لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم

لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم، سؤال يشغل أذهان الكثير من المثقفين والمهتمين باللغة العربية وتاريخ الشعر ومراحل تطوره، ففكرة إطلاق كلمة معلقات على قصائد وأبيات شعرية أمر عجيب يثير الدهشة ويجعلنا نتساءل لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم، ولماذا أطلق على مجموعة معينة من القصائد اسم معلقات دون غيرها، ما السر الذي يميزها دوناً عن غيرها من القصائد ليجعلها تستحق هذا اللقب العجيب، فتابع عزيزي لنتعرف سوياً من خلال ما يلي عبر موقع زيادة.

اقرأ أيضًا: شرح معلقة طرفة بن العبد لخولة أطلال

لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم

لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم

اختلف الكثير من علماء التاريخ وأهل اللغة في إجابتهم عن هذا السؤال، لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم، وقد دارت بينهم الكثير من المناقشات وأثير الجدل وتعددت محاولاتهم في حسم هذه المسألة الهامة التي تتميز بالغرابة.

فمنهم من يرى أن المعلقات قد سميت بهذا الاسم لأهميتها لدرجة أنها كانت تكتب بماء الذهب، ومنهم من يرى أن المعلقات قد أطلق عليها هذا الاسم لأنها كانت تعلق على جدار الكعبة لأهميتها، ومنهم من يرى أنها قد سميت بهذا الاسم العجيب لأنها كانت تعلق في الأذهان لسهولة حفظها وعذوبة كلماتها، ومنهم من يرى أنها كانت تشبه القلائد النفيسة وكانت تعلقها الجميلات من النساء على صدورهم.

وإليك عزيزي أهم هذه الآراء بشيء من التفصيل، فتابع عزيزي لتتعرف عليها لعلنا نستطيع حسم هذه المسألة سوياً بدقة وموضوعية:

الرأي الأول

يرى مجموعة من العلماء في بحثهم عن لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم، أنها قصائد شعرية مميزة، وقد لاقت عند كل من يسمعها حباً واستحساناً، ومن فرط إعجابهم بأبياتها الرائعة والمميزة، قاموا بكتابتها بماء الذهب، فلم يطلق عليها اسم المعلقات فحسب، وإنما أطلقوا عليها المذهبات نسبة إلى ماء الذهب الذي تمت كتابة كلماتها به، والدليل على ذلك قول “امرؤ القيس” أثناء حديثه عن المعلقات حيث قال: (والمذهبات السبع).

الرأي الثاني

هناك رأي آخر مخالف تماماً للرأي الأول، قد قاله علماء اللغة العربية في إجابتهم عن ذلك السؤال الهام لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم، حيث يرى بعض العلماء أن سبب تسمية المعلقات بهذا الاسم هو أن هذه القصائد التي أطلق عليها فيما بعد اسم المعلقات، كان يتم تعليقها على أستار الكعبة.

وقد أيد هذا الرأي العجيب كلاً من: ابن خلدون وابن الكلبي وياقوت الحموي، وغيرهم الكثير من العلماء، والدليل على ذلك ما ورد عن ابن الكلبي إذ يقول:

“إن أول ما تم تعليقه على أستار الكعبة كان شعر لأمرئ القيس، ومن بعد ذلك علق باقي الشعراء معلقاتهم”.

ولكن كما لاقى هذا الرأي قبولاً من البعض إلا أنه قد لاقى رفضاً شديداً من البعض الآخر، حيث يرى البعض عدم صحة ربط المعلقات بالكعبة وكانت حجتهم في ذلك لأنه أثناء تحطيم الأصنام لم يتم ذكر وجود أي معلقات، كما أنه لم يرد لنا ذكر المعلقات نهائياً من صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم والتابعين.

أما دليلهم الثالث الذي يثبت صحة وجهة نظرهم في عدم وجود أي علاقة بين المعلقات والكعبة هو عدم ورود أي معلومات عنها عند إعادة بناء الكعبة المشرفة، كما أن العرب في العصر الجاهلي لم يكونوا يعرفون الكتابة من الأساس، فنادراً ما تجد بينهم أحد يعرف طريقة الكتابة، وبالتالي لم يكن هناك مجالاً لكتابة الشعر والقصائد.

وإنما كتبوا الأمور الهامة فقط مثل تدوين الأمور المتعلقة بالأحداث السياسية في الكتب، وتسجيل المعاهدات وما شابه ذلك، ورغم أهمية تدوين هذه الأمور والأحداث الهامة إلا أنه تم ذلك في سطور قليلة وفي أضيق نطاق، فكيف لهم أن يكتبوا سبعة معلقات قد تصل القصيدة الواحدة منهم إلى سبعين بيتاً.

كما أن تلك المعلقات لو كان قد تم تعليقها على أستار الكعبة فعلاً، لما اختلف علماء اللغة في تحديد عدد تلك المعلقات من الأساس، فمنهم من يرى أن عددها سبعة معلقات ومنهم من يرى أن عددها عشرة.

بالإضافة إلى أن رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم، بعد أن قام بفتح مكة المكرمة دخل الكعبة المشرفة وقد ذكرت كتب التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية أنه قد وجد فيها صور ورسومات للخيل وصور أخرى للأصنام بالإضافة إلى بعض الصور للعذراء مريم، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بطمسها جميعاً، فلو كان هناك بالفعل قصائد معلقة على الكعبة فلماذا لم يتم ذكرها؟.

فبالتأكيد أنها لو كانت معلقة على الكعبة بالفعل لكان ذكرها التاريخ ولم يهملها، ومن هؤلاء المعارضين لفكرة أن سبب تسمية المعلقات بهذا الاسم يرجع إلى تعليقها على أستار الكعبة الشيخ مصطفى صادق الرافعي رحمه الله، وأبي جعفر النحاس.

اقرأ أيضًا: معلقة زهير بن ابي سلمى حكيم شعراء العرب

الرأي الثالث

وهناك فريقاً من أهل العلم يرى أن سبب تسمية المعلقات بهذا الاسم يرجع إلى أنها قد تعلقت في قلوب كل من سمعها، وليس على أستار الكعبة، فقد أحب الناس قصائد المعلقات دون غيرها من القصائد، لذا سميت بالمعلقات لتميزها وحب الناس الشديد لها وتعلق قلوبهم وشغفهم بها دون غيرها من القصائد.

والدليل على صحة هذا الرأي هو ما يكشف عنه معنى كلمة معلقات ومشتقاتها في لغتنا العربية ويقال: عَلِقَها، بالكسر، عَلَقاً وعَلاقةً وعَلِقَ بها أي أحبها، وعُلِّقَها وعُلِّق بها تَعْلِيقاً: أَحبها، وهو مُعَلِّقُ القلب بها.

ومن أشد المؤيدين لهذا الرأي أيضاً دكتور شوقي ضيف رحمه الله تعالى إذ يقول: إن كلمة معلقات مأخوذة من كلمة العلق، وتعني هذه الكلمة في لغتنا العربية النفيس والغالي، وهذه القصائد التي أطلق عليها كلمة معلقات كانت من أنفس القصائد وأحبها إلى قلوب العرب، ونرى أن تحليله هذا منطقي ولا بأس به فهو تفسير لغوي لا يمكننا الاعتراض عليه.

الرأي الرابع

يرى بعض علماء اللغة العربية والتاريخ أن سبب تسمية المعلقات بهذا الاسم يرجع إلى شدة جمالها، فمن فرط جمال المعلقات قامت النساء الجميلات بتعليقها على صدورهم كما تعلق القلائد الجميلة وتزينوا بها.

الرأي الخامس

حيث يقول بعض علماء اللغة العربية والتاريخ في ردهم على ذلك السؤال الذي طالما حير أذهان المثقفين، أن سبب تسمية المعلقات بهذا الاسم يرجع إلى سهولة ألفاظها وعذوبتها وروعة الوزن والقافية الأمر الذي جعلها سريعة الحفظ والتعلق بأذهان الناس، أي أن المعلقات قد سميت بهذا الاسم لأنها تعلق بالأذهان.

والخلاصة أن كل هذه الآراء التي حاولت الإجابة على ذلك السؤال الهام وهو لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم، مجرد اجتهادات لبعض العلماء ولا يوجد أي دليل يثبت صحتها، وربما نرجح الرأي الثالث فهو أرجح الأقوال حيث أيده الدكتور مجدي ضيف ودعمه ببعض الأدلة اللغوية التي لا يمكن أن نعترض عليها.

اقرأ أيضًا: هل غادر الشعراء من متردم (معلقة عنترة بن شداد)

ما هي المعلقات؟

لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم

بعد أن عرفنا سوياً لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم، اسمحوا لنا أعزاءي أن نتطرق سوياً للتعرف على ماهية المعلقات وبعض المعلومات البسيطة والهامة التي تتعلق بها، فللمعلقات تعريفين وهما:

المعنى اللغوي لكلمات المعلقات

المقصود بكلمة المعلقات في اللغة العربية وبعد البحث في المعاجم اللغوية نجد أن المعلقات قد أخذت من كلمة “علق”، وتعني المال الذي يتكرم به أحد الأشخاص عليك، فنقول أن هذا “عِلْقُ مضنَّة”.

والعَلَق أيضاً هو كلّ ما عُلِّق، ونقول ما عليه علق إذا لم يكن على أحد الأشخاص ثياب فيها خير، والتعلق هو النفيس والغالي من كل شيء، وقد وردت هذه الكلمة بهذا المعنى في حديث حذيفة المشهور الذي قد قال فيه:

«فما بال هؤلاء الّذين يسرقون أعلاقنا»، وكان يقصد من عبارته هذه نفائس الأموال.

معلومات عن المعلقات وعددها

  • أجمع جمهور العلماء أن المعلقات هي تلك القصائد تنسب إلى العصر الجاهلي، وقد اختلف العلماء في عددها فمنهم من يرى أن عددها هو سبع معلقات، ومنهم من يقول أن عدد المعلقات هو ثماني معلقات، ومنهم من يؤكد أن عددها هو عشرة معلقات.
  • وقد أطلق على المعلقات بعض الأسماء الأخرى مثل “السموط” وهو ذلك الخيط الذي يجمع حبات العقد، كما سميت أيضاً بالمذهبات نسبة إلى كتابتها بماء الذهب.
  • ومن أهم ما يميز المعلقات هو طولها، وألفاظها الفصيحة، وتنوع المعاني بها وكثرتها، وقيمتها الأدبية الكبيرة والمتميزة، فهي سيدة القصائد، لتصويرها الرائع والمميز للحياة في العصر الجاهلي، لما احتوت عليه من بيئة وشخصيات وعادات وتقاليد وبيئة، فاستطاع شعراء المعلقات رسم معالم المجتمع الجاهلي بفرشاة كلمات، وتناولت تلك المعلقات العديد من الموضوعات المتنوعة والمختلفة.
  • عادة تبدأ المعلقات بذكر الأطلال وبقايا الديار، وتذكر ملهمة الشاعر ومحبوبته، فتحكي عن دارها وحياتها، حيث يتحدث كل شاعر عن محبوبته برموزه المميزة وطريقته الخاصة.
  • قد ورد لنا أن أول من قام بجمع القصائد الطوال الذي يبلغ عددهم سبع قصائد وأطلق عليها اسم المعلقات هو “الراوي حماد”، فهي من أعذب وأفصح ما نطق به لسان العرب، لذا بدأ بعض المهتمين من بعده بدراسة المعلقات مثل ابن الكلبي وابن عبد ربه مؤلف العقد الفريد الذي قد أضاف تلك الرواية التي تقول أن المعلقات قد علقت على الكعبة الشريفة.
  • أجمعت الكتب القديمة على أن عدد المعلقات سبعة، ولكن اختلف الكتاب في تحديد هذه القصائد، فمنهم من ذكر قصائد أهملها الآخر، ومنهم من أهمل قصائد ذكرها الآخر، وقد تسببت حيرة اللاحقين بين هذه الكتب، في قيامهم بجمع كل ما قد تم ذكره فيها، ليصل عدد المعلقات في نهاية الأمر إلى عشرة معلقات.

اقرأ أيضًا: أبرز وأهم شعراء العصر الجاهلي

من هم شعراء المعلقات؟

لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم

لا يمكن أن يقال على كل قصائد الشعر اسم معلقات، فالقليل من الشعراء من تبسمت لهم الدنيا لتفوز إحدى قصائدهم الشعرية بلقب معلقة ليلحق بكل معلقة اسم صاحبها، فتابعوا معنا أعزائي لتعرفوا من هم شعراء المعلقات وأسماء معلقاتهم:

  • معلقة زهير بنِ أبي سلمى، وتبدأ بـ “أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ”.
  • معلقة امرؤ القيس بنِ حجر، وتبدأ بـ “قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ”.
  • معلقة عنترةَ بنِ شداد، وتبدأ بـ “هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَنم”، وقد قالها عنترة بن شداد عندما قام أحد رجال بني عبس بسبه ومعايرته بلونه الأسود وأمه زبيبة الأمة التي ذاق مر العبودية لكونه ابناً لها، فألف معلقته للرد عليه.
  • معلقة طُرفةَ بنِ العبد، وتبدأ بـ “لخولة أطلال ببرقة ثهمد”.
  • معلقة لبيد بنِ ربيعةَ، وتبدأ بـ “عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَـا”.
  • معلقة عمرو بنِ كلثوم، وتبدأ بـ “أَلَا هُبِّي بِصَحْنِكِ فَٱصْبَحِينَـا”، وتدور هذه المعلقة حول حال العرب في العصر الجاهلي من ناحية، والعادات والأعراف والتقاليد الاجتماعية والدين وغيرها الكثير من الأمور
  • معلقة الحارث بنِ حلزةَ اليشكري، واسمها آذَنَتْنَـا بِبَيْنِهِـا أَسْـمَــاءُ.

وهذه هي المعلقات السبعة التي اتفق عليها جميع أهل اللغة وتاريخ الشعر، أما من ذهبوا إلى أن عدد المعلقات الموجودة هو عشرة معلقات فقد أضافوا إليها ثلاثة معلقات آخرين وهم:

  • معلقة ميمون بنِ قيس، وتبدأ بـ “وَدِّعْ هُرَيْرَةَ إِنَّ الرَّكْبَ مُرتَحِلُ”.
  • معلقة النابغة الذبياني، وتبدأ بـ “يا دار مية بالعلياء فالسند”.
  • معلقة عبيد بنِ الأبرص، وتبدأ بـ “أقفر من أهله ملحوب”.

اقرأ أيضًا: أغراض الشعر الجاهلي وأشهر شعراء الجاهلية

وختاماً نكون قد عرفنا سوياً لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم، وقد بيننا لكم الاختلاف بين العلماء في حسم هذه المسألة الهامة، ولكن المؤكد لنا هنا أن هذه المعلقات هي أفضل ما نطق به لسان الشعراء في العصر الجاهلي، وقد ظهرت فيها سمات العصر الجاهلي جلية واضحة، وقد تعلقت بها قلوب كل من سمعها، أو ربما تعلقت هي في قلوبهم ورددتها ألسنتهم.

قد يعجبك أيضًا