صلاة العيد في المنزل

صلاة العيد في المنزل من القضايا الفقهية التي يلجئ إليها عموم المسلمين نادرًا، فقط في أوقات الأزمات التي يصعب على الناس الخروج إلى الساحات لأداء الصلاة وللاحتفال بالعيد، كما أن هناك من المسلمين يحتاجون إلى معرفة رأي الفقهاء في حكم صلاة العيد في المنزل من كبار السن الذين لا يستطيعون الخروج للساحات.

لذا قد تناول الفقهاء حكم صلاة العيد في المنزل بالتحليل والتأصيل منذ القدم وهذا ما سننقله لكم في بهذا الموضوع على موقع زيادة بقدرٍ من الإجمال غير المُخِل.

صلاة العيد في المنزل

اختلف الفقهاء في الحكم الفقهي لصلاة العيد من حيث الوجوب أم الاستحباب أم أنها فرض كفاية … إلى ثلاث أقوال هم:

الرأي الأول

فقهاء المالكية وفقهاء الشافعية يرون أنها سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الرأي الثاني

هو رأي الإمام أحمد بن حنبل (فقهاء الحنابلة) أنها فرض كفاية على المسلمين (أي إذا أدها أحد المسلمين أو بعضهم في المكان لا يأثم البقية، وإذا لم يؤديها احد المسلمين في المجتمع يأثم الكل) ورد هذا الرأي في (المغني من مستودعات الفقه الحنبلي 3/253).

الرأي الثالث

مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله، ورأي وارد عن الإمام أحمد بن حنبل إنها واجب على كل مسلم، بالغ مكلف رجل، ويأثم من يتركها دون عذر.

اتبع الرأي الثالث عدد من الفقهاء المحدثين والمتأخرين أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية (في المجموع 5/5) ذلك لقوة أدلتهم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ماذا يقرأ في صلاة العيد داخل المنزل

أدلة الرأي القائل بأن صلاة العيد واجبة

استدل أصحاب الرأي الثالث بوجوب صلاة العيد على كل مسلم رجل مكلف بعدة أدلة أصولية من القرآن والسنة نحو:

الدليل الأول

قول الله تعالى في سورة الكوثر: “إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)”

يقول ابن قدامة في (المغني من مستودعات الفقه الحنبلي) أن المشهور في تفسير تلك الآية هو أن المقصود هو صلاة العيد.

إلا أن رد العلماء عليه أن المقصود في الآية هي الصلاة عمومًا وليست صلاة العيد؛ أي أن معنى الآية إفراد الله تعالى بالصلاة له والنحر له، مثل قول الله تعالى في سورة الأنعام: “قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)” وهذا التفسير الذي ذهب إليه ابن جرير الطبري في (جامع البيان عن تأويل آي القرآن 12/724).

على هذا لا يمكن الاستدلال بهذه الآية على وجوب صلاة العيد.

الدليل الثاني

في حديث طويل عن أم عطية نسمة بنت كعب رضي الله عنها أنها قالت

“كُنَّا نَمْنَعُ جَوَارِيَنَا أنْ يَخْرُجْنَ يَومَ العِيدِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ، فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ، فأتَيْتُهَا، فَحَدَّثَتْ أنَّ زَوْجَ أُخْتِهَا غَزَا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، فَكَانَتْ أُخْتُهَا معهُ في سِتِّ غَزَوَاتٍ، فَقالَتْ: فَكُنَّا نَقُومُ علَى المَرْضَى، ونُدَاوِي الكَلْمَى، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، أعَلَى إحْدَانَا بَأْسٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أنْ لا تَخْرُجَ؟ فَقالَ: لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِن جِلْبَابِهَا، فَلْيَشْهَدْنَ الخَيْرَ ودَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ. … قالَ: لِيَخْرُجِ العَوَاتِقُ ذَوَاتُ الخُدُورِ والحُيَّضُ، ويَعْتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى، ولْيَشْهَدْنَ الخَيْرَ ودَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ. قالَتْ: فَقُلتُ لَهَا: الحُيَّضُ؟ قالَتْ: نَعَمْ، أليسَ الحَائِضُ تَشْهَدُ عَرَفَاتٍ…” (صحيح البخاري 980)

العواتق: مفردها عاتق وهي المرأة التي بلغت الحلم وقاربت على الزواج.

ذَوَاتُ الخُدُورِ: الفتاة البكر.

فهذا الحديث دليل صريح على وجوب صلاة العيد والاستدلال به أقوى من الحديث السابق.

ولهذا قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في (مجموع الفتاوى 16/214) أن صلاة العيد فرض عين وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في (مجموع الفتاوى 13/7) أن صلاة العيد فرض عين وهذا أقرب الأدلة إلى الصواب في رأيه.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حكم صلاة العيد للنساء

التخلف عن صلا ة العيد بعذر

اتفق الفقهاء على أن لا شيء عن المتخلف عن صلاة العيد بسبب عذر وعليه أن يصليها في المنزل، فيرى الإمام الشافعي أن من فاته صلاة العيد يصليها منفردًا في البيت، سواء كان مسافر أو أمرأة أو عبد او منعه عذر آخر (مختصر الأم 125/8)

أما المالكية فيرون أنه من فاته صلاة الجماعة مع الإمام لأي سبب عليه أن يصليها سواء مفردًا أو في جماعة (شرح الخراشي 104/2) والحنابلة يرون أنه من فاتته صلاة العيد يصليها على الصورة التي يصليها الإمام في الجماعة، وهو مخير على أن يصليها في جماعة أو يصليها منفردًا ( المغني من مستودعات الفقه الحنبلي)

رأي اللجنة الدائمة للإفتاء في صلاة العيد في المنزل

قد أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء (8/306) أن صلاة العيد فرض كفاية فإذا أداها جماعة لا يأثم المجتمع الإسلامي.

إما من فاته الصلاة ويريد أن يقضيها فذلك مستحب، وقضاءها يكون على صفتها التي يصليها الإمام؛ واستدلوا في قولهم هذا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “… إذَا أتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعلَيْكُم بالسَّكِينَةِ، فَما أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وما فَاتَكُمْ فأتِمُّوا” (صحيح البخاري 635).

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: صفة صلاة العيد في البيت

صفة صلاة العيد

كما ذكرننا إن المسلم الذي فاته صلاة العيد في المنزل يصلي في البيت على نفس الصفة التي يصليها الإمام، وهيأتها كالتالي:

  1. الركعة الأول يكبر فيها المصلي سبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام
  2. يقرأ سورة الفاتحة وبعدها سورة “الأعلى” أو سورة “ق”.
  3. يكمل الصلاة كأي ركعة.
  4. في الركعة يكبر خمس مرات.
  5. بعد التكبير يقرأ سورة الفاتحة وبعدها سورة “الغاشية” أو سورة “القمر”.
  6. يكمل الصلاة كأي ركعة ف يغير صلاة العيد ويسلم بعد التشهد.

في الساحات خلف الإمام يخطب الإمام خطبة العيدين بعد الصلاة.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: كيف تصلي المرأة صلاة العيد في البيت

بذلك نكون قد نقلنا لكم أقوال الفقهاء في حكم صلاة العيد وحكم صلاة العيد في المنزل وصفة صلاة العيد سواء خلف الإمام أو في المنزل، ندعو الله أن يُعيد عليكم الأيام بالخير واليمن والبركات لا فاقدين ولا مفقودين، والصلاة والسلام على شفعينا يوم الدين.

قد يعجبك أيضًا