ماذا يقول المصلي عند انتهائه من صلاته مباشرةً؟

ماذا يقول المصلي عند انتهائه من صلاته مباشرة من أذكار ودعاء أو تلاوة القرآن، وهل يجب على المصلي التحرك من مكانه في المسجد لقول تلك الأذكار أم يجب أن يظل في مكان، تعتبر من أهم الأسئلة التي يتناقلها المسلمين وقد أجاب الفقهاء عنها عدة مرات أشهرها رسالة (تحفة الأخيار فيما يتعلق بالأدعية والأذكار) للشيخ ابن باز رحمه الله.

في هذا الموضوع على موقع زيادة سنتناول أقوال الفقهاء في إجابة سؤال ماذا يقول المصلي عند انتهائه من صلاته مباشرة.

ماذا يقول المصلي عند انتهائه من صلاته مباشرةً؟

ماذا يقول المصلي عند انتهائه من صلاته مباشرة

قد تكاثرت الأقوال حول ما يجب قوله بعد الصلاة مباشرة خاصة عند الصوفية وما طال بعض المذاهب من بدع في الدين، لذا يجب الأن يتم إيراد كل ذكر من أذكار بع د الصلاة بالدليل عليه من السنة النبوية الصحيحة، وهو ينقسم إلى قسمين:

الأدعية التي تُقال بعد الانتهاء من الصلاة

قد نقلنا لنا الصحابة رضوان الله عليهم عدد من الأدعية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بها بعد الصلاة نحو:

أولًا: الاستغفار

يسن أن يقول المسلم بعد الانتهاء من الصلاة “استغفر الله” ثلاث مرات، ورد ذلك في حديث صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- رواه ثوبان مولى الرسول قال:

كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا انْصَرَفَ مِن صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ” (صحيح مسلم 591).

ففي هذا الحديث الشريف يعلمنا النبي عدم الاتكاء على أن الفروض كاملة ويجب علينا الاعتقاد بنقصها عن الصورة المرجوة، لذلك وجب أن نستغفر بعد الصلاة؛ فإن الاستغفار لا يكون للذنوب فقط بل يكون لجبر النقص في الطاعات أيضًا.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: أذكار بعد الصلاة وما هي فوائدها وفضلها في الدين

بعد ذلك يقول المسلم: “اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ” كما ورد في الحديث السابق.

ثانيًا: قول ربِ قني عذابك

من السنة أن يقول المسلم بعد الاستغفار: “رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَومَ تَبْعَثُ، أَوْ تَجْمَعُ، عِبَادَكَ” ورد ذلك في الحديث الصحيح عن البراء بن عازب أنه قال:

” كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عن يَمِينِهِ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، قالَ: فَسَمِعْتُهُ يقولُ: رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَومَ تَبْعَثُ، أَوْ تَجْمَعُ، عِبَادَكَ” (صحيح مصلم 709)

قوله قني عذابك أي أحمني يا الله من عذابك، وهذا أشهر الأدعية الدالة على خشية النبي -صلى الله عليه وسلم- من الله، وهذا على الحقيقة بجانب تعليمه لنا الدعاء.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: الأذكار بعد الصلاة المفروضة آيات وأحاديث

ثالثًا: طلب القوة من الله

يسن أن يقول المصلي بعد الاستغفار: “اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ”.

ورد ذلك الدعاء في حديث رواه معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال:

أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه علَيهِ وسلَّمَ أخذَ بيدِهِ، وقالَ: يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّك، فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ” (صحيح أبي داود 1522).

كما يقول علماء العقيدة أن من حسن العبادة هو أن يتجرد العبد عند العبادة من كل ما يشغل باله.

رابعًا: طلب المغفرة

في إجابة الفقهاء على سؤال ماذا يقول المصلي عند انتهائه من صلاته مباشرة ذكروا ما قد نقله لنا سيدنا علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعد كل صلاة كان يقول: ” اللهمَّ اغفِرْ لي ما قدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسرَرْتُ وما أعلَنْتُ، وما أسرَفْتُ وما أنت أعلَمُ به منِّي، أنتَ المُقدِّمُ وأنتَ المُؤخِّرُ، لا إلهَ إلَّا أنتَ”.

خامسًا: الاستعاذة

عن سعد ابن أبي وقاص -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الصلاة كان يقول بعد الانتهاء من الصلاة:

” اللهمَّ إني أعوذُ بك مِن الجُبْنِ، وأعوذُ بك مِن البُخلِ، وأعوذُ بك مِن أنْ أُرَدَّ إلى أرذَلِ العُمُرِ، وأعوذُ بك مِن فتنةِ الدُّنيا وعذابِ القبرِ”

أرذل العمر هو التقدم في العمر والوصول إلى حالة الخرف والضعف الشديد.

ورد ذلك الدعاء في حديث طويل رواه البخاري في صحيحه (6374).

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ماذا نقول عند السجود والركوع في الصلاة

الأذكار التي تُقال بعد الانتهاء من الصلاة

استكمالًا لنقلنا لأقوال الفقهاء في إجابة سؤال ماذا يقول المصلي عند انتهائه من صلاته مباشرة  نرد الاذكار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر بها ربه بعد الصلاة

فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عدة اذكار بعد الانتهاء من الصلاة وبعد الدعاء هي:

  • ” لا إلهَ إلَّا اللهُ وحده لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، اللهمَّ لا مانعَ لِما أعطَيْتَ، ولا مُعطِيَ لِما منَعْتَ، ولا ينفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ”

أي لا يستطع مخلق أن يعطي مخلوق آخر ما منع الله ولا يستطع مخلوق أن يمنع ما رزقه الله

  • ” لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ، لا إلهَ إلَّا اللهُ، ولا نعبُدُ إلَّا إيَّاهُ، له النِّعمةُ وله الفضلُ، وله الثَّناءُ الحَسَنُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ مُخلِصينَ له الدِّينَ ولو كرِهَ الكافرونَ”

ورد ذلك الدعاء في حديث عبد الله بن الزبير الوارد في صحيح مسلم 594، يعبر من الأدعية العظيمة لما يحويه من توحيد الألوهية، واعتراف العبد بنعمة الله عليه.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: قراءة السور القصيرة في الصلاة ما حكمها؟!

التسبيح والتحميد بعد الصلاة

ماذا يقول المصلي عند انتهائه من صلاته مباشرة

ثابت عن الرسول (التحميد والتهليل والتكبير) بعد كل صلاة، والتحميد هو (قول الحمد لله) التهليل هو ( قول لا إله إلا وحده) التكبير هو (الله أكبر).

لكن اختلف الفقهاء في صفة هذا الذكر وفقًا للأدلة الشرعية التي وصلت إليهم، وخلصوا إلى أربع صفات لهذه الأذكار.

الطريقة الأولى

أصحاب الرأي الأول في قولهم في ماذا يقول المصلي عند انتهائه من صلاته مباشرة قد اتبعوا هذه الطريقة وهي:

  • يقول المسلم (سبحان الله) عشرة مرات.
  • ثم يقول (الحمد لله) عشرة مرات.
  • وينهي الذكر بقول (الله أكبر عشرة مرات).

استدل أصحاب هذا الرأي بحديث طويل رواه لنا أبو هريرة عن النبي أنه قال: “… قال: أفلا أُخبِرُكم بأمرٍ تُدركونَ مَن كان قبْلَكم، وتسبِقونَ مَن جاء بعدَكم، ولا يأتي أحدٌ بمِثلِ ما جِئتُم به إلَّا مَن جاء بمِثلِه؟! تُسبِّحونَ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ عَشْرًا، وتحمَدونَ عَشْرًا، وتُكبِّروَن عَشْرً” (صحيح البخاري 6329)

الطريقة الثانية

القائلين بهذه الطريقة يقولون أن المسلم يذكر الله بعد الصلاة بقول:

  • قول (سبحان الله) خمس وعشرين مرة.
  • يلي التسبيح قول (الحمد لله) خمس وعشرين مرة.
  • بعد التحميد يأتي دور التكبير؛ فيقول المسلم (الله أكبر) خمس وعشرين مرة.
  • بعد ذلك يقول (لا إله إلا الله) خمس وعشرين مرة.

استدل أصحاب هذا الرأي بحديث صحيح عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال:

“أُمِرنَا أن نسبّحَ دبرَ كل صلاةٍ ثلاثا وثلاثينَ، ونحمدهُ ثلاثا وثلاثينَ، ونكبرهُ أربعا وثلاثينَ، قال: فرأى رجلٌ من الأنصارِ في المَنامِ، فقال: أَمركُم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن تسبّحوا في دبرِ كل صلاةٍ ثلاثا وثلاثينَ، وتحْمدوا اللهَ ثلاثا وثلاثينِ؟ وتكبّروا أربعا وثلاثينَ، قال: نعم، قال: فاجعلُوا خمسا وعشرينَ واجْعلوا التهليلَ معهنَّ، فغدا على النبي صلى الله عليه وسلم، فحدّثهُ، فقال: افْعلوا”  (سنن الترمذي 3413)

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: فضل الذكر بعد الصلاة مكتوبة

الطريقة الثالثة

أصحاب الرأي الثالث يرون أن الذكر بعد الانتهاء من الدعاء بأن يقول المسلم:

  • (سُبحانَ اللهِ) ثلاثًا وثلاثينَ مرَّة.
  • (الحمدُ للهِ) ثلاثًا وثلاثينَ مرَّة.
  • (اللهُ أكبَرُ) أربعًا وثلاثيَن مرَّة.

استدل أصحاب القول بهذه الطريقة ي الذكر بحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه كعب بن عجرة أنه قال:

“مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قائِلُهُنَّ، أوْ فاعِلُهُنَّ، دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَسْبِيحَةً، وثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَحْمِيدَةً، وأَرْبَعٌ وثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً” (صحيح مسلم 596).

قوله معقبات أي الكلمات التي تُقال عقب/ بعد الصلاة ويأتي بعضها في عقب البعض، ولا يخيب قائلها أي لا يخسر.

الطريقة الرابعة

أصحاب القول بالصفة الرابعة أتبعهم أغلب الأمة الإسلامية في قولهم، صفة الذكر بعد الصلاة هو:

  • يقول المصلي (سُبحانَ اللهِ) عدد ثلاثًا وثلاثينَ مرة.
  • يقول بعدها (الحمدُ للهِ) عدد ثلاثًا وثلاثينَ مرة.
  • يكبر (اللهُ أكبَرُ) عدد ثلاثًا وثلاثينَ مرة
  • يختم الذكر بقوله: (لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ) مرة واحدة لتكون تمامَ المائةِ.

كما أن للمصلي أن يجمع بين الثلاث أذكار فيقول ( سبحان الله والحمد لله والله أكبر) عدد ثلاثًا وثلاثينَ مرة، ويقول: (لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ) مرة واحدة فقط (فتح الباري بشرح صحيح البخاري 5/249-250)

استدل أصحاب هذا القول بعدة أدلة صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ه مثل حديث عن أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: “عَنْ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَن سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وقالَ: تَمامَ المِئَةِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ” (صحيح مسلم 597)
زبد البحر هو ما يعلو موج البحر من رغوة، وهذه كناية عن كثرة الذنوب التي غفرها الله تعالى لعباده، مهما كثرت فإن الله غفور رحيم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: دعاء الصباح اصبحنا واصبح الملك لله وأذكار الصباح

قراءة القرآن بعد الصلاة

بعد أن انتهينا من الشق الأول من إجابة سؤال ماذا يقول المصلي عند انتهائه من صلاته   مباشرة وهي الأدعية والأذكار نصل إلى تلاوة القرآن فأيضًا من السنة أن يقرأ المسلم من القرآن بعد الصلاة، فيقرأ:

  • آية الكرسي لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ ، إلَّا الموتُ” (بلوغ المرام 97)

لما تحويه آية الكرسي من صفات العظمة لله عز وجل كانت أعظم آية في القرآن الكريم، وفي هذا الحديث الشريف يرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى تلاوتها بعد كل فرض (صلاة مفروضة) ويعدنا إن من يفعل ذلك يكون المانع له من دخول الجنة هي الموت فقط.

  • قراءة المعوذات الثلاث (سورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة الناس)، وذلك لحديث وارد عن عقبة بن عامر أنه قال: ” أمرَني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أن أقرأَ بالمعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ” (صحيح أبي داود 1523)، وقوله دبر كل صلاة أي بعد الانتهاء من الصلاة.

يجب التنويه أن كافة الآراء الواردة في الذكر الذي يٌقال بعد الانتهاء من الصلاة المروضة صحيحة، للمسلم أن يختار منهم ما يرتاح إليه قلبه، وأن هذا الاختلاف هو رحمة بالمسلمين وتخفيف على غير القادرين.

بذلك نكون قد نقلنا أقوال الفقهاء في إجابة سؤال ماذا يقول المصلي عند انتهائه من صلاته مباشرة من دعاء أو ذكر أو تلاوة قرآن، كما تناولنا في إيجاز كافة الأقوال الواردة في عدد التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلاة، ندعوا الله أن يتقبل منكم ومنا صالح الأعمال، والصلاة والسلام على سيد الخلق وشفعينا يوم الدين.

قد يعجبك أيضًا