هل يجوز غسل الملابس النجسة بالماء فقط

هل يجوز غسل الملابس النجسة بالماء فقط؟ هل يُشترط غسل الملابس النجسة في الغسالة؟ إن الأصل في الشيء طهارته، فإن لم يتم التيقن من حدوث ما يُنجسه يظل طاهرًا حتى التأكد من النجس، أما الشك فلا يعول عليه دون دليل بيّن، هذا لأن كثرة الشكوك من شأنها أن تجر إلى الوساوس التي لا طائل من ورائها، لذلك سنتعرف على هذا الموضوع من خلال موقع زيادة.

هل يجوز غسل الملابس النجسة بالماء فقط

إنَّ الطهارة من شروط أداء الصلاة وغيرها من العبادات، والأولى في حالة الثياب التي أصابها النجس غمرها بالماء لإزالة ما أصابها، استنادًا إلى قول الله تعالى:

  • في سورة الفرقان: “وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48)”.
  • في سورة الأنفال: “إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)”.

هذا بصدد جوابنا على سؤال هل يجوز غسل الملابس النجسة بالماء فقط، أما عند غسل الثوب لا يُشترط أن يتم حل أزراره وفكها ولا الأربطة، فقط يكفي صب الماء على تلك الأشياء إن أصابها شيء من النجاسات، أما إن وصلت النجاسة إلى ما تحت تلك الأزرار والأربطة، من الممكن غمره بالماء لضمان التيقن من وصولها إلى الموضع المتنجس.

ذكر الإمام –ابن باز- رحمه الله أن المرء إن كان يصب الماء على الملابس النجسة بحيث يزيل لونها ورائحتها بشكل كامل حتى تزول فإن الملابس تطهر بذلك، أما إن انفصل الماء عن الملابس وهو متغيرًا بالنجس يجب العلم أن الملابس لم تطهر بعد، ولزامًا غسله مرة أخرى حتى عند فصل الماء عه تجده نظيفًا طاهرًا.

كما قال الإمام المرداوي تأكيدًا على الحكم: “وَإِنْ أُزِيلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ، فَانْفَصَلَ مُتَغَيِّرًا، أَوْ قَبْلَ زَوَالِهَا، فَهُوَ نَجِسٌ ـ إذَا انْفَصَلَ الْمَاءُ عَنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ مُتَغَيِّرًا فَلَا خِلَافَ فِي نَجَاسَتِهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ انْفَصَلَ قَبْلَ زَوَالِهَا غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ، وَكَانَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ انْبَنَى عَلَى تَنْجِيسِ الْقَلِيلِ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّالِثِ، وَقِيلَ بِطَهَارَتِهِ عَلَى مَحَلٍّ نَجِسٍ مَعَ عَدَمِ تَغَيُّرِهِ، لِأَنَّهُ وَارِدٌ، وَاخْتَارَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، ذَكَرَهُ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا طَهُرَ الْمَحِلُّ، لِأَنَّ تَنْجِيسَهُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ مُمْتَنِعٌ، وَعَقِيبَ الِانْفِصَالِ مُمْتَنِعٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مُلَاقَاةُ النَّجَاسَةِ“.

على أن الثياب التي تم تعليقها حتى تجف، تكون طاهرة لا تتأثر طهارتها بالنجس الموجود على الأرض، ما دام ذلك النجس لا يصيبها.

اقرأ أيضًا: هل التخيل الجنسي يوجب الغسل

هل يكفي أن نرش على موضع النجاسة ماء؟

إذا أصاب الثوب النجس سواء كان من دماء الحيض أو البول وما إلى ذلك من النجاسات، وجب غسله بشكل كامل، حتى تزول ما به من النجاسة، فإن الأصل أن يتم حك الثوب ثم فركه بالماء، حتى يتحلل ما بداخله ثم غمره بالماء حتى يزول أثر النجاسة.

من هنا نعلم أنه لا يكفي نضح أو رش الثوب بالماء فقط حتى تزول النجاسة، فالأمر يشير إلى المبالغة في الغسل، إلا أن هناك اختلاف في مسألتين:

  • بول الغلام الذي لم يأكل الطعام إن جاء على الثواب يكفي رش الماء عليه فقط لطهارته.
  • المذي إن أصاب الثوب فإن نجاسته مخففة، فلا يشترط غمرها بالماء بل يكفي رشها ونضحها فقط.

فالنجاسة الغليظة فقط، هي التي يجب فيها الغسل المكرر حتى تزول عين النجاسة.

هل يُشترط غسل الملابس النجسة في الغسالة؟

في إطار حديثنا عن إجابة سؤال هل يجوز غسل الملابس النجسة بالماء فقط نذكر أنه لا يُشترط غسل الثوب الذي أصابه النجس في الغسالة، حيث يكفي أن يتم غمره بالماء فقط، هذا طالما كانت النجاسة كنجاسة البول، من هنا كان غسل الثوب بالماء كافيًا لطهارته، مع الحكم بجواز ارتدائه وهو رطب قبل أن يجف بشكل تام، لأنه بمجرد غسله صار حكمه طاهرًا.

اقرأ أيضًا: علامات الشفاء بعد الاغتسال بالسدر

حكم غسل الملابس النجسة مع الطاهرة في الغسالة الأوتوماتيكية

ارتباطًا بحديثنا عن جواب سؤال هل يجوز غسل الملابس النجسة بالماء فقط، نذكر أنه في حال كان الماء هو الذي يُرد على النجاسة بعدما توضع الثياب في الغسالة الأوتوماتيكية فإن الماء لا يُنجس إلا في حال انفصاله وهو متغيرًا إثر النجس.

أما إن انفصل ولم يصبه شيء من النجس، فهو ماء طهور لا يعد نجسًا، وكذلك بقية الملابس التي غمرها لا يصيبها النجس.

هنا نذكر آراء بعض العلماء ممن أشاروا إلى أنه إن انفصل الماء قبل أن يقوم بتطهير النجاسة فهو يعد من قبيل الماء النجس غير الطاهر، حتى إن لم يصبه تغييرًا قط يشير بنجاسته، لذا نذكر أن من الأفضل والأحرى أخذ الحيطة وإبراء الذمة، من خلال عدم خلط الثياب التي يصيبها النجس بالملابس الطاهرة، من أجل تجنب الخلاف القائم في تلك المسألة الفقهية.

هل الماء والصابون يطهر النجاسة؟

بعد أن أجبنا على سؤال هل يجوز غسل الملابس النجسة بالماء فقط من شأننا الإشارة إلى أمر غسل النجاسة بالماء المختلط بالصابون، حيث إن غسيل الملابس النجسة بالماء والصابون من شأنه أن يكون مطهرًا لها، في حال تمت إزالة عين النجاسة.

أما في حال كانت تلك النجاسة جامدة، هنا يجب حك وفرك الملابس بالماء فقط ثم العمل على غسيلها بالماء والصابون، بعد التمكن من إزالة النجاسة، لأن الملابس لا تطهر وعين النجاسة بها.

في حال طهرت الملابس من أي نجس كان بها، سواء دم الحيض، البول، الغائظ، فإن ارتدائها للصلاة أمر جائز لا بأس فيه، ومن هنا أمر النبي –صلوات الله وسلامه عليه- بأن المرأة الحائض إن وصلت الدماء إلى ثوبها فعليها أن تغسله بالماء، وحينما تطهر تصلي به.

فعن أسماء بنت أبي بكر –رصي الله عنها- عن النبي، قالت: “جَاءَتِ امْرَأَةٌ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَتْ: أرَأَيْتَ إحْدَانَا تَحِيضُ في الثَّوْبِ، كيفَ تَصْنَعُ؟ قالَ: تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بالمَاءِ، وتَنْضَحُهُ، وتُصَلِّي فِيهِ” (صحيح البخاري).

من هنا نجد أن النجاسة تزول بأي مزيل، فلا يُشترط فقط الماء الطهور، على أن هذا ما استند إليه الإمام ابن عثيمين رحمة الله عليه.

نشير في حديثنا عن إجابة سؤال هل يجوز غسل الملابس النجسة بالماء فقط إلى قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن أبي هريرة:

أنَّ أعْرَابِيًّا بَالَ في المَسْجِدِ، فَثَارَ إلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا به، فَقالَ لهمْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: دَعُوهُ، وأَهْرِيقُوا علَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِن مَاءٍ -أوْ سَجْلًا مِن مَاءٍ- فإنَّما بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ ولَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ” (صحيح البخاري).

اقرأ أيضًا: فوائد الاغتسال بالسدر المطحون

هل يكفي تطهير المذي بإسفنجة مبتلة بالماء؟

في إطار حديثنا عن إجابة سؤال هل يجوز غسل الملابس النجسة بالماء فقط، نذكر سؤالًا آخر وهو ما يتعلق بتطهير المذي، حيث إن المذي من النجس، وتتحقق طهارته بصب الماء عليه حتى زواله، فيذهب عين النجاسة ولا يتبقى منه ريح أو طعم أو لون.. كغيره من سائر النجاسات.

أما بصدد مسح النجاسة بإسفنجة مبتلة بالماء فقط، فهذا ليس من شأنه أن يفيد في تطهير المذي، على الرغم من قول البعض إنها تفيد في تطهير ما يفسده النجس، ومن الأحرى صب الماء وغمره للتمكن من إزالة موضع النجس.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الاغتسال بعد الفجر في صيام النوافل

حكم الماء المتطاير من الملابس النجسة أثناء غسلها

إن الماء المتطاير من الملابس النجسة أثناء غسلها هو ما يُطلق عليه “الغُسالة” أما عن حكمها فإنها بلا خلاف بين العلماء تعتبر نجسة ما دام تغير لونها وطعمها ورائحتها بالنجس، من هنا يجب العمل على غسلها.

أما إذا انفصلت ولكن لم يصيبها تعير بالنجس، فإن حكمها يتبع حكم الملابس، فإن كانت قد طهرت، فإن الغُسالة طاهرة، وعلى العكس.

في هذا الصدد يعترينا قول الإمام النووي –رحمة الله عليه-: “غسالة النجاسة إن انفصلت متغيرة الطعم أو اللون أو الريح بالنجاسة؛ فهي نجسة بالإجماع، والمحل المغسول باق على نجاسته.. وإن لم يتغير؛ فإن كانت قلتين فطاهرة بلا خلاف ومطهرة على المذهب، وإن كانت دون القلتين فثلاثة أوجه أصحها أنه إن انفصل وقد طهر المحل فطاهرة، وإلا فنجسة، والقول بالطهارة مطلقًا هو القديم…

… هذا كله إذا لم يزد وزن الغسالة، فإن كانت النجاسة ببول مثلاً، فغسل، فزاد وزن الغسالة، ولم يتغير، فالمذهب القطع بأنها نجسة… وهذا كله في الغسل الواجب، وهل هي مطهرة، الصحيح ليست مطهرة“.

إن التطهر من النجاسة من شروط الصلاة الواجبة، على أن العدد لا يُشترط في إزالة النجس، فمتى زال النجس زال حكمه، فيكفي الإنقاء، وهذا من يُسر الشريعة الإسلامية.

قد يعجبك أيضًا