق بين المرض النفسي والعقلي

حول مرض اضطراب الشخصية الحدية والانتحار

بعدما عرضت لكم تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية، تجدر الإشارة إلى أن بعض الدراسات قد أثبتت أن حوالي 80٪ من المرضى المصابون باضطراب الشخصية الحدية يظهرون سلوكًا انتحاريًا، حيث تتضمن هذه المحاولات على طرق مختلفة منهم من حاول الانتحار عن طريق قطع الأيدي.

أما البعض الآخر فقد حاولوا حرق أنفسهم، وغيرها من الطرق والأفعال التي تشكل خطر كبير، كما أظهرت الأبحاث أن ما بين 4% إلى 9% من المرضى المصابون باضطراب الشخصية الحدية تنتهي حياتهم من خلال الانتحار.

علاج اضطراب الشخصية الحدية

إن العيش مع الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية من الأمور المرهقة للأهل والأشخاص المحيطين به؛ لذلك يجب الحصول على الدعم الطبي والنفسي السليم لتخطي هذا المرض وللنجاة منه، وهذا العلاج يتمثل فيما يلي:

1- الذهاب إلى الطبيب النفسي المختص

يلزم على الشخص  اللجوء إلى طبيب مختص بمعالجة الأمراض النفسية والعقلية في حالة شعوره بوجود أعراض اضطراب الشخصية الحدية السابق ذكرها، وهذا حتى يحصل على الدعم النفسي والرعاية اللازمة.

كما أنه قد يتطلب العلاج فترة طويلة، ويمكنك الحصول على الدعم والعناية الطبية  اللازمة، التي تساعده على تخطي هذا المرض.

2- العلاج بتعديل السلوك

إن الإصابة باضطراب الشخصية الحدية الذي يعد من أكثر الأمراض تعقيدًا، لذلك يجب تقديم الدعم السلوكي من قبل المتخصصين حتى يتعلم طريقة التحكم بمشاعره بطريقة صحيحة، كما أنه يتعلم  كيفية الوصول إلى تكوين علاقات اجتماعية ناجحة.

بالإضافة إلى تدريب المريض على طرق الحد من سلوكياته المندفعة التي تدمره، كما أن هذا الدعم يساعده على فهم التفاصيل الهامة عن حالته الصحية، وهذا يحدث مع التزام المريض بالعلاج إلى حين التحسن والتعافي التام.

اقرأ أيضًا: سلبيات وإيجابيات النظرية السلوكية

هكذا أكون قد عرضت لكم تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية وكيف عانيت مع هذا المرض إلى أن تعالجت منه، كما تطرقنا لمعرفة طرق العلاج من هذا المرض، وأتمنى أن أكون قد قدمت لكم الإفادة.

قد يعجبك أيضًا