من هو ذو القرنين

من هو ذو القرنين ولماذا سمي بهذا الاسم وما قصته وهل هو كان نبيًا مرسل من عند الله… الكثير من الأسئلة تدور حول ذلك الرجل، فقد تم ذِكره في القرآن الكريم في سورة الكهف؛ إذا هو كان موجود بالفعل لا مَحال، سنتناول بعض الإجابات المثبتة عنه في ذلك الموضوع على موقع زيادة.

من هو ذو القرنين ولماذا سمي بهذا الاسم

قبل الخوض في من هو ذو القرنين ولماذا سمي بهذا الاسم يجب علينا توضيح قاعدة أن العلم في الأمور الغيبية الموغلة في القدم لا تؤخذ إلا عن رب العزة علّام الغيوب وعن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى إليه، أو الكتب المنزلة من الله تعالى المحفوظة عن التحريف، والإسرائيليات وكتب السابقين منفي عنها هذا الشرط للأسف، لذلك سنتتبع السُبل الأولى في معرفة الواثقين في صحتها في معرفة من هو ذو القرنين ولماذا سمي بهذا الاسم..
أصدق القول فيما وصلنا إليه أن ذو القرنين كان ملكًا من ملوك الأرض، كان عبدًا لله صالح وموحد به، كان يطوف مشارق الأرض ومغاربها ليدعو إلى عبادة الله وحده ويُرسي قواعد العدل في أرض الله.

قاتل أعداء كُثر في سيبل نشره للإسلام إلى أن أرسى عدل الله ودينه في الأرض كلها، ذكره التابعي مجاهد بن جبر في تفسيره عندما قال: “ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر: مؤمنان وكافران، فالمؤمنان: سليمان بن داود وذو القرنين، والكافران: بختنصر ونمرود بن كنعان، لم يملكها غيرهم “ونقله عنه محمد بن جرير الطبري في جامع البيان في تفسير القرآن” (5/433).

اقرأ أيضًا: قصة ذي القرنين: من هو ذو القرنين؟ وقصة ذي القرنين في سورة الكهف

سبب تسمية ذو القرنين بهذا الاسم

أختلف العلماء في سبب التسمية، وهناك أقاويل كثيرة لا نرجح أحدها على الآخر لعدم وجود دليل على سبب تلك التسمية، من هذه الأقاويل:

  • أنه حكم قرنين من الزمان، أو عاش قرنين من الزمان.
  • أنه كان له نتوء على جبهته في الناحيتين يشب القرنين.
  • أنه حكم الشرق والغرب أي قرنين الشمس وذلك سمي بذو القرنين.
  • أنه كان له ضفيرتان من الشعر والضفيرة تسمى قرن.
  • أنه جمع بين قرني القوة، حيث بين القوة المتمثلة في الحكم والجيوش بجانب العلم الذي علمه الله إياه.
  • أنه كان له تاج له قرنين أو كان في الحروب يرتدي خوذة تحمي رأسه في الحروب لها قرنان عظيمان.

بجانب العديد من التفاسير الأخرى التي لا ثبت معقوليتها.

هل كان ذو القرنين ملك

اختلفت الأقاويل حول إذا كان ذو القرنين ملك فقيل عنه الآتي:

  • أنه كان ملك من ملوك الأرض عظيم له قوة وسلطان ومؤمن بالله.
  • أنه كان ملاك مرسل من السماء لإرساء العدل في الأرض.
  • أنه كان نبي من الله تعالى يوحى إليه.
  • أنه كان نبي ورسول من الله مبلغ بتوصيل رسالة الله تعالى ونشر الدين في الأرض.

ذلك من قول الحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله:

“وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقِيلَ كَانَ نَبِيًّا، وَقِيلَ: كَانَ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَة، وقيل لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا وَلَا مَلَكًا، وَقِيلَ: كَانَ مِنْ الْمُلُوك، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَر”.

أجتمع أغلب أهل العلم على الرأي الأول (القدماء منهم والمحدثين)، فقال عنه ابن كثير في “البداية والنهاية”:

“ذكر الله تعالى ذا القرنين هذا وأثنى عليه بالعد، وأنه بلغ المشارق والمغارب، وملك الأقاليم وقهر أهلها، وسار فيهم بالمعدلة التامة والسلطان المؤيد المظفر المنصور القاهر المقسط والصحيح: أنه كان ملكا من الملوك العادلين” (2/122).

من العلماء المحدثين الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى قال عنه في فتاوى على نور الدرب:

“هو ملك صالح كان على عهد الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ويقال إنه طاف معه بالبيت، فالله أعلم”.

بذلك فإن ذو القرنين كان ملك عادل أعطاه الله ملك وحكم وحسن بصيرة وحسن تصرف.

ذو القرنين في القرآن الكريم

ورد ذكر ذو القرنين في سور الكهف وعدله في الأرض وأنه يطوف الأرض لنشر دين الله، قال الله تعالى:

“وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَٰلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)” (الكهف)

تكمل السورة قصته مع يأجوج ومأجوج إلى الآية (98).

ذكر ذو القرنين في الحديث الشريف

ورد أكثر من حديث في ذكر ذو القرنين لكن أغلبهم أحديث ضعيفة أو في سندها علة أو المتن في كلام، لكن أصح حديث منهم ما روي عن أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

“ما أدْرِي أَتُبَّعُ كانَ لَعِينًا أمْ لا وما أدرِي ذُو القَرْنَينِ أَنَبِيًّا كانَ أمْ لا وما أدرِي الحدودُ كفاراتٌ لأهلِهَا أمْ لا؟” (أخرجه ابن حزم في المحلى 11/125)

يتحدث الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن قوم تبع المذكورين في قول الله تعالى:

“أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ” (الدخان 37) وعن ذي القرنين إذا كان نبيًا أم لا وعن الحدود كفارات لأهلها أم لا.

موضع الشاهد في موضوعنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:

“وما أدرِي ذُو القَرْنَينِ أَنَبِيًّا كانَ أمْ لا” أي أن ذو القرنين كان نبي يوحى إليه بجانب أنه ملك من ملوك الأرض أم إنه كان ملك صالح فقط.

اقرأ أيضًا: قصة الخضر عليه السلام ونسبه ومولده

وقفة مع الحديث

لكن هذا الحديث هناك حديثين آخران يتقاطعان معه في المعنى هنا:

  • عن سهيل بن سعد الساعدي ووهبة بن منبه والسيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“لا تسُبُّوا تُبَّعًا، فإنَّهُ كان قدْ أسلَمَ” (صحيح الجامع 7319)

  • عن عبادة بن الصامت أنه قال:

“أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: وحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِن أصْحَابِهِ: تَعَالَوْا بَايِعُونِي علَى أنْ لا تُشْرِكُوا باللَّهِ شيئًا، ولَا تَسْرِقُوا، ولَا تَزْنُوا، ولَا تَقْتُلُوا أوْلَادَكُمْ، ولَا تَأْتُوا ببُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بيْنَ أيْدِيكُمْ وأَرْجُلِكُمْ، ولَا تَعْصُونِي في مَعروفٍ، فمَن وفَى مِنكُم فأجْرُهُ علَى اللَّهِ، ومَن أصَابَ مِن ذلكَ شيئًا فَعُوقِبَ به في الدُّنْيَا فَهو له كَفَّارَةٌ، ومَن أصَابَ مِن ذلكَ شيئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فأمْرُهُ إلى اللَّهِ، إنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وإنْ شَاءَ عَفَا عنْه قَالَ: فَبَايَعْتُهُ علَى ذلكَ” (صحيح البخاري 3892).

فهذان الحديثان يتقاطعان مع ذكر قوم تبع بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم عنهم، وأنه لا يعلم إذا كانت الحدود تكفر الذنوب أم لا، فقال الفقهاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يدري عن تلك الأشياء المذكورة في الحديث الأول ولا ينطق إلا عن وحي يوحى إليه، فلما نزل الحق من الله في تلك الأمور عرفها للصحابة ونقلوها لنا.

هل ذو القرنين هو الإسكندر

الباحث حول من هو ذو القرنين ولماذا سمي بهذا الاسم عثر على معلومة غريبة، هي أن ذو القرنين هو الإسكندر الأكبر أو الإسكندر المقدوني الذي بنى مدينة الإسكندرية على شاطئ البحر المتوسط في مصر، وغزى الصين وبلاد فارس…

بالطبع هذا القول باطل مردود، لأن آثار الإسكندر تدل على أنه لم يكن مؤمن بالله بجانب التباعد التاريخي الكبير.. فالإسكندر المقدوني كان قريب من عهد سيدنا عيسى عليه السلام، وذو القرنين كان قريب من عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام وهناك فرق شاسع بين الزمنين، بجانب أن الإسكندر كان يوناني ومعلمه أرسطو، وذو القرنين كان عربي.

في ذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب (منهاج السنة النبوية) في الرد على من يقلون أن ذا القرنين كان أرسطو معلم الإسكندر أو هو الإسكندر ذاته:

” كان أرسطو قبل المسيح بن مريم عليه السلام بنحو ثلاثمائة سنة، كان وزيرا للإسكندر بن فيليبس المقدوني الذي غلب على الفرس وهو الذي يؤرخ له اليوم بالتاريخ الرومي، وتؤرخ له اليهود والنصارى، وليس هذا الإسكندر هو ذا القرنين المذكور في القرآن كما يظن ذلك طائفة من الناس، فإن ذلك كان متقدمًا على هذا وذلك المتقدم هو الذي بنى سد يأجوج ومأجوج، وهذا المقدوني لم يصل إلى السد، وذاك كان مسلمًا موحدًا وهذا المقدوني كان مشركًا هو وأهل بلدة اليونان كانوا مشركين يعبدون الكواكب والأوثان” (1 /220).

كذلك تناول الكثير من العلماء هذا الباب لكن يضيق المقام عن ذكر أقوالهم، ولمن أراد الاستزادة فليراجع:

  • “مجموع الفتاوى” (11 /171-172).
  • لشمس الدين ابن القيم الجوزي كتاب “إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان” (2 /263-264).
  • أبن كثير كتاب “البداية والنهاية” (2 /122-225).

اقرأ أيضًا: من هم يأجوج ومأجوج

بذلك نكون قد أجبنا على سؤال من هو ذو القرنين ولماذا سمي بهذا الاسم نقلًا من أقوال المؤرخين القدامى وعلماء الحديث والفقهاء المسلمين وهل كان الإسكندر الأكبر هو ذو القرنين المعروف أم لا، نرجو أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا