من أعمال اليوم العاشر من الحج

يوجد الكثير من أعمال اليوم العاشر من الحج، حيث إنه في ذلك اليوم تجتمع أكثر أعمال الحج وأهمها وأكثرها تقربًا لله عز وجلّ، لذلك على الحجيج مراعاة أدائها بشكل صحيح استنادًا إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة…

هذا ما نريد الحديث عنه من خلال موقع زيادة حيث سنقوم بسرد مجموعة من أعمال اليوم العاشر من الحج بشيء من التفصيل والتأكيد على ذلك من القرآن والسنة.

من أعمال اليوم العاشر من الحج

من أعمال اليوم العاشر من الحج

يسمى اليوم العاشر من الحج بيوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر الذي يحدث فيه أهم الأعمال والتي سنقوم بسردها على النحو التالي، وننوه أولًا أنه يجوز عدم السير على الترتيب ذاته لتلك المناسك، وإنما الترتيب يأتي اقتداءً برسولنا الكريم، لكن من لا يقوم بنفس الترتيب القادم ليس عليه حرج أو إثم.

إنَّ مناسك الحج ليست بالأمور الروتينية المفروضة والواجب أن يفعلها الحجاج دون فهم لمعناها أو الحكمة منها، فعندما نقول إنها من أركان الحج لا تكتمل إلا به، وجب علينا الإشارة إلى الركن المكمل لكل هذه المناسك والأركان ألا وهو النية الحاضرة، والإخلاص لله تعالى في كل قول وعمل.

اقرأ أيضًا: فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

التهليل والتكبير والتلبية

بعد أداء صلاة الفجر في المزدلفة، يقوم الحاج بالذكر والدعاء، وقبل أن تطلع الشمس يتوجه إلى منى، وهناك يستحب التهليل والتكبير والتلبية، حيث يقوم الحجاج بذلك طوال طريقهم إلى منى، حتى أن يقوم الحاج برمي جمرة العقبة وذلك في يوم النحر.

ندلل على ذلك بحديث شريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم:

“أنَّ أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه كانَ رِدْفَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عَرَفَةَ إلى المُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الفَضْلَ مِنَ المزْدَلِفَةِ إلى مِنًى، قالَ: فَكِلَاهُما قالَ: “لَمْ يَزَلِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُلَبِّي حتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ” (صحيح البخاري).

هناك حديث آخر عن عبد الله بن مسعود، حيث قال:

“والذي بعث محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم بالحقِّ، لقد خرجتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ، فما ترَكَ التَّلبيةَ حتى رمى جَمرةَ العقبةِ، إلَّا أن يخلِطَها بتكبيرٍ أو تهليلٍ” (صحيح) في إطار تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم للناس أحكام الحج وآدابه وسننه.

رمي الحصى

من أعمال اليوم العاشر من الحج أن يقوم الحاج بالتقاط حصى الجمار من الطريق والأفضل على وجه الخصوص أن يقوم بالتقاطه من منى، ولا جناح عليه إن أخذه من مزدلفة، كما يستحب أن يكون حجم حصي الرمي مثل حبة الباقلاء وهي ما بين حبة الحمص وحبة البندق، وأن يقوم بالتقاطها أفضل وأولى من تكسيرها.

إذا وصل الحاج لجمرة العقبة الكبرى يجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه، ويقوم برميها بسبع حصيات بشكل متتالي، على أن يقوم برفع يده عند رمي الحصاة ويقوم بالتكبير، فلا يقوم برمي الحصى دفعة واحدة، كما أنه يقطع التلبية عند آخر حصاة يقوم برميها.

نستدل من الحديث الشريف القائل:

“حدَّثَني عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيدَ أنَّه كانَ مع ابْنِ مَسْعُودٍ رَضيَ اللهُ عنه حِينَ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، فَاسْتَبْطَنَ الوَادِيَ حتَّى إذَا حَاذَى بالشَّجَرَةِ اعْتَرَضَهَا، فَرَمَى بسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مع كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَالَ: مِن هَاهُنَا والذي لا إلَهَ غَيْرُهُ قَامَ الذي أُنْزِلَتْ عليه سُورَةُ البَقَرَةِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ” (صحيح البخاري).

لا يجوز لأحد الحجاج أن يقوم بتوكيل أحدًا في رمي الجمار بدلًا عنه ما دام قادرًا لا عاجزًا ولا مريضًا، أو امرأة حامل تخشى على حملها فلها أن توكل أحدًا عنها في رمي الجمار.

توقيت رمي الحصى

جدير بالذكر هنا أن نذكر أن أفضل وقت يُمكن للحاج أن يرمي فيه جمرة العقبة الكبرى يتراوح من طلوع الشمس وحتى زوالها، وهذا ما اتفق عليه المفسرين.

عن جابر بن عبد الله قال:

“رَمَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الجَمْرَةَ يَومَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ” (صحيح مسلم).

قد قال البعض مثل ابن المنذر أن السُنة ألا يقوم الحاج بالرمي إلا بعد طلوع الشمس اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي الرمي قبل طلوع الفجر يعتبر مخالف للسنة ومن قام بذلك فلا يجوز الإعادة.

لكن يعتبر الرمي من بعد طلوع الشمس لمن كان لا رخصة له كالنساء والضعفة، في غير أول ليلة للنحر، حيث فيها لا يجوز بالإجماع على الجميع.

نشير إلى أنه لا يجب الوقوف عند جمرة العقبة بعد الانتهاء من رمي الحصريات السبع، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى جمرة العقبة ينصرف ولا يقف بعدها.

كما نشير إلى أنه ليس بمنى صلاة عيد، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِ صلاة جمعة أو عيد في السفر.

يقوم الإمام بالخطبة في منى بين الصخرات، حيث ينصح المسلمين ويشرع في تعليمهم مناسكهم، ذلك أيضًا اقتداءً برسولنا الكريم.

عن رافع بن عمرو قال:

“رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يخطبُ النَّاسَ بمنًى حينَ ارتفعَ الضُّحى علَى بَغلةٍ شَهْباءَ وعليٌّ رضيَ اللَّهُ عنهُ يُعبِّرُ عنهُ والنَّاسُ بينَ قاعِدٍ وقائمٍ” (صحيح).

اقرأ أيضًا: ما هو الحج الأصغر

التحلل الأول

إنه التحلل الأصغر، فبعد الانتهاء مما سبق سرده من أعمال اليوم العاشر من الحج من رمي جمرة العقبة الكبرى، يُباح للحاج كل ما كان محظور عليه بالإحرام فيما عدا جماع النساء، لذلك يُسمى بالتحلل الأول، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“إذا رمى أحدُكم جمرةَ العقَبةِ، فقد حلَّ له كلُّ شيءٍ إلا النساءَ” (صحيح).

بما أنه من المُستحب الترتيب في المناسك اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فوجب الرمي أولًا ومن بعده الذبح والنحر، ومن ثمَّ الحلق أو التقصير، ثم طواف الإفاضة وبعدها السعي للمتمتع، لكن إن أخل الحاج بهذا الترتيب فلا إثم عليه بحيث يُقدم ممسكًا على الآخر أو يؤخره في يوم النحر.

الذبح في يوم النحر

نأتي بعد ذلك إلى القيام بالذبح أو النحر، وهو عملٌ هام من أعمال اليوم العاشر من الحج، والسُنة أن يقوم الحاج بالنحر في منحر منى، لكن إن تعذر عليه ذلك فيجوز في أي مكان في منى أو مكة.

ندلل على ذلك من القرآن الكريم حيث قال الله تعالى:

“وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (الآية 36) سورة الحج).

كما قال عزّ وجلّ في سورة الحج أيضًا:

“ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (الآية 33)”

لفظة البيت العتيق في الآية الكريمة لا تعني القيام بالذبح والنحر في البيت العتيق لأنه طاهر وليس مكانًا للدماء، لكن المقصد أن يكون بمنى أو بمكة.

الهديُ الواجب عبارة عن شاة عن المتمتع والقارن على أن تكون خالية من العيوب وقد بلغت السن المناسب لذبحها، كما يجوز أن يشترك سبع حجاج في بقرة.

إن السُنة أن يتم الذبح باستقبال القبلة أي جعلها على الجانب الأيسر، ويأخذ المذابح السكين باليمين ويُمسك يدها باليسار حتى يسهل عليه الذبح، وعند الذبح نقول: “بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك وإليك، اللهم تقبل مني”.

كما نشير إلى أنه من المُستحب أن يقوم الحاج بالنحر بيده دون أن يجعل ذلك لذابح بدلًا منه، لكن لا حرج عليه إن فعل ذلك، كما أن له أن يأكل من ذلك الهدي ويقدم منه لأهله ويُطعم منه الفقير والمحتاج.

أحكام النحر

يعتبر وقت نحر الهدي أربعة أيام، وهم أيام عيد الأضحى، فهي المدة التي تبدأ بعد الرمي من يوم النحر وتظل حتى غروب الشمس من ثالث يوم من أيام التشريق.

في حال إذا لم يجد المتمتع أو القارن هديًا فعليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله، ذلك وفقًا لما قال به الله تعالى في سورة البقرة:

“فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (الآية 196).

إذًا فإنه بالنسبة لحاضري المسجد الحرام يتم استثنائهم من وجوب الهدي كما تسقط عنهم المتعة، لأن من يكن بالمسجد الحرام ميقاته مكة وبالتالي لا يحصل على الترفُّه بأحد السفرين.

اقرأ أيضًا: تعريف الحج

حول الحلق أو التقصير

بعد النحر، يقوم الحاج بالعمل التالي من أعمال اليوم العاشر من الحج، وذلك أن يقوم بحلق رأسه كله أو عليه أن يقوم بتقصيره كله، لكن الأفضل هو الحلق وليس التقصير، حيث رسولنا الكريم قد دعا للمُحلقين ثلاث مرات، ودعا للمُقصرين مرة واحدة، لذا فالحلق أبلغ في العبادة وأكثر خضوعًا لله تعالى وأكثر دلالةً على صدق النوايا.

علاوةً على أن حلق الرأس كله فيه إشارة إلى التجرد، وذلك يكون لله تعالى، لذا أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أفضل.

من المُستحب أن يبدأ الحلق بالشق الأيمن، أما بالنسبة للمرأة فبالتأكيد المشروع في حق المرأة التي تحج أن تقوم بالتقصير وليس الحلق، ذلك استنادًا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف:

“ليسَ على النِّساءِ حَلقٌ إنَّما على النِّساءِ التَّقصيرُ” (صحيح)

وهذا تمامًا ما تدعو له الفطرة ويؤيده المنطق لأن حلق النساء لرؤوسهنّ به تشبه بالرجال.

في طواف الإفاضة

يقوم الحاج بالتوجه من منى إلى مكة المكرمة من أجل أن يقوم بالطواف ببيت الله الحرام وذلك سبعة أشواط بين الصفا والمروة، على شرط وجوب حضور النية، حيث يقول صلى الله عليه وسلم:

“الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ، ولِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى” (صحيح البخاري).

هذا الطواف يُسمى بطواف الإفاضة أو الزيارة، وهو ركن هام لا غنى عنه في أركان الحج، فلا يتم الحج إلا بهذا الركن، فقد قال الله تعالى في سورة الحج:

“ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ” (الآية 29).

يكون طواف الإفاضة يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق، ولكن يجوز تأخيره أيضًا إلى الليل على شرط ارتداء لبس الإحرام من جديد كالهيئة السابقة في الإحرام، علاوةً على جواز تأخير الطواف إلى آخر يوم من أيام الحج.

من ثمَّ يقوم الحاج بصلاة ركعتين بعد أداء الطواف ويُستحب أن يكون ذلك خلف مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، فإن لم يتيسر يكون في أي مكان بالمسجد أو الحرم أو حتى الأرض، لكن المهم في الأمر هو أداء الركعتين في الوقت المحدد فلا يجوز نسيهما أو تأخيرهما.

اقرأ أيضًا: ما هي أفضل الأعمال في العشر ذي الحجة؟

التحلل الأكبر

بعد انتهاء الحاج من أعمال اليوم العاشر من الحج من طواف الإفاضة وما سبقها يُباح له كل ما كان محظورًا عليه، وهذا هو التحلل الثاني، وتم تسميته بالتحلل الأكبر حيث ليس فيه استثناء النساء كالتحلل الأول الذي أشرنا إليه سلفًا، إذًا فإنه بعد الطواف يحل للحاج الجماع بنسائه.

ما بعد القيام بالسعي

لا يشترط أن يكون السعي بعد الطواف بشكل مباشر، لكنه يُستحب، ونشير إلى أن آخر وقت للسعي هو نهاية شهر ذي الحجة، فمن لم يسعى بعد طواف القدوم عليه أن يسعى بين الصفا والمروة، فنجد أن:

  • المتمتع يسعى مرتين، مرة للحج ومرة للعمرة.
  • القارن والمفرد سعيهما واحد، وهو الذي يجمع بين الحج والعمرة.

يعتبر آخر ما يفعله الحجاج من أعمال اليوم العاشر من الحج، أن يقوم الحاج بصلاة الظهر في مكة المكرمة، ويُستحب أن يشرب من ماء زمزم ويدعو بما تيسر من الدعاء، وبعدها يعود لمبيته في منى، ولا يقوم بالبيات في مكة ليالي التشريق.

اقرأ أيضًا: شروط الحج والعمرة

بهذا ينتهي الحاج مما يجب أن يقوم به من أعمال اليوم العاشر من الحج، وهي أعمال فاضلة لا يكتمل الحج دونها، وعلى المؤمن الصادق أن يخلص نيته في كل ما يقوم به من أعمال تقربًا لله عز وجل، ونتمنى أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا