تجربتي مع التهاب الدماغ

تقول زوجتي: “تجربتي مع التهابات الدماغ كادت تُفقدني ذاكرتي بالكامل”، من الصعب عليك أن ترى أحد المُقربين إليك يعاني من مشكلة التهابات الدماغ، حيث ينتج عنها كونه لا يتذكرك، ويتعامل معك كأنك شخص غريب عليه ولم يكن على علاقة بك من قبل، وهذا ما عانيته في التجربة التي أقصها عليكم من خلال موقع زيادة.

تجربتي مع التهابات الدماغ مع زوجتي

من خلال تجربتي مع التهاب الدماغ مع زوجتي سوف أحكي لكم المعاناة التي لازالت تجعلني أبكي حتى الآن على الحالة التي وصلت إليها زوجتي، تبلغ زوجتي من العمر 25 عامًا ولا تتذكر أي شيء عني على الأطلاق، حيث فقدت 4 سنوات من ذاكرتها عندما أصابها هذا المرض الخبيث، وهي في عمر 21 عامًا.

علمت أن هذا المرض عبارة عن ورم في الدماغ، ويشكل تهديدًا كبيرًا على حياة من يصاب به، ويحدث بسبب بعض الفيروسات التي تصيب الجسم، فقد شعرت زوجتي بصداع شديد استمر لمدة 14 يوم، دون أن يتوقف لوهلة، ولم تجد أي نوع من العلاج يخفف الألم عنها.

أراد والد زوجتي أن يطمئن عليها، فقد شعر بأن هناك أمر ما يحدث معها، لذا ذهبنا بها إلى المستشفى على الفور، في بداية الأمر ظنّ الطبيب أن زوجتي مصابة بمرض التهاب السحايا، ولكن بعد أن أصابها نوبة تشنج، شخص حالتها بالتهاب الدماغ.

عندما سأل الطبيب زوجتي عن عمرها قالت له أنها تبلغ 21 عامًا، وأنها لا تتذكر أي شيء على الإطلاق حدث لها بعد هذا العمر، وأنها لا تزال تشعر أن عمرها أقل من 25 عامًا حتى هذا الوقت، وما أشعرني بالحزن حقًا أنها لم تسترد ذاكرتها بشكل كامل حتى هذه اللحظة.

كذلك لا تتذكر أنها أنهت الدراسة الجامعية.. بل لا تزال معتقدة أنها في العام الأخير من الدراسة، وقد شملت رحلة علاج زوجتي البدء في تعلّم المهام اليومية التي يعتبرها الكثير من الناس من المسلمات، مثل زيارة الأصدقاء أو الأقارب، أو استخدام وسائل النقل العام، أو الذهاب إلى السوق، وغير ذلك.

رُغم معاناة زوجتي، فقد اعتادت على ركوب حافلات النقل العام بمفردها، فكانت تتجه إلى الجامعة أو المتاجر التي اعتادت الذهاب إليها، وكانت تذهب إلى منازل أصدقائها التي اعتادت عليهم، ومنهم من لا يزلنّ معها حتى الآن، والبعض تفهم الأمر وساعدنا على ذلك.

كان على زوجتي أن تخضع لاختبارات القيادة من جديد؛ لأنها لا تتذكر حتى أنها تمتلك سيارة، وبالتالي لا تتذكر القيادة نهائيًا، على الرغم أنها تعلمت القيادة في عمر 22 عامًا، بعد أن تزوجتها مباشرةً، وقد كان لمرض زوجتي أثر سلبي على علاقتي بها، لأن كل ما تتذكره هو أنني زميلها في الدراسة فقط.

لذلك كان عليّ أن أبدأ في التعرف عليها مرة أخرى من جديد، وأجعلها تتعلق بي كما حدث من قبل، لذا ذهبت إلى الجامعة التي كنا ندرس بها، وتحدثنا إلى المسئولين في الجامعة لمساعدتنا في هذا الأمر، وقد كانوا أشخاص متفهمين للغاية، وحزنوا كثيرًا عند سماع ما حدث مع زوجتي.

في بداية تجربتي مع التهابات الدماغ التي أصابتها أصبحت متوتر للغاية، ثم بدأت التأقلم على أنها لا تتذكرني، وبدأت أخبرها عما عشناه في الماضي، وكنت أجعلها ترى الصور التي التقطناها سويًا..

أصبحت زوجتي ترفض تناول بعض الأطعمة في البداية ظنًا منها أنها لا تزال لا تحبها، رُغم اعتيادها على تناولها قبل وقت طويل.

كان التهاب دماغ زوجتي ناتج عن فيروس يُطلق عليه الهربس، فبدلًا من أن يسبب الفيروس قرحة في الشفاه، دخل إلى الحلق وبعدها انتقل إلى دماغها، ما يُحزنني أن زوجتي لا تزال حتى الآن لا تتذكر أي شيء، ولكن تعود إلى حياتها تدريجيًا من خلال تفهمها بعض الأمور.

اقرأ أيضًا: نسبة الشفاء من ورم الدماغ الحميد

أنواع التهابات الدماغ

من خلال تجربتي مع التهابات الدماغ مع زوجتي علمت أكثر عن أنواع التهابات الدماغ، وقد تمثلت في الآتي:

  • التهاب الدماغ المنقول بالقراد: يحدث عن طريق العدوى التي يتم نقلها من شخص لآخر عن طريق القراد.
  • التهاب الدماغ الياباني: يحدث عن طريق البعوض، التي تكون متواجدة بكثرة في المناطق الزراعية، وبالأخص المناطق التي يكثر فيها زراعة الأرز، مثل العديد من دول آسيا.
  • داء الكلب: داء فيروسي خطير ومُعدي، وينتقل إلى المريض عن طريق عضة الكلب.

أسباب التهابات الدماغ

  • مرض المناعة الذاتية كالتهابات الدماغ ذاتية المناعة “Autoimmune Encephalitis”.
  • أنواع مختلفة من الفيروسات، مثل فيروس النكاف “Mumps”، الحصبة “Measles”، الحصبة الألمانية “Rubella”، الجدري “Varicella”، شلل الأطفال “Polio”.
  • حساسية المريض تجاه بعض المطاعيم واللقاحات.
  • الإصابة بأي لدغات من بعض الحشرات أو الناموس.
  • بعض الطفيليات في الأمعاء.
  • أكثر الأنواع الفيروسية التي يمكن أن تصيب المريض، وتسبب له أعراض حادة، خاصةً الأطفال حديثي الولادة هو فيروس الهربس البسيط ” Herpes Simplex Virus”.
  • إصابة الشخص بالعدوى الفيروسية، وهذه العدوى تنتقل إلى جسم المريض من خلال رذاذ التنفس من أحد المُصابين بالمرض، أو عند تناول الشراب أو الطعام الملوث بالفيروس.

تشخيص التهابات الدماغ

في إطار الحديث عن تجربتي مع التهابات الدماغ مع زوجتي جدير بالمعرفة أن التهابات الدماغ أصبحت أحد أكثر الأمراض شيوعًا في الآونة الأخيرة، وقد بدأ الطبيب رحلة التشخيص من خلال بضع خطوات.

  • إجراء الفحوصات البدنية بشكل دقيق، والاطلاع على الحياة الطبية.
  • قد يكشف تصوير الدماغ المقطعي أو التصوير بالرنين المغناطيسي وجود أي ورم في المخ، أو أي شيء يمكن أن يكون سبب للأعراض التي يشعر بها المريض.
  • البزل القطني أو كما يطلق عليه البزل الشوكي، وهو ما يتم من خلال إدخال إبرة في الظهر من الأسفل، وسحب كمية بسيطة من السائل الدماغي النخاعي الذي يحيط بالعمود الفقري والدماغ، ومن المحتمل أن تشير النتائج إلى وجود أي عدوى، أو التهاب في الدماغ.
  • أحيانًا يُجرى فحص لهذه العينات بهدف تحديد السبب الذي نتج عنه الفيروس أو العدوى، أو ما نتج عنه الاضطراب المناعي الذاتي.
  • هناك فحوصات أخرى في المختبرات، من الممكن أن يطلب الطبيب اختبار عينات البول أو الدم، أو إفرازات من مؤخرة الحلق، حتى يجد أي فيروسات أو عوامل أخرى أدت إلى الإصابة بالعدوى.
  • كذلك مخطط الدماغ يُطلق عليه (رسم مخ)، فهناك بعض المسارات التي تُثبت في فروة الرأس وتسجل النشاط الكهربي للمخ.
  • في حالات نادرة يُمكن أن تؤخذ عينة بسيطة من أنسجة الدماغ لإجراء اختبارات عليها، ولن يطلب الطبيب أن تؤخذ خزعة الدماغ، إلا لو ازدادت الأعراض عن الحد الطبيعي، ولم يجدي أي علاج نفعًا مع المريض.

اقرأ أيضًا: تجربتي مع ورم الدماغ

أعراض الإصابة بالتهابات الدماغ

من خلال تجربتي مع التهابات الدماغ مع زوجتي عرفت جيدًا ما الأعراض التي تظهر على المريض، والتي تتراوح بين البسيطة والشديدة، وقد تتشابه مع أعراض انفلونزا الحمى، أو تظهر بشكل حاد على هيئة آلام العضلات.

  • تيبس الرقبة.
  • الحمى.
  • الصداع المزمن.
  • الضعف أو الإرهاق.
  • آلام في المفاصل.

من المُحتمل أن تزداد أعراض المرض وتكون أكثر شدة، فتشمل ما يلي:

  • فقدان القدرة على الإحساس.
  • عدم القدرة على تحريك بعض الأجزاء من الجسم أو الوجه.
  • فقدان الوعي أو الدخول في غيبوبة..
  • اضطرابات في السمع أو الكلام.
  • الهلاوس أو التشوش أو الهياج.
  • ضعف العضلات.
  • نوبات صرع.

مع العلم أن الأطفال الصغار هُم الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، وتظهر عليهم أعراض خاصة.

  • انتفاخ في البقع اللينة في جمجمة الطفل (اليافوخ).
  • عدم الاستيقاظ من أجل الرضاعة.
  • تيبس الجسم.
  • سهولة الاستثارة.
  • القيء والغثيان.

عوامل خطر الإصابة بالتهابات الدماغ

  • الموسم السنوي: تنتقل الأمراض التي ينقلها القراد والبعوض بشكل شائع في الصيف أكثر من الشتاء.
  • المنطقة الجغرافية: هناك انتشار كبير للفيروسات التي ينقلها القراد والبعوض في بعض المناطق دونًا عن غيرها، مثل المناطق الزراعية.
  • الفئة العمرية: هناك أنواع من التهابات الدماغ أكثر شيوعًا وحدة في فئات عمرية معينة، وهم كبار السن والأطفال الصغار، فهم الأكثر عُرضة للإصابة بأغلب أنواع التهابات الدماغ الفيروسية.

اقرأ أيضًا: عملية استئصال ورم الدماغ الحميد

كيفية علاج التهاب الدماغ

1- العلاج بالأدوية

عادةً ما تحدث التهابات الدماغ عن طريق بعض الفيروسات، وهو ما يتطلب علاجات مضادة للفيروسات، ومن أكثرها شيوعًا:

  • فوسكارنت “Foscarnet”.
  • غانسيكلوفير “Ganciclovir”.
  • أسيكلوفير “Acyclovir”.

في حال كان الفيروس منقول عن طريق الحشرات قد لا يستجيب جسم المريض إلى فعالية مضادات الفيروسات، وفي حالات أخرى يتم التعرف على الفيروسات في وقت متأخر، في هذا الوقت يوصي الطبيب باستخدام الأسيكلوفير على الفور

من المُحتمل أن يكون الأسيكلوفير لديه الفعالية العالية على مكافحة فيروس الهربس البسيط ” Herpes Simplex Virus”، والذي قد يؤدي إلى العديد من المضاعفات لو لم يُعالج بشكل فوري.

2- رعاية المريض

أخذت تجربتي مع التهابات الدماغ مع زوجتي تتحسن بفضل الرعاية التي أقدمها لها، فقد أحدث ذلك فارقًا كبيرًا في تحسّن حالتها.

  • مساعدة المريض على التنفس بشكل طبيعي، ومراقبة نبضات القلب.
  • منح المريض سوائل من خلال الوريد، لضمان عملية الترطيب الملائمة ومستوى المعادن الأساسية.
  • يحتاج المريض إلى العلاج المضاد للالتهاب مثل الكورتيكوستيرويدات “Corticosteroids”؛ لتقليل الضغط داخل الجمجمة والتورم.
  • تناول بعض الأدوية المضادة للاختلاج مثل مضاد الفينيتوين “Phenytoin”؛ لأنه يساعد في منع وايقاف النوبات.

3- متابعة حالة المريض

في بعض الأحيان يتطلب مرض التهابات الدماغ متابعة حالة المريض من الناحية النفسية وليست الطبية فحسب.

  • علاج النطق حتى يستعيد المريض قدرته على التحكم في العضلات التي ينتج عنها الكلام.
  • مساعدة المريض في تطوير مهاراته التي يمارسها بشكل يومي.
  • توفير وسائل العلاج الطبيعي للمريض؛ لتحسين المرونة والقوة والتنسيق وتوازن الحركة والتنقل.
  • من المحتمل أن يحتاج المريض أيضًا إلى العلاج النفسي، حتى يتعلم استراتيجية المهارات والمواجهة السلوكية الجديدة، فيبدأ في تحسين معالجة تغيراته الشخصية أو اضطراباته المزاجية.

أكثر ما تعلمته من خلال تجربة زوجتي مع التهابات الدماغ هو أن المريض في كثير من الأحيان يكون في حاجة إلى المساعدة النفسية أكثر من الطبية، إضافةً إلى المتابعة المستمرة.

قد يعجبك أيضًا