هل يغفر الله الذنب المتعمد

هل يغفر الله الذنب المتعمد؟ وما حكم تعمد فعل الذنب مع نية الاستغفار بعده؟ يتساءل الكثير من الناس عن إجابات تلك الأسئلة، وخصوصًا مع كثرة الذنوب التي يقع فيها المسلمون في هذا الزمن المليء الفتن وتتعدد فيه المعاصي والخطايا.

فمن يمسك على دينه في هذا الزمن وكأنه يمسك على قبضة نار، فيبقى سؤال هل يغفر الله الذنب المتعمد؟ وهذا ما سنعرف إجابته اليوم بالتفصيل من خلال  موقع زيادة.

هل يغفر الله الذنب المتعمد؟

هل يغفر الله الذنب المتعمد

يتردد هذا السؤال على ألسنة  الكثير من المذنبين أو يتساءل الكثير منهم إذا كان سيغفر الله لهم ذنوبهم المتكررة أم لا، والحقيقة أن الله سبحانه وتعالى لا يغفر الذنب المتعمد إذا لم يستغفر عنه المذنب وإذا لم يتوب عنه بعد فعله حتى وإن تكرر.

حيث ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، أن من ارتكب ذنبًا وجب عليه الاستغفار والتوبة والتي تكون بالندم على ما ارتكبه من معصية والعزم على عدم ارتكاب هذه المعصية مرة أخرى.

إذا تاب المسلم عن المعصية ثم عاد إليها من بعد التوبة عدة مرات، وذلك بمعنى أن يقع الإنسان في المعاصي ويرتكب الكبائر ثم يتوب ثم يعود إليها مرة أخرى، فهل يغفر الله في هذه الحالة  الذنوب المتكررة؟ فيجب على المسلم ألا ييأس من رحمة الله.

يكون ذلك بالإصرار على التوبة والاستغفار عدم الرجوع لمعصية مرة أخرى، فورد عن عبد الله بن مسعود :

عن النبي -صلى الله عليه و سلم- قال : «مَنْ أَخْطَأَ بِخَطِيئَةٍ، وَأَذْنَبَ ذَنْبًا، ثُمَّ نَدِمَ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ» المعجم الكبير للطبراني، وعَن أَنَس؛ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم فقال: يا رسول اللَّهِ إِنِّي أُذْنِبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: «إِذَا أَذْنَبْتَ فَاسْتَغْفِرْ رَبَّكَ»، قَالَ: فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ، ثُمَّ أَعُودُ فَأُذْنِبُ قَالَ: «فَإِذَا أَذْنَبْتَ فَعُدْ فَاسْتَغْفِرْ رَبَّكَ»، قَالَ: فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ، ثُمَّ أَعُودُ فَأُذْنِبُ، قَالَ: «فَإِذَا أَذْنَبْتَ فَعُدْ فَاسْتَغْفِرْ رَبَّكَ» فَقَالَهَا فِي الرَّابِعَةِ فَقَالَ: «اسْتَغْفِرْ رَبَّكَ حَتَّى يَكُونَ الشَّيْطَانُ هُوَ الْمَحْسُورُ»

اقرأ أيضًا: كيف أتوب من الذنب المتكرر؟

ما حكم تعمد الذنب مع نية الاستغفار بعده؟

يأمر الله عباده بالتوبة النصوحة ويتقبلها منهم حتى وإن تكررت ولكن بشرط الاستغفار والإصرار على التوبة فقال الله تعالى في كتابه الكريم:

وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31}

وقال تعالى:

وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (الشورى:25)

فيجب حرص المسلم على التوبة الصادقة كلما فعل ذنب ويكثر من الاستغفار حتى وإن تكرر هذا الذنب مرات عدة ويعزم على عدم ارتكابه مرة أخرى، حيث قال الله تعالى:

«وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ» (آل عمران:135-136).

يجب على المؤمن عند معرفة هل يغفر الله الذنب المتعمد؟ أن يكون على علم أن الله لا يمل حتى يمل عباده فعلى عباده الاستغفار الدائم والتوبة مهما تكررت ذنوبه، وذلك لأن الله هو الغفور الرحيم، وعليه أيضًا بالمجاهدة حتى لا يُكرر تلك المعاصي مرة أخرى.

فإن فعل ذلك يهديه الله ويتوقف عن فعل المعصية وارتكاب الذنوب، كقول الله تعالي في كتابه العزيز:

«وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ».

هنا ينصح الله عباده المؤمنين بالإكثار من الاستغفار والتوبة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، بجانب التصدق، فالصدقة تمنع غضب الله.

اقرأ أيضًا: حكم من يتوب ثم يعود إلى نفس الذنب

كفارة الذنوب المتعمدة

يُمكن للعبد أن يُكفر عن ذنوبه من خلال مكفرات الذنوب والأعمال التي تغفرها لها.

من ضمن تلك الأعمال التي وردت في الحديث الشريف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رواه البخاري ومسلم.

كما ورد عن مكفرات الذنوب أيضًا في الحديث الشريف عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا».

من الأعمال التي تغفر الذنوب أيضًا التي وردت في حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ:

«الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ».

كما ورد عن مكفرات للذنوب المتكررة في حديث رواه مسلم عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

«مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ».

اقرأ أيضًا: كيف يغفر الله الذنوب الكبيرة؟

هكذا نكون قمنا بالإجابة بشكل واضح عن سؤال هل يغفر الله الذنب المتعمد؟ مع بيان حكم تعمد فعل الذنب مع نية الاستغفار بعده، بالإضافة إلى ذكر مكفرات الذنوب المتعمدة مستندة إلى بعض الأحاديث النبوية الشريفة، ونتمنى بذلك أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا