من أول من يفيق بعد النفخ في الصور سؤال يشغل أذهان الكثير من المسلمين، ففكرة النفخ في الصور والبعث وكل ما يتعلق بالحياة الآخرة بشكل عام من الأمور التي تبعث الرهبة في نفوسنا، فالنفخ في الصور أمر عظيم، فهو من أهوال يوم القيامة، التي يجب أن يعلم كل الناس الأمور المتعلقة بها، وعلينا أيضاً أن نستعد لمثل هذه الأحداث المرعبة بالأعمال الصالحة وتقوى الله، فإن كنت عزيزي ترغب في معرفة من أول من يفيق بعد النفخ في الصور فتابعنا لنعرف سوياً من خلال ما يلي عبر موقع زيادة.
اقرأ أيضًا: من هو الملك الموكل بالنفخ في الصور
من أول من يفيق بعد النفخ في الصور
تبقى الحياة الآخرة بكل ما يتعلق بها، من الأمور الغيبية التي نعجز عن معرفة أحداثها، مهما راودتنا أنفسنا لمحاولة معرفة ذلك، ومهما بلغت محاولاتنا في الاجتهاد في التعرف على هذا العالم، فإننا لا نستطيع أبداً أن نرسم ملامحه بدقة.
إلا أن هناك بعض الأمور التي تتعلق بهذه الحياة الغيبية الغامضة، قد أخبرنا بها رسول الله صل الله عليه وسلم، ومن بين هذه الأمور أنه قد أخبرنا أنه صلى الله عليه وسلم هو أول من اختاره الله ليفيق من البعث بعد النفخ في الصور.
حيث وردت بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد أن رسول الله صل الله عليه وسلم، هو أول من يفيق من البعث بعد النفخ في الصور، وأن إسرافيل عليه السلام وهو المكلف بالنفخ فيه سيكون من الأحياء في ذلك الحين، عندما يبعث الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
والإجابة على سؤال من أول من يفيق بعد النفخ في الصور هي أن هناك بعض الأدلة الموثوقة التي يمكن أن تؤكد لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من اختاره الله تعالى ليكون أول من يبعث يوم القيامة، وهذا أمر لا شك فيه.
اقرأ أيضًا: ما اسم النفخة الأولى في الصور
الدليل الأول
حيث أنه قد ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الناس يُصعقون يوم القيامةِ، فأكونُ أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمةٍ من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الصور”
الدليل الثاني
والدليل الثاني الذي يمكننا أن نؤكد به أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو إجابة سؤال من أول من يفيق بعد النفخ في الصور، هو:
ما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه قَالَ: (لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ، قَالَ: ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِث، أَوْ فِي أَوَّلِ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ آخِذٌ بِالْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّور، أَوْ بُعِثَ قَبْلِي) .
وفي رواية أخرى رواها الإمام البخاري رضى الله عنه، جاء فيها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصيغة: (النَّاس يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ).
وقد فسر بعض العلماء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن نبي الله ورسوله موسى عليه السلام:
(فَلَا أَدْرِي أحوسب بصعقته يوم الطور، أو بعث قبلي)
أنه أغلب الظن أن رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم قد قالها قبل أن يعلمه الله أنه أول من يبعث بعد النفخ في الصور.
الدليل الثالث
والدليل الثالث الذي يؤكد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول من تنشق عليه الأرض بعد أن ينفخ سيدنا إسرافيل عليه السلام في الصور، هو:
ما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ)، وصححه الألباني في “صحيح سنن أبي داود”.
الدليل الرابع
والدليل الرابع الذي يؤكد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو إجابة سؤالكم من هو أول من يفيق بعد النفخ في الصور هو:
ما رواه البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنِّي أَوَّلُ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بَعْدَ النَّفْخَةِ الْآخِرَةِ).
اقرأ أيضًا: ما هي أهوال يوم القيامة؟
ما هو النفخ في الصور؟
بعد أن عرفنا سوياً من أول من يفيق بعد النفخ في الصور هيا نتعرف سوياً على معنى النفخ في الصور وكيف يتم بالإضافة إلى العديد من المعلومات المتعلقة بالنفخ في الصور فتابعوا أعزائي لتعرفوا أكثر:
حيث قال أهل اللغة أن النفخ في لغتنا العربية يعني إطلاق الهواء بواسطة الفم، أما المقصود بكلمة النفخ اصطلاحاً هو البوق الذي يستخدمه إسرافيل عليه السلام لينفخ فيه، في الوقت الذي يأمره فيه الله تعالى بفعل ذلك.
وجدير بالذكر هنا أن إسرافيل عليه السلام هو من أوكل الله تعالى إليه مهمة النفخ في الصور، وهو من الملائكة المكرمين، فهو جاهز ومستعد لأن يقوم بالنفخ في الصور في الوقت الذي يختاره الله ويأمره فيه بالنفخ، وبدأت حالة استعداده هذه منذ تلك اللحظة التي خلقه فيها الله تعالى وأوكل إليه أمر النفخ، فمازال إسرافيل عليه السلام منتظراً أمر الله تعالى ليقوم بمهمته المعروفة.
ويقوم إسرافيل عليه السلام بالنفخ في الصور بواسطة بوق يشبه القرن، حيث ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن البوق الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام، عبارة عن آلة تشبه القرون تماماً، وقد أسند الله تعالى إليه مهمة النفخ فيه في ذلك اليوم الموعود، الذي حدده الله تعالى ليبدأ فيه بعث خلقه، وقد أخفى موعد هذا اليوم عن جميع خلقه، ومنذ أن أسند الله إليه هذه المهمة وهو في حالة استعداد للنفخ فيه، وكلما مر الزمان واقترب زاد استعداده وجاهزيته لتنفيذ أمر الله تعالى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {كيف أنعم، وقد التقم صاحب القرن، وحَنى جبهته، وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ}. رواه الترمذي وحسّن.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: “الصور قرن عظيم، ينفخ فيه إسرافيل النفخة الأولى للموت والفزع، والنفخة الثانية للبعث والنشور، هاتان النفختان قد ذكرهما الله تعالى في القرآن الكريم، إحداهما تسمى نفخة الصعق، ويطلق عليها أيضاً نفخة الفزع، وبها يموت الناس جميعاً، والثانية هي نفخة البعث.
وقال جماعة من العلماء أن للبعث ثلاث نفخات وهم نفخة الفزع، وقد يفزع الناس فقط، ثم تأتي بعدها نفخة الموت، ثم نفخة البعث والنشور، والمحفوظ نفختان فقط، كما دل عليهما كتاب الله العظيم” انتهى من “فتاوى نور على الدرب”.
والخلاصة أن الله تعالى قد أخبرنا في كتابه العزيز وأخبرنا أيضاً رسوله الكريم أن النفخ في الصور يتم على مرحلتين، رغم أن هناك بعض العلماء الذين يرون أن النفخ في الصور يتم على ثلاث مراحل، ففي البداية ينفخ إسرافيل عليه السلام في البوق وتسمى هذه النفخة بنفخة الصعق، لأن بعدها تصعق جميع المخلوقات ويموت كل من في السماوات والأرض، إلا من كتب له الله تعالى أن يبقى حياً.
والمرعب في النفخة الأولى التي ينفخها إسرافيل عليه السلام في الصور أنها تأتي على غفلة من الناس، أثناء انشغالهم بأحوال الدنيا وما فيها، فهم في لهوهم بين الطعام والشراب والتسوق، وادخار الأموال، وبناء البيوت، والتنزه في الشواطئ وغيرها من ملذات الحياة.
وقد قال ابن كثير رحمه الله تعالى، أن نفخة الصعق هذه هي النفخة التي يموت بعدها كل من كانوا على قيد الحياة سواء في الأرض أو في السماوات، إلا من شاء له الله تعالى أن يبقى حياً، ثم بعد ذلك يقبض الله جميع أرواح البشر الباقية، في نهاية الأمر يموت ملك الموت ليكون آخر من يكتب عليه الله أن يموت.
ثم بعد ذلك يحيي الله تعالى إسرافيل عليه السلام، لكي يقوم بمهمته المكلف بها، وهي النفخ في الصور للمرة الثانية ليبعث الله تعالى خلقه، أما النفخة الثانية التي يكلف الله إسرافيل عليه السلام أن ينفخها في الصور هي نفخة البعث أو نفخة النشور، ولا يعرف أحد من المخلوقات موعدها، حتى إسرافيل عليه السلام المكلف بالنفخ، فلا يعلم متى موعد البعث إلا الله تعالى.
فبعد نفخة الصعق وموت جميع المخلوقات وتحلل أجسادهم، يأمر الله تعالى السماوات أن تمطر، فإذا لامس هذا المطر رفاة الموتى نبتت أجسادهم من جديد كما تنبت النباتات في الأرض، فالله هو الخالق وهو القادر على كل شيء، ويعيد الله تعالى الأرواح لأجسادها ويحيي العظام وهي رميم، ويغادر الناس قبورهم وهم في حالة فزع ورعب، ويساقون إلى أرض المحشر ليبدأ حسابهم، ويدخل الله الجنة من شاء من عباده، ويحشر من يشاء في النار.
ومن العلماء من يرى أن نفخة الصعق والبعث يسبقهم نفخة تسمى بنفخة الفزع، ليكون عدد المرات التي كتب الله أن ينفخها إسرافيل عليه السلام في الصور ثلاث مرات، ومن ضمن هؤلاء العلماء الذين يتجهون لهذا الرأي هو ابن كثير رحمه الله تعالى، أما القرطبي رحمه الله تعالى فكان من ضمن الذين يرون النفخ في الصور يتم مرتين وهم نفخة الصعق ونفخة البعث، ويعلل ذلك بأن نفخة الصعق تشمل الفزع.
ومن الجدير بالذكر أن حالة الفزع هذه لا تشمل الإنسان فحسب ولا حتى كل الكائنات الحية، وإنما تشمل حتى الجماد كالجبال والأنهار والبحار يتغير حالهم من هول المشهد، أما عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى في كتابه العزيز، حيث يقول الله تعالى:
“وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68)” سورة الزمر الآية رقم 68.
فذهب بعض العلماء إلى أن من لم يكتب الله عليهم الصعق هم الشهداء وزبانية جهنم والأنبياء والحور العين وسيدنا موسى عليه وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام، والملائكة مثل جبريل عليه السلام وإسرافيل وملك الموت، ولكن لا يمكن الجزم بذلك لعدم وجود دليل واضح يؤكد من استثناهم الله تعالى من الصعق عند النفخ في الصور.
اقرأ أيضًا: كيف يموت ملك الموت
وختاماً نكون قد عرفنا سوياً من أول من يفيق بعد النفخ في الصور وبالطبع قد تأكدنا من رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو أو من يفيق يوم البعث ليكون أول من يلقى ربه من البشر، قدمنا لكم أدلة موثوقة تثبت ذلك، ليكون قولنا ثابتاً لا شك فيه، ولكن الأهم من هذا كله أن نستعد لهذا اليوم بصالح الأعمال كي يرحمنا الله تعالى، وتشملنا شفاعة نبيه.