هل سيعاقبني الله بعد التوبة

هل سيعاقبني الله بعد التوبة؟ وما هي شروط التوبة؟ فلا يوجد إنسان يتصف بالكمال أو نجده حسن السلوك طيلة الوقت، فقد يقوم المؤمن بأحد الذنوب التي من السهل أن يمحيها الله.

بينما قد يقوم بواحدة من الكبائر والتي نهانا الله عن القيام بها، وهو ما يدفع المرء إلى التوبة والقيام بالأعمال الصالحة قدر الإمكان خوفًا من العقاب، لذا ومن خلال موقع زيادة سنقدم لكم إجابة هل سيعاقبني الله بعد التوبة؟

هل سيعاقبني الله بعد التوبة

صرحت دار الإفتاء أن التوبة هي أهم ما يجب على المسلم الاهتمام به في الحياة الدنيا ما قبل البعث للحساب، فلا يجب ترك الذنوب مهما كانت صغيرة أو كبيرة دون توبة نصوحة عنها، ويظهر ذلك في قوله تعالى:

“قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” (الزمر 53).

كما صرح الشيخ عثمان أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء على إحدى الصفحات الرسمية الخاصة بها ردًا على “هل يعاقب العبد في الدنيا إذا تاب من ذنبه؟” بأن العبد يحب أن يعود إلى ربه بالاستغفار، وأن يدعوه بالمغفرة.

أشار أيضًا إلى أن كل إنسان مقصر في حق ربه، لذا من الواجب أن يقوم المرء بالتوبة طوال الوقت، وألا يشعر بالقلق نتيجة عقاب الله للعبد بعد توبته.

كما أنه استشهد بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه كان يستغفر الله ويتوب إليه في المجلس الواحد أكثر من 70 مرة، وفي رواية أخرى أنه كان يتوب أكثر من 100 مرة.

أوضحت أيضًا دار الإفتاء أن كل من يحصل على العقاب في الدنيا بعد أن تاب إلى الله فهو غير مربوط بالذنب الذي تاب منه، فالله يغفر الذنوب لعباده التائبين له، وأن هذا العقاب قد يكون لدفع ضرر ما، أو أن يكون هذا العقاب تكفيرًا لأحد الذنوب الخفية، والتي قد لا يعلم عنها العبد.

اقرأ أيضًا: متى لا تقبل التوبة

تكرار الذنب بعد التوبة

في إطار الإجابة عن “هل سيعاقبني الله بعد التوبة؟” نشير إلى أن العبد قد يغفل عن الذنب الذي من أجله تاب إلى الله، أو أن يكرر الذنب مرارًا وتكرارًا بعد أن قام بالتوبة والاستغفار، ولكنه ومع ذلك لا يتوب توبة نصوحة.

فبالحالة الأولى يمكن للعبد الاستغفار والتوبة إليه سبحانه مرة أخرى وسوف يغفر الله له، لكن بالحالة الثانية وإن قام العبد بتدنيس توبته بنفس الفعل عن عمد فذلك دليل على قطعه للعهد معه سبحانه، ويصبح من الصعب أن يغفر الله للعبد ذنوبه مرة أخرى.

لذا يجب على العبد أن يجاهد في توبته، وأن يحسن القيام بها، فقال سبحانه في سورة العنكبوت بالآية 69: “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا”، وبذلك يجب على كل من قام بمعصية أن يكثر من التوبة والاستغفار، بالإضافة إلى التصدق، والحفاظ على الصلاة.

يجب على المرء أن يستغفر ربه، وأن يقوم بالتوبة عن جميع الذنوب مهما كانت كبيرة أو صغيرة، كما يجب أن يتحلى بالإرادة حتى لا يعود للذنب مرة أخرى، وإن ضعفت نفسه فيجب عليه أن يتوب مرة أخرى وسوف يسامحه الله على ما فعل.

لكن لا يجب أن يستغل المرء التوبة وأن يستمر في ذنوبه ومعصيته، فالإنسان قد لا يعيش حتى يتوب عن الذنب الذي ارتكبه.

الذنب الذي لا توبة له

في إطار الحديث عن إجابة هل سيعاقبني الله بعد التوبة أم لا، نشير إلى أنه من الناس ما يرتكب ذنبًا يقع تحت تلك الذنوب التي لا يغفرها الله، والتي تسمى بالكبائر.

حيث يوجد عدد كبير من الذنوب التي قد يقوم بها الإنسان، فمنها الذنوب الصغيرة التي يمكن أن يمحيها الله بالأعمال الصالحة البسيطة والاستغفار، بينما يوجد من الذنوب الكبيرة، أو ما تعرف بالكبائر، والتي يحتاج فيها المرء العودة إلى الله والتوبة إليه بالكثير من الأعمال الصالحة والاستغفار.

لكن يوجد من الكبائر التي لا يغفرها الله وهي الشرك بالله، فقال تعالى في سورة النساء بالآية 48: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا”.

حيث يغفر الله الذنوب بالتوبة إن كان العبد صادقًا، وقرر العودة إلى الطريق الصواب دون أن يشرك بالله، ولكن إن قرر العبد أن يشرك بالله، وألا يتبع طريقه الصواب فله عذاب عظيم يوم القيامة.

فروى البزار أنه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الظُّلْمُ ثَلاثَةٌ، فَظُلْمٌ لا يَغْفِرُهُ الله، وَظُلْمٌ يَغْفِرُهُ، وَظُلْمٌ لا يَتْرُكُهُ، فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لا يَغْفِرُهُ الله فَالشِّرْكُ قَالَ الله: (إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي يَغْفِرُهُ ظُلْمُ العِباَدِ أَنْفُسَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لا يَتْرُكُهُ الله ف فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا حَتَّى يُدَبِّرُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ”، (رواه البخاري).

كيفية التوبة

إذا قام الإنسان بارتكاب كبيرة من الكبائر التي حرمها الله كأن يقوم بالزنا فلا يجب عليه أن يبوح بها فقد ستره الله، كما أن عليه الندم لارتكابه هذا الفعل، وأن يتوب إلى ربه، ويجب عليه ألا يقوم بالعودة إلى هذا الفعل مهما كان السبب، وإلا سيغضب الله عليه.

بالطبع يجب على المرء أن يقوم بالأعمال الصالحة، والصلاة قدر الإمكان استنادًا لما قاله الله في سورة هود الآية 114: “وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ”.

عندما يجد العبد أنه يوفق عند القيام بالأعمال الصالحة وكره الأعمال السيئة فذلك دليل على تقبل توبته، ولكن في جميع الحالات يجب على المرء أن يترك مسألة هل سيعاقبني الله بعد التوبة جانبًا، وأن يركز على قبول التوبة.

شروط قبول التوبة

استكمالًا لعرض إجابة هل سيعاقبني الله بعد التوبة أم لا، نشير إلى أنه يجب على المؤمن أن يكون على علم بالشروط الواجبة لقبول التوبة.

فيجب أن يكون العبد صادقًا في ندمه على ما فعله من ذنوب، وأنه قد فرط في حق من حقوق الله، بل وأن يعزم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى.

فمن آداب التوبة أن يختار المرء الصحبة الصالحة التي تساعده على طاعة الله، وتوجهه إلى الطريق الصواب ليتجنب الأسباب المؤدية إلى الذنوب.

اقرأ أيضًا:  دعاء التوبة والرجوع إلى الله

يرتكب المرء أفعالًا منهيّ عنها وهو ما يعرضه لغضب الله عليه، لذا يجب أن يتوب إلى الله، وألا يخاف من عقاب الله بعد توبته، على أن تكون تلك التوبة صادقة مستوفية شروطها.

قد يعجبك أيضًا