هل الكلام الفاحش يبطل الصيام

هل الكلام الفاحش يبطل الصيام؟ وهل الكلام الرومانسي يبطله؟ أمور كثيرة يجب على المسلمين العلم بها تندرج في أحكام الشريعة الإسلامية، فلا يجب اقتصار الصوم –في عقولهم- على الامتناع عن المأكل والمشرب، بل الأمر أوسع وأشمل، يقترن بتقوى الله التي هي الحكمة البالغة من الصيام، على أننا من خلال موقع زيادة يسعنا أن نشير إلى تفاصيل تلك الأحكام عن كثب.

هل الكلام الفاحش يبطل الصيام

قال الله تعالى في محكم التنزيل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) سورة البقرة، فشهر رمضان يأتي كل عام محملًا بالخير واليمن والبركات على العباد، واعدًا لهم بعظيم الأجر والثواب إن هم اغتنموا فرصة الطاعات والعبادات.. ويتضح من الآية الكريمة أن الحكمة من الصوم تكمن في تحقيق التقوى، بترك المحرمات كافتها، أي فعل ما هو مأمور به وترك ما هو منهيٌ عنه.

كذلك قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في حديث عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ” (صحيح البخاري).

إن الكلام الفاحش أو البذيء في حكمه العام من الأمور المنهيٌ عنها في الدين الإسلامي، حيث إنه يحمل من الانحطاط الأخلاقي ما يسيء للمرء ويحط من قدره، علاوةً على أنه لا يرتبط بالصفات المحمودة، فلا ترى أحدهم ذو صفات حسنة وقد حرج من لسانه ما لا يطيب سماعه ولا يجوز قوله، فلعله يراعي ربه في القول والفعل.

أما عن أمر إفساده للصيام من عدمه، فالأمر يحمل في طياته تفاصيل شتى، فهناك من يتطرق إلى معرفة إجابة سؤال هل الكلام الفاحش يبطل الصيام بقصد الكلام الجنسي بين الزوجين، وآخرون يتطرقون إلى مقصد آخر وهو ما يعني بالسباب والشتائم، وربما أحدهم يقصد من السؤال معرفة حكمه بالنسبة للمخطوبين.

لذا كان علينا أن نجيب على الأمر تفصيلًا لنشمله بصورة كاملة، وإن أشرنا إلى أن الصيام هو الامتناع عن الأكل والشرب والجماع، فإن كل ما عدا ذلك لا يبطل الصيام إن حدث في نهار رمضان، لكن الأمر يقتصر حكمه على انتقاص الأجر والثواب.

فمن ناحية نرى أن الأعمال الصالحة في رمضان يتزايد أجرها أضعافًا، كذلك الحال بصدد الأعمال السيئة، يكون وزرها على مقترفها بالضعف، فليس به من الأدب أن يحترم صيامه، وقد غلبه هواه فيما قال أو فعل فانتقص من أجر صيامه.

من ناحية أخرى لن يكون قد اغتنم من ثواب صيام رمضان، الذي يفترض ثبوت التقوى في قلب العبد وجوارحه، فلا مجال لفاحش القول أو العمل، من هنا أدركنا أن إجابة سؤال هل الكلام الفاحش يبطل الصيام تأتي بالنفي، فلا يعد الكلام الفاحش من مبطلات الصيام.

اقرأ أيضًا: بعد كم ساعة من الصيام يبدأ الجسم بحرق الدهون

الفتوى في حكم من تلفظ بألفاظ خارجة أثناء الصيام

جاءت الإفتاء لتلقي الضوء على مسألة هامة تتعلق بحكم من كان صائمًا وقد خرج منه قولًا غير مناسبًا لصيامه، حيث إن الصائم ليس عليه أن يتحدث بألفاظ خارجة تتنافى مع آداب لصيام وشهر رمضان الفضيل حتى لا يكون صيامه عبثًا.

على أنه وكما أشرنا هناك فرقًا بين الصحة والقبول، فلا يعني أن الأمر غير مقبولًا أنه باطل، كذلك الحال.. هناك من الأمور غير المقبولة مع الصيام، كالكلام الفاحش والبذيء إلا أنها بذاتها لا تبطل الصيام، وهذا ما رأيناه عند إجابة سؤال هل الكلام الفاحش يبطل الصيام.

هنا نستند إلى الحديث الشريف: قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ” (صحيح البخاري).

لذا فإن الإشارات السيئة أو الكلام السيء يقللان من ثواب وأجر الصائم، بل من الممكن أن يضيعان ثوابه كاملًا، فلن يشعر الصائم بلذة صيامه.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الصيام على جنابة حتى الظهر

هل الكلام الجنسي يبطل الصيام

إن شهر رمضان الكريم هو فرصة عظيمة للطاعات والتطهير الحسي والنفسي، فكان خير الخلق قدوة لنا في ذلك باستغلال أيام الشهر المبارك في الإكثار من العبادات، والاجتهاد في الطاعات.

فما يلفظ من المرء يُكتب له، سواء كان خيرًا أو سوءًا، من هنا كان عليه أن يترقب ويفكر فيما يقول، فلا يضيع وقت الصيام فيما يخدشه ويشوه أخلاقه.

علمنا من خلال إجابة سؤال هل الكلام الفاحش يبطل الصيام أن الكلام البذيء وكذلك السباب، وأيضًا الكلام الجنسي المثير للشهوات يعتبر من الأمور المنهي عنها في كافة الأوقات، لكن يزداد التأكيد على النهي في حالة الصيام، فمن المفترض أن المسلم تزيد أخلاقه حسنًا لا قبحًا في رمضان.

هذا وما كنا نقصده بصدد الكلام الجنسي، فهذا الذي يُقال بين غير المتزوجين، أما في حالة الزواج فهنا نشير إلى أن الأمر ليس بحرام بينهما، ولكنه يعد من مقدمات الجماع، الذي يعتد به من مبطلات الصيام، فلا طائل من ورائه إن كان في نهار رمضان، فالأحرى بالزوج والزوجة أن يمتنعا عن تلك الأمور والمقدمات أثناء الصيام، فيكونا بذلك قد اتبعا حدود الله وأوامره.

فقد قال الله تعالى في سورة البقرة: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187).

اقرأ أيضًا: هل سماع الأغاني يبطل الصيام

هل يجوز الحديث بين المخطوبين أثناء الصيام؟

مع حلول الشهر المبارك، يعتقد بعض الأهالي أنه لا يجوز للمخطوبين الحديث سويًا قبيل آذان المغرب ومن أذان الفجر، فيما يعني قضاء فترة الصيام بأكملها دون أن يتطرقا إلى الحديث، على أن الأمر يشوبه بعض الفهم الخاطئ، بوسعنا توضيحه.

عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال عن الرسول –صلى الله عليه وسلم-: ما رَأَيْتُ شيئًا أشْبَهَ باللَّمَمِ، ممَّا قالَ أبو هُرَيْرَةَ: عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ علَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أدْرَكَ ذلكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، والنَّفْسُ تَمَنَّى وتَشْتَهِي، والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلكَ أوْ يُكَذِّبُهُ” (صحيح البخاري).

حيث إن الحديث بين المخطوبين بشكل عام يجب أن يحده بعض الضوابط، فلا يكون على سبيل المثال كحديث الأزواج، نظرًا لأن الخطيب يعد أجنبيًا في تلك الفترة، والخطبة لا تمثل بذاتها ثبوتًا للزواج.

ففي رمضان، لا يختلف الأمر كثيرًا ولا يمثل بذاته مفسدة للصيام طالما كان في حدود الشرع والضوابط، من هنا فإن الحديث من عدمه لا يشكل خلافًا، فالحديث بينهما مباحًا طالما كان بعيدًا عن كل ما هو منقص من أجر الصيام، حتى لا يحملان بعضهما البعض الوزر.

في معنى الابتعاد عن كل ما هو مثير للشهوات، والابتعاد عن مجريات الحديث التي تشغلهما عن طاعة الله واغتنام فرصة الصيام، علاوةً على ما علمنا في إجابة سؤال هل الكلام الفاحش يبطل الصيام.. بأن عليهما تجنب الكلام البذيء أو الشتائم وما إلى ذلك.

حيث إن المطلوب من الصائم أن يحافظ على صيامه من أي مما يخل به تمامًا أو ينقص من أجره، لما في ذلك من الفتنة، لذا فإن الحديث بين المخطوبين الذي يتجرد عن الشهوة لا يبطل الصيام.

أخبرنا أشرف الخلق أن ارتكاب المعاصي عند الصوم تكون سببًا في نقصان أجر تلك العبادة التي هي من أفضل العبادات عند الله، لذا على الصائم أن يترك المنكرات والمحرمات لا يمتنع عن الطعام والشراب فحسب.

قد يعجبك أيضًا