ما هو الطاعون

ما هو الطاعون وما هي أنواعه وكيف يمكن معالجته والوقاية منه؟ ففي ظل الظروف الحالية التي يمر بها كوكبنا من جائحة كبرى لفيروس الكورونا، قد سمع الكثيرون عن مرض الطاعون، وكيف كان أخطر الأمراض على البشرية، والتي كانت على شفا حفرة من الانقراض، بسبب مرض الطاعون، والذي أطلق عليه المؤرخون الموت العظيم، نظرًا لأنه لم يكن يفرق بين الكبير والصغير، الرجل والمرأة، الأبيض والأسود، لذلك.. دعونا في هذا الموضوع نجيب على كل الأسئلة التي تتعلق بمرض الطاعون.

ما هو الطاعون

الطاعون هو أحد أشد الأمراض فتكًا بالبشر على مر التاريخ، بجانب أمراض وأوبئة أخرى كالإنفلوزنا الإسبانية التي ظهرت ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية، والطاعون هو عبارة عن مرض معدي ينتقل من البراغيث إلى الجسم البشري وتتسبب به البكتيريا، وبالرغم من تواجده من زمن طويل، إلا أنه يهاجم البشر على شكل جائحة كبرى كل فترة من الزمن، فهو يتطور مع مرور الوقت ويصعب القضاء عليه، وساعده على ذلك مروره بعدة مراحل تغير بها شكله وتغيرت أعراضه ونتائجه، ولكن ما لم يتغير هو البكتيريا المسببة له والتي تسمى “اليرسينيا الطاعونية”، وقد ظهر الطاعون في ثلاث مشاهد هي الأكبر حتى الآن، لذلك نقدم لكم نبذة مختصرة عن تلك الأوبئة الثلاث.

إقرأ أيضًا: أعراض مرض الطاعون وانواعه وطرق علاجه

طاعون جستنيان

يعد طاعون جستنيان هو أول وباء طاعوني يتم تسجيله بالتاريخ، وذلك بعدما تم العثور على الكتابات القديمة تتحدث عن الوباء من القرون الميلادية الأولى، بالإضافة إلى الجثث المتواجدة بالمقابر القديمة التي تحتوي على البكتيريا، وقد أصاب هذا الوباء عاصمة الدولة البيزنطية بمدينة القسطنطينية والمدن المتواجدة على ساحل البحر المتوسط ومناطق واسعة بآسيا وأوروبا، آخذًا ما يقارب خمسون مليون إنسانًا معه، أي نصف البشرية وقتها، وذلك بسبب جهل البشر لطرق علاجه أو الوقاية منه، فقد اكتفوا بعدم الاختلاط بالمرضى، وقد ساعدت المناعة القوية لدي البعض من النجاة، والحفاظ على الجنس البشري من الانقراض.

الطاعون الأسود

في القرن الرابع عشر الميلادي، بسهول آسيا الوسطى وشمال شبه القارة الهندية، ظهر الطاعون الأسود للمرة الأولى، وانتقل بعد ذلك إلى دول البحر المتوسط وأوروبا، زاهقًا ما يقارب 200 مليون شخص بقارات العالم القديم وأكثر من ربع سكان القارة الأوروبية وحدها، وبالرغم من عدم وجود سبب واضح لانتهاء الوباء، إلا أن الوعي البشري قد ازداد حول الأوبئة، فظهرت فكرة العزل عند سكان البندقية، والتي ما زالت تستخدم حتى يومنا هذا، وذلك سعيًا لعدم اختلاط المرضى مع الأصحاء وللحفاظ على سلامة المدن من الوافدين الحاملين للوباء، فتقل بذلك احتمالية انتقال العدوي.

طاعون لندن العظيم

استمر طاعون لندن العظيم لفترة تقترب من 300 عام، من القرن الرابع عشر حتى القرن السابع عشر، وبالرغم من أن ظهوره كان متقطعًا وليس مستمرًا، تسبب طاعون لندن العظيم في نفور حوالي 20% من إجمالي سكان لندن العاصمة الإنجليزية بكل مرة ظهر فيها، وكان آخر ظهور له بالقرن السابع عشر، تحديدًا بين عامي 1665 و1666 ميلاديًا، فمات ما يقارب المائة ألف نسمة من سكان المدينة حينها، وفي تلك المرة، تطورت طرق الدفاع البشري ضد الطاعون، فتم إجبار السكان بالبقاء في منازلهم وعدم الاختلاط، كما تم دفن جميع الموتى بالمقابر الجماعية لتحاشي إصابة الأصحاء.

أنواع الطاعون وأعراضه

هنالك ثلاثة أنواع رئيسية ينقسم إليها مرض الطاعون وهم: الطاعون الدبلي وطاعون إنتان الدم والطاعون الرئوي، ولكل منهم أعراضه وعلاماته، لذلك دعونا نوضح لكم أهم الأعراض التي تظهر على المصابين بتلك الأنواع من الطاعون..

الطاعون الرئوي

يمكنك أن تستنتج من اسمه، الطاعون الرئوي يهاجم الرئتين ويؤثر عليهما، وبالرغم من كونه أقل أنواع الطاعون انتشارًا، إلا أنه يعد أخطر أنواع الطاعون، فهو يهاجم الجهاز التنفسي لدي البشر، فتشمل أعراضه كل من:

  • صعوبة التنفس.
  • الحمى القوية.
  • السعال.
  • الغثيان.
  • القيء.
  • مخاط مصحوب بالدم.
  • الشعور بالضعف.
  • الصداع.
  • آلام في الصدر.

إقرأ أيضًا: من هو أبو الطب؟ وأشهر مؤلفات أبقراط المنسوبة له

الطاعون الدملي

يعد الطاعون الدملي النوع الأكثر انتشارًا بين أنواع الطاعون، وعرف كذلك باسم تورم العقد اللمفية، نظرًا للالتهابات الحاصلة بالعقد اللمفاوية التي تظهر بعد أيام من الإصابة، كما يتطور بشكل ملحوظ وسريع، مما يجعل الإصابة به قاتلة إلا في حالة العلاج السريع، وتشمل أعراضه كل من:

  • الحمى القوية.
  • آلام العضلات.
  • التعب.
  • التوعك.
  • القشعريرة.
  • الصداع.
  • تورم العقد الليمفاوي المتواجدة بالإبط أو الأربية أو الرقبة، فتكون مقاربة لحجم البيضة، وتتصف بصلابتها، وحساسيتها، فعند ملامستها يزداد الألم بشكل كبير.

طاعون إنتان الدم

هو نتاج عن تكاثر بكتيريا الطاعون في مجرى دم المصاب، فتصيبه بالأعراض التالية:

  • النزيف المستمر من الأنف أو الفم أو أسفل الجلد.
  • الحمى الشديدة.
  • آلام البطن.
  • القشعريرة.
  • غرغرينة بالأطراف، وهي موت الأنسجة، وتحدث غالبًا بالأصابع والأنف.
  • الشعور بالضعف.
  • الإسهال والقيء.

كيف ينتقل مرض الطاعون

كما أوضحنا من قبل، تتسبب بكتيريا “اليرسينيا الطاعونية” في مرض الطاعون عن طريق انتقالها للبشر، فتقوم البراغيث التي تقوم بلدغ البشر بعدما حملت البكتيريات من الحيوانات التي تحتوي على تلك البكتيريا، ومن تلك الحيوانات: الفئران، وكلاب المراعي، والسناجب، والجرذان، والأرانب.

أما عن الطاعون الرئوي فهو يختلف في طريقة الانتقال، فينتقل عبر رذاذ سعال الحيوانات أو البشر المصابين.

بالرغم من تناقص خطر الإصابة بالطاعون في العقود الماضية، إلا أنه قد تزداد فرصة الإصابة حسب المنطقة، فيتواجد المرض بشكل أكبر في المناطق الريفية وشبه الريفية التي تزدحم بالسكان والتي تتصف بعدم نظافتها وسوء خدمات الصرف الصحي بها، كما يتواجد بمناطق عديدة في القارة الأفريقية خاصة جزيرة مدغشقر المتواجدة بالجنوب الشرقي للقارة، ويتواجد أيضًا ببعض المناطق بالقارة الآسيوية وأمريكا اللاتينية، وكذلك بالمناطق الغربية بالقارة الأمريكية الشمالية.

سبل الوقاية من الطاعون

بالرغم من معرفتنا الطويلة لمرض الطاعون، لم نتمكن حتى الآن من اختراع لقاحًا فعالًا للوقاية منه، وينتظر العالم إلى يومنا هذا العلماء ليقوموا باختراع اللقاح، وحتى يتم ذلك، قد تساعدك بعض السبل في الحد من احتمالية الإصابة بالمرض في حالة تواجدك بالمناطق التي ينتشر بها، ومن تلك السبل:

  • قم بارتداء القفازات عند تعاملك مع الحيوانات التي يحتمل إصابتها، حتى تمنع انتقال البكتيريا منها إلى جلدك.
  • قم بالحفاظ على حيواناتك الأليفة من نقل العدوى، وذلك عن طريق المنتجات الخاصة بالسيطرة على البراغيث، كما عليك التأكد من إزالة المناطق التي يحتمل إقامة أعشاش للحشرات بها في منزل.
  • قم باستخدام طارد الحشرات في المنزل وعند خروجك إلى المناطق التي يحتمل تواجد أعداد كبيرة من الحشرات بها، حتى تبعد الحشرات الحاملة للبكتيريا عنك.

إقرأ أيضًا: علاج مرض الطاعون الرئوي والدبلي وأهم الفروق بينهما

علاج الطاعون

تعد الخطوة الأمثل لعلاج الطاعون هي التوجه للطبيب أو المستشفى، ففي حالة الشك بإصابتك بالمرض، عليك التوجه إلى المختصين حتى يقوموا باتخاذ الخطوات الصحيحة، كما سيتم إعطاؤك المضاد الحيوية التي تساعد على التحجيم من المرض، مثل: جنتاميسين، سبيروفلوكساسين، موكسيفلوكساسين، كلورامفينيكول، الدوكسيسايكلين.

في النهاية.. وبعدما نكون قد أجبنا على سؤال: ما هو الطاعون وما هي أنواعه؟ وكذلك استعرضنا لكم تاريخ الطاعون وأعراضه وطرق الوقاية منه، نتمنى أن نكون قد أفدناكم بموضوعنا، وأن نكون قد ساعدناكم في أخذ فكرة عامة عن الوباء الأكثر شهرة في عالمنا، داعيين الله سبحانه وتعالى أن يشفي كل مرضانا بجميع بقاع الأرض.

قد يعجبك أيضًا